قضية عدم الانتماء أثارت أيضا حماس الباحثين والكتاب والشعراء خلال الفترة الأخيرة وهذا يدل علي خطورة تلك المشكلة وعواقبها الخطيرة حيث طالب الشاعر فاروق جويدة بضرورة البحث عن حلول سريعة لعدم تفاقم تلك الظاهرة، والحد منها، موضحا أن ما حدث في حريق مجلس الشوري من مشاعر غريبة تحدث البعض عنها باستحياء شديد بينما قال البعض الآخر بصراحة واضحة إن الشعب لم يخف مشاعر الشماتة تجاه حكومته وقد ظهر ذلك واضحا في تجمعات المواطنين في شارع قصر العيني ثم تأكد ذلك في كتابات كثيرة سواء في الصحف القومية أو الصحف الحزبية والمستقلة.. هناك بالفعل احساس بالشماتة يجعلنا نتساءل ما الذي أوصل المصريين إلي هذه الحالة وما أسباب هذه القطيعة بين الشعب وحكومته.. وأين مشاعر المروءة والمشاركة والانتماء التي كانت دائما تميز روح الإنسان المصري حيث كنا نجده في مقدمة الصفوف أثناء المحن والأزمات.. ما الذي جعله ينسحب بهذه الصورة وكأن الأمر لا يعنيه.. وكأن هذا الحريق الذي أكل جزءا عزيزا من تاريخه وتراثه لا يهمه من قريب أو بعيد. وأوضح جويدة أنه لابد أن تكون لدينا الشجاعة بأن نعترف بأن الإنسان المصري تغير في سلوكه ومواقفه ورؤيته للحياة والأشياء فإذا كان اليوم قد وجد نفسه بعيدا تماما عن أحداث ومواقف لا يشارك فيها فقد اعتاد أن يكون سلبيا في كل شيء فلم يطلب منه أحد أن يشارك في قرار أو صياغة قانون أو مواجهة أزمة أو مناقشة قضية فلا وجود لأحزاب سياسية أو تجمعات مهنية أو نشاط مدني. مضيفا أن وجود حالة من الانفصام بين الشعب وحكومته ترك مساحات كبيرة من عدم الثقة والشكوك والسلبية وصلت لدرجة أن بعض المسئولين عندنا يعتقدون انهم أمام شعب جاحد لم يقدر خدماتهم العظيمة في سبيل هذا الشعب في حين أن هذا الشعب يؤمن عن يقين أن هؤلاء المسئولين لم يكونوا علي مستوي المسئولية والأمانة ومراعاة حقوق هذا الشعب.. متسائلا كيف زادت هذه المشاعر بين المواطنين وتركت هذه الفجوة الواسعة بين الشعب وحكومته بين مسئولين يعتقدون انهم قدموا كل شيء.. ومواطنين يؤكدون انهم لم يأخذوا من حكومتهم أي شيء.. وهنا ستكون المبررات كثيرة.. مشيرا إلي أنه لا يجد سببا لتعجب البعض مما حدث لأن الذي جري للمصريين كلنا نعرف أسبابه ولكننا للأسف الشديد ورغم كل هذه الكوارث مازلنا نتجاهل الحقيقة محذرا من خطورة استمرار عدم الاستقرار لأن ذلك يولد عدم الانتماء. من جانبه يقول د. عمار علي حسن إن قضية الانتماء لأي مجتمع لا جدال فيها لأن من يمعن النظر في الاتجاه الأساسي الذي أخذته قيمة الانتماء في حياتنا المعاصرة يجد انها قد تعلقت بمسألة "الوطنية"، فجميعنا آمن بأن الانتماء إلي الأوطان، أرضا وتاريخا وحضارة، يمثل شحنة عاطفية وروحية تدفع المرء إلي العمل الجاد والمشاركة البناءة في سبيل تقدم ورفعة بلاده، وانه بغير هذا الشعور قد ينزلق الإنسان في الاتجاه المضاد، ويصبح متطرف التفكير والسلوك، بل وتثار علامة استفهام حول هدف حياته. وهناك مفاهيم مرتبطة بالانتماء أو تمثل درجة من درجاته، مثل الولاء، والالتزام، والاحساس بروح الجماعة والعضوية، والولاء ينبع من الحب التلقائي، المجرد من المصلحة، الذي يجعل الفرد يميل إلي التحدث والتصرف في القضايا العامة والدفاع عنها، خصوصا إذا كان لديه شعور بعدل القائمين علي الأمر. وقد ارتبطت فكرة الولاء بالحكومات أكثر من ارتباطها بأي تنظيم أو جماعة سياسية معارضة، فمن وجهة نظر الأمريكيين فإن الفكرة تبلورت في الإجراءات المدروسة التي اتبعها الرئيسان الأمريكيان ترومان وايزنهاور في ترسيخ ولاء أفراد الشعب لخدمة الحكومة، ولذا يعتبرون الشخص الموالي Loyalist.