تحولت الاحتفالية التى اقامتها امس الاول اللجنة الثقافية بنقابة الصحفيين لتكريم الشاعر والكاتب الصحفى فاروق جويدة الى استفتاء شعبى وجماهيرى على شعره وعلى اتجاهاته الوطنية التى التزم بها فى كتاباته واشعاره والتى كان لها دورها البارز فى تطورالحياه السياسية والثقافية فى مصر. واعرب جمع كبير من مثقفى مصر وفنانيها وسياسييها عن كامل تأييدهم لجويدة الذى وصفوه بانه "فارس الشعراء العرب" الذى استطاع ان يجسد آلام الامة وآمالها فى كتابات صادقة ومعبرة عن طموحات الشعب. واكد المشاركون فى الاحتفالية ان ماتعرض له جويدة مؤخرا بسبب مقالة الازمة او "المحنة" والتى تعرض فيها لقضية انعدام تكافؤ الفرص فى مصر وماترتب عليها من مسائلات قانونية لايستقيم والحرية التى تتشدق بها الحكومة خاصة فى ظل الظروف التى تمر بها مصر بل والامة العربية. فيما ابدى جويدة رضائه عن مشواره الادبى وعن الطريق الذى اختاره لنفسه وقال اننى رغم المحنة لم اخطئ الطريق واننى راض كل الرضا عن مشوارى الذى لن اتوقف عنه حتى النهاية. فى البداية اشار نقيب الصحفيين جلال عارف الى ان الاحتفاء بجويدة يأتى كاعتراف بقيمة الابداع والحرية التى حاول بعض اعداء النجاح ان يتربصوا لها وان يقف لها بالمرصاد فى محاولة لاغتيالها بل وارهاب اصحاب الاقلام الحرة والوطنية الخالصة مشيرا الى ان ماحدث لجويدة يعد خير دليل على ان الابداع لايتم فى غياب الحرية وان المبدع لايمكن له ان ينفصل عن قضايا امته وهمومها. ولفت عارف الى ان قضية الكفيل التى يعمل بها فى الدول العربية كانت مطروحة على اعمال المجلس القومى لحقوق الانسان وهو جهة تم انشاؤها بقانون حكومى الا ان المهتمين بقضايا الوطن كانت لديهم رؤية اخرى بضرورة النظر فى الكفيل داخل مصر والتى تظهر فى التعيينات والوساطات وغير ذلك من الامور التى اخلت بنظام تكافؤ الفرص امام افراد الشعب الى درجة وصلت الى حد انتحار الشباب وهو ماحرك جويدة لكتابة المقال الازمة. واكد عارف ان نقابة الصحفيين عندما خاطبت الجهات المسئولة لم تكن تريد اغلاق الباب او حفظ التحقيقات الظالمة فيما كتب جويدة وانما من اجل جعل ملف القضية مفتوحا امام الرأى العام معتبرا ان ماحدث ضد قيام الدول بمفهومها الصحيح والتى لاتقام بالشعارات وانما بالحرية والعدل. واشار رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب الدكتور مصطفى الفقى ان الامم المتحضرة دائما ماتسعى لرفعة شعرائها وتعتز وتتباهى بهم كما سعت قرطبة لرفع شعرائها وكذا فعلت بغداد وغيرها من عواصم العالم باعتبار ان الشعراء يمثلون ضمير الامة وتعبيرا عن مشاعرها ولذلك فان لهم مكانة لدى الشعوب يجب الا تنقص او تنتهك. ووصف الفقى اعمال جويدة بانها تعبير صادق عن الهموم القومية والآلام الوطنية وانه شاعر له كل تقدير وكاتب سياسي مرموق استطاع ان يتناول القضايا فى شجاعة ساعدته عليها خلفيته المهنية والثقافية. واعتبر الفقى ان الاساءة التى لحقت بجويدة لحقت بالشعر مؤكدا ان ماحدث لايعبر عن حق المواطن فى حرية الرأى والتعبير. واشار الى ان القضاء بطبيعته شامخا وان القضاء المصرى الذى بنى العدالة اكبر من ان يتحول لصراع شخصى او ان يحيل قضية عامة الى قضية شخصية ويتناول شاعرا ليكون موضع تحقيق. واكد ان للصحافة الحق فى اثارة المشكلات فهى سلطة رابعة تقف بجوار السلطات الثلاث الاخرى بموضوعية وعلى ذلك فان ادانة كاتب تعد ظاهرة تستحق المراجعة فاذا كانت الحاجة هى ام الاختراع فان الحرية هى ام الابداع. وقال رئيس لجنة الدراسات الادبية بالمجلس الاعلى للثقافة الدكتور صلاح فضل ان الصحافة ليست مجرد سلطة رابعة مقلمة الاظافر ولكنها صانعة التاريخ الحديث فهى التى تعلى من قامات الرجال العظام الذين صنعوا التاريخ خلال النصف الاول من القرن الماضى عندما تعرضوا فى كتاباتهم لمساوئ النظام حتى حصلت مصر على حريتها معتبرا ان ماحدث فى النصف الثانى من القرن الماضى اضاع ماتحقق فى نصفه الاول نتيجة تكبيل حرية الصحافة وعدم تفاعلها مع الفكر والابداع خارج المؤسسات الرسمية. واشار فضل الى ان جويدة يعد شاعرا مبدعا وكاتبا صحفيا كبيرا تميز نهجه الابداعى بالالتزام بالخط الذهبى الذى صنعه التواصل مع القراء وهو تواصل جمالى فعندما يكتب مقالاته السياسية فانه لايتنازل عن حلم الشاعر وحقه فى ان يتمسك بقيمه العليا. واكد فضل ان ماتعرض له جويدة بسبب مقالته يعد خير دليل على الانقلاب الدستورى فى اوضاع السلطات الاربع ففى الوقت الذى يجب ان تاتمر فيه السلطة التنفيذية بالسلطتين التشريعية والقضائية اصبح العكس هو الصحيح بان السلطة التنفيذية هى الآمرة وبالتالى تحولت السطات عن طبيعتها الدستورية فضاعت الحرية وانعدم التوازن الدستورى. واشار فضل الى ان المواقف البطولية التى صنعها جويدة هى المواقف التى تصنع بها المجتمعات الجديرة بالاحترام والتضحية من اجلها معتبرا ان الشعراء انضموا نظرا للظروف التى تمر بها البلاد الى صفوف الممارسة الادبية ومع ذلك لم يكتفوا بالحلم وهكذا تثبت مصداقية الفكر. وقالت الفنانة سميحة ايوب ان كتابات جويدة كانت تعبيرا صادقا عما يدور بداخلى سواء فيما يتعلق بالقضايا السياسية او الثقافية او حتى الاقتصادية فكان خير تعبير عن آلام واحلام المواطن المصرى الذى وجد فى كتاباته المتنفس والتعبير الحقيقى عما يريد ان يقول. ووصفت جويده بانه شاعر لم تحتضنه بلاده فقط وانما احتضنته الامة العربية جميعها لان اشعاره لم تكن تعبيرا عن آلام وآمال المصريين بل للعرب ايضا. ودافعت نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار تهانى الجبالى عن جويدة وقالت ان قلمك اغلى ماتملك الامة لانه صاحب الالتزام بالمعانى القومية والوطنية وانه القلم الذى يدافع عن المساوه وعن استقلال القضاء وهى حقوق دستورية غير قابلة للتجزئة ولا يمكن السماح لاحد بان ينتهكها. وتحدث الكاتب ونقيب الصحفيين الاسبق كامل زهيرى وقال ان المحن هى التى تصنع الرجال والعباقرة فكل صاحب فكر ورأى يتعرض للمحن لابد ان يكون منه رمزا وطنيا وكذلك فان المحنة التى تعرض لها جويدة منحته لقبا جديدا وهو " فارس الشعراء العرب" كما جاء بشهادة شعراء عرب قبل ان تأتى من شعراء مصريين. وقال ان الدفاع عن الرأى وحرية التعبير كانت من اهم القضايا والمعارك التى خاضتها نقابة الصحفيين منذ اواخر الستينيات واوائل السبعينيات وناضلت من اجلها. ورفض الزهيرى المنطق الذى تتعامل به الجهات المسئولة مع الصحفى واعتباره موظفا اداريا فى حين انه صاحب ضمير ورأى ينبغى عدم مصادرته طالما يصب فى الصالح العام. واعتبر ان المجتمع يشهد حالة لاوضاع معكوسة تيسطر فيها ظواهر غريبة تقوم على تصغير الكبير وتكبير الصغير وضرب بعضهما بالبعض الاخر وهو مايجر البلاد لازمة فكر وابداع حقيقية ان لم يتم التمسك بالتراث الوطنى. ودعا الشباب لتنفس التاريخ واستقرائه حتى يأخذوا منه عبرة ودروسا تفيدهم فى مسقبلهم باعتبارهم صناع المستقبل. ومن جانبه ابدى جويدة فى كلمته رضاه التام عن مشواره وعما فعله وقال فى كلمات مقتضبة : اننى راض عن مشوارى ولم اتعد حدودى ولو عاد بى العمر لسلكت نفس الدرب واخذت نفس الطريق لاننى كغيرى نعتز بالوطن ولاارى فى هذه الدنيا مكانا افضل من الوطن الذى نشعر مهما نعانى منه بانه اكبر منا واننا به نكتمل ونفخر وسيظل الامل والحلم هما القضية. واكد جويدة انه لم يشعر فى محنته بانه تجاوز فى احلامه وانه مازال مؤمنا بان مصر ستدخل افاقا اوسع وارحب تليق بالانسانية وبحضارة الوطن الذى يستحق التضحية وانه مهما تعالى البعض او اخلت منظومة القيم فان اسم مصر يظل عاليا وانه سيأتى اليوم الذى يدرك فيه المصريون انهم ينتمون لامة عريقة لها من التاريخ والحضارة مايفوق قوة الجحافل التى تعتدى على حرية الرأى والكلمة. واكد جويدة ان الامة زاخرة بشبابها القادر على تجاوز محنة الوطن نحو حرية كاملة وان الشباب الذى دافع عنه فى المقال " الازمة" او " المحنة" هو القادر وحده على ازالة تلك المحنة.