مع كل شهر يمر تزداد الحالة سوءا في شركات ديترويت الثلاث الكبري لصناعة السيارات جنرال موتورز وفورد وكرايزلر ويزداد مستقبلها غموضا وتقول ارقام شهر يولية 2008 ان حجم مبيعات الشركات الثلاث قد انخفض من 15.3 مليون سيارة في العام الماضي ليصبح 12.5 مليون سيارة هذا العام ومثل الشهور السابقة انخفضت مبيعات الشاحنات الصغيرة والسيارات الرياضية بنسبة 31% سنويا. وتقول مجلة "الايكونوميست" ان الامر لا يتوقف علي انخفاض المبيعات وانما يتخطي الي القدرة علي توفير الائتمان ولم تعد الشركات الثلاث قادرة علي تحويل اتفاقات التأجير، ومعروف ان السيارات المؤجرة تعود الي الشركة الصانعة بعد 3 سنوات وان الشركة الصانعة تعيد بيع هذه السيارات بالمزاد وغالبا ما تحقق من خلال المزاد بعض الارباح ولكن اسعار السيارات المستعملة قد انخفضت للأسف بنسبة 20% بالمقارنة مع اسعار العام الماضي، وعلي سبيل المثال فإن كرايزلر صارت تخسر 5 آلاف دولار في كل شاحنة تعيد بيعها بالمزاد ولذلك فاجأت كرايزلر المتعاملين بانسحابها من عمليات التأجير كليا، ورغم ان فورد وجنرال موتورز لم تتخذا نفس القرار بعد الا انهما فرضتا قيودا جديدة علي عمليات التأجير. وتذكر الارقام ان مبيعات جنرال موتورز خلال شهر يولية قد انخفضت بنسبة 32% مقابل انخفاض 34% في مبيعات كرايزلر ونحو 20% في مبيعات فورد خلال الشهر نفسه وان نصيب الشركات الثلاث من السوق الامريكي قد انخفض خلال الشهر المذكور بنسبة 43% وهو اكبر انخفاض من نوعه في تاريخ الشركات الثلاث. وقد جاءت ارقام المبيعات نذير سوء جديدا الي جانب ارقام الخسائر التي اعلنتها فورد وجنرال موتورز عن الربع الثاني من العام الحالي، فقد خسرت فورد 8.7 مليار دولار في حين بلغت خسائر جنرال موتورز 15.5 مليار دولار وهي ثالث اكبر خسارة تتكبدها الشركة خلال قرن كامل من الزمان، كما ان خسارة الشركتين معا في الربع الثاني من هذا العام تصبح بهذه الصورة 24.2 مليار دولار وذلك علي الرغم من كل ما تقوم به الشركتان من عمليات اعادة الهيكلة. ورغم ان كرايزلر كشركة غير مسجلة في البورصة لم تعلن ارقام الربع الثاني فإن الشائعات عن قرب تعرضها للافلاس دفعتها الي اصدار بيان قالت فيه ان عملياتها تسير علي نحو ما هو مخطط وان لديها الكثير من السيولة وهو بيان قوبل من المحللين بدرجة كبيرة من الشك. وفي هذا الاطار تقول مجلة "الايكونوميست" ان استمرار شركات ديترويت الثلاث الكبري في احراق ما لديها من سيولة بنفس المعدلات التي سادت خلال الاشهر الماضية سيعني تعرضها لكارثة في المدي المنظور ومرة اخري تقول الارقام ان جنرال موتورز علي سبيل المثال انهت الربع الثاني ولديها سيولة 21 مليار دولار ولكنها تأكل منها مليار دولار شهريا، ومنذ اسابيع قال باتريك ارتشامبولث الخبير في بنك الاستثمار جولدمان ساكس ان استمرار المعدل الحالي لاستهلاك السيولة سيعني انه لن يتبقي مع جنرال موتورز في نهاية العام القادم سوي 8.7 ملياردولار ما لم تقم ببيع بعض الاصول او جمع بعض الاموال، ولعل هذا هو ما دفع ريك واجونير الرئيس التنفيذي للشركة الي ان يعلن يوم 15 يولية عن خطط لخفض التكاليف بمقدار 2.5 مليار دولار الي جانب جمع 7 مليارات دولار اخري عن طريق الاقتراض وبيع بعض الاصول. أما شركة فورد فهي من حيث السيولة في وضع افضل قليلا فقد استخدمت في النصف الاول من العام الحالي 8 مليارات دولار، منها 4.5 مليار لتمويل صندوق الرعاية الصحية للعمال المتقاعدين ولديها الآن احتياطيات مالية تناهز 26.6 مليار دولار وقد أعلن رئيسها ألان مولوللي ان الشركة ستعود الي تحقيق الارباح قريبا كما اكد مديرها المالي دون لوكلير ان لديه السيولة الكافية لتمويل برنامج التعافي الذي وضعه مولوللي.. اضف الي ما تقدم فإن نصيب فورد من السوق الامريكي يبدو مستقرا عند 14% تقريبا بعكس الشركتين الاخريين كرايزلر وجنرال موتورز. وهكذا نستطيع القول ان فورد هي افضل الشركات الثلاث حالا من حيث القدرة علي انجاز برنامج اعادة الهيكلة قبل ان ينفد مخزونها من السيولة. وإذا كانت الشركات الثلاث تسابق الزمن من اجل العودة الي تحقيق الارباح فإن مهمة جنرال موتورز تبدو هي الافضل خصوصا انها سبق ان خسرت 70 مليار دولار خلال السنوات الخمس التي قضتها تحت قيادة رئيسها التنفيذي السابق واجونير.