رغم أن بيل فورد 48 عاما قد تربي علي التعاطف مع عمال شركة فورد موتور فإنه عندما اقتضت الضرورة قرر القيام بأكبر عملية إعادة هيكلة في الشركة سيفقد عشرات الألوف من العمال وظائفهم خلال السنوات القليلة القادمة. وتقول مجلة "تايم" إن بيل فورد استجاب لاحتياجات شركة أجداده من أجل الصمود في وجه المنافسة الشرسة من جانب شركات السيارات اليابانية والكورية.. ووضع كرئيس تنفيذي لشركة فورد موتور خطة إعادة هيكلة مؤلمة حيث قرر إغلاق 14 مصنعا من مصانع الشركة البالغ عددها 43 مصنعا والاستغناء عن 30 ألف عامل من جملة عمال الشركة البالغ عددهم 123 ألف عامل وذلك قبل حلول عام 2012. كما تستغني الشركة عن ثمانية من كبار مديريها التنفيذيين خلال الشهرين القادمين ليصبح عددهم 45 مديرا بدلا من 53. وتستهدف عملية إعادة الهيكلة وقف خسائر شركة فورد التي بلغت 1.6 مليار دولار قبل خصم الضرائب في عام 2005 في السوق الأمريكية لسيارات الركوب. والحقيقة أن بيل فورد عندما أصبح رئيسا لمجلس إدارة فورد موتور عام 2000 ورئيسا تنفيذيا للشركة منذ عامين كان أول واحد من عائلة فورد يقود الشركة في التسعة عشر عاما السابقة، وكان كثيرون يرون أنه غير أهل لقيادة شركة بهذا الحجم العملاق ولكنه بذل كل ما في وسعه لإصلاح فورد موتور دون أن يتخلي عن ثقافتها المنحازة لحقوق العمال.. ومع ذلك فقد اضطر بيل فورد أخيرا إلي اتخاذ تلك القرارات الصعبة التي ستلقي بعمال الشركة في الشارع. ولابد من الاعتراف بأن أزمة فورد موتور هي أزمة لصناعة السيارات الأمريكية كلها وأن كل الشركات الأمريكية تخسر في سيارات الركوب بينما الشاحنات كانت تكسب دائما.. وقد تفاقمت أزمة شركات السيارات الأمريكية بعد غزو الشركات اليابانية والكورية للسوق الأمريكية وتحقيقها مكاسب سنوية مستمرة في الجودة والربحية وفي نصيبها من السوق الأمريكية. ويقول بيل فورد إن المطلوب هو استعادة الثقة داخليا وخارجيا في الشركة حتي تستطيع أن تقف علي قدميها وتعود إلي تحقيق الأرباح مرة أخري.. ورغم أن خطة بيل فورد لإصلاح الشركة تستهدف خفض التكاليف فإن هناك من المحللين من يري أن مشكلة فورد موتور مشكلة إيرادات وليست مشكلة تكاليف.. فالحجم الإجمالي لمبيعات الشركة بلغ 164 مليار دولار في عام 2003 ولكنه انخفض إلي 150 مليار دولار فقط حسب تقديرات عام 2006. كذلك فإن نصيب فورد موتور من السوق الأمريكية للسيارات قد انخفض من 24.1% عام 2000 ليصبح 4.17% فقط في عام 2005 أما شركة جنرال موتورز فقد انخفض نصيبها من 28.3% ليصبح 26.2% خلال نفس فترة المقارنة. أضف إلي ذلك أن مصانع فورد لا تعمل بكامل طاقتها فقد أنتجت الشركة في العام الماضي 3.15 مليون سيارة في حين أن طاقتها الحقيقية هي 3.9 مليون سيارة أي أن نسبة التشغيل لا تتجاوز 79% كذلك فقد انخفض سعر سهم شركة فورد موتور في عام واحد بنسبة 39% مضيفا علي المستثمرين وحملة الأسهم نحو 10 مليارات دولار من ثرواتهم. ورغم كل شيء تقول مجلة "تايم" إن فورد موتور أفضل حالا من جنرال موتورز ربما لأنها أصغر حجما بمقدار الثلث في السوق الأمريكية.. كما أن جنرال موتورز تقف علي هاوية الإفلاس في حين أن فورد موتور لاتزال تكسب في مجملها بفضل مبيعاتها من الشاحنات ومن سيارات الركوب في الخارج. وعموما فإن تكاليف الرعاية الصحية والمزايا الأخري للعاملين والمتقاعدين تكلف شركات السيارات الأمريكية الكثير من الأعباء فهي تكلف جنرال موتورز 930 دولارا عن كل سيارة وتكلف فورد 560 دولارا عن كل سيارة في حين لا تكلف تويوتا سوي 110 دولارات عن كل سيارة. وفي حديث الأرقام أيضا نجد أن فورد تخسر 208 دولارات عن كل سيارة ركوب تبيعها في السوق الأمريكية في حين تكسب تويوتا 1698 دولارا عن كل سيارة. وغاية القول أن بيل فورد لديه الاَن خطة متكاملة الأبعاد لإنقاذ فورد موتور وتقوم هذه الخطة علي خفض التكاليف وتقديم العديد من الموديلات الجديدة وإنتاج سيارات تستخدم وقودا صديقا للبيئة. وتؤكد "تايم" أن موديلات فورد موتور في عام 2007 ستكون كثيرة ومتنوعة وستمثل أوسع خطوة علي طريق نجاح خطة الإصلاح. وفي ذات الوقت فإن بيل فورد وخطته للإصلاح يحظيان بتأييد عائلة فورد التي تمتلك وحدها 40% من أسهم الشركة التي لها حق التصويت في الجمعية العمومية.. وإذا نجح بيل في إصلاح فورد موتور فسيكون نموذجا يحتذي به لإنقاذ صناعة السيارات الأمريكية كلها وسيصبح بيل شخصية تاريخية مثل جده هنري فورد مؤسس الشركة وأحد الاَباء العظام للرأسمالية الصناعية في الولاياتالمتحدةالأمريكية.