رغم ما سبق من أزمات تمر علي الحكومات المصرية منذ عشرات السنوات.. أعلن صندوق النقد الدولي انه رصد مجموعة من المؤشرات الايجابية التي تؤكد تحسن اداء الاقتصاد المصري خلال العام المالمي 2006 2007 وهو ما انعكس في الحفاظ علي معدل نمو مرتفع. في حين اعلن الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء ارتفاع معدل التضخم خلال يولية الماضي الي 23.1% مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي 2007 وهذا المعدل هو الاعلي منذ 16 عاما. وبذلك تسجل مصر اعلي معدل تضخم علي مستوي الاقتصادات الصاعدة في العالم تليها اندونيسيا التي جاءت في المركز الثاني عالميا بمعدل تضخم بلغ 11% وفي تايلاند وصل الي 9.8% وفي كوريا الجنوبية الي 5.5% بينما سجلت الصين اقل معدل تضخم حيث وصل الي 1.7% فقط. واشار تقرير مركز معلومات رئاسة الوزراء لشهر يولية 2008 الي انخفاض رصيد الميزان التجاري في مصر بنحو 2.22 مليار دولار وانخفاض الصادرات المصرية بنسبة 7.1% رغم ارتفاع الصادرات الزراعية بنسبة8.9% وارتفاع صادرات الوقود بنسبة 1.27%. والملاحظ في الاونة الاخيرة توسع البنوك في نشاط التجزئة المصرفية للقروض الشخصية للافراد لشراء السيارات والسلع المعمرة باعتباره اكثر ربحا واقل مخاطرة حيث يؤكد خبراء الاقتصاد ان البنوك العربية والاجنبية التي دخلت السوق مؤخرا تستهدف تخصيص 50% من محفظة الائتمان لديها للقروض الشخصية وقد بلغت نسبة النمو في قروض التجزئة 23% بينما لا تتعدي نسبة النمو في القروض الموجهة للاستثمار في المشروعات 7% فقط. ولم يجد رفع الاجور بنسب ضئيلة في معادلة هذا المعدل الكبير من التضخم بعد ان قابلها ارتفاع كبير في اسعار السلع الاساسية مما زاد من معاناة الجميع ونتج عنه ركود البضائع وكسادها في الاسواق فلماذا لا يشعر المواطن بآثار النمو الاقتصادي المزعوم وكيف يستثمر امواله في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة؟ تضخم وقروض يؤكد الدكتور شريف دلاور استاذ الاقتصاد بالاكاديمية البحرية بالاسكندرية ان ارقام وقياسات صندوق النقد الدولي لا تدل علي واقع السوق المصري والدليل علي ذلك قيام البنك المركزي بسحب سيولة من السوق تقدر بحوالي 62 مليار دولار ورفع سعر الفائدة عدة مرات لتقليل نسب التضخم في السوق كما عادت ظاهرة شركات توظيف الاموال والنصب علي المواطنين مرة اخري، نتيجة لعدم وجود مشروعات حقيقية يستطيع الافراد استثمار اموالهم من خلالها، فالسوق المصرية اصبحت مفتوحة لجميع انواع السلع الاستهلاكية من شتي دول العالم مما قضي علي مستقبل الصناعات الصغيرة وادي الي فشل تجربة الصندوق الاجتماعي لمساعدة الشباب والتي لم تستطع الصمود امام احتكارات الشركات العالمية الكبري للسوق المصرية "مثل صناعة المنظفات الصناعية" كما انتشرت تجارة السوبر ماركت لشركات كبري مثل شركة مترو وكارفور في حين نجد دولة بحجم اليابان متقدمة صناعيا ولكن لاتزال تضع قيودا علي التجارة الداخلية فلا يستطيع الامريكان النفاذ الي اسواقها فتجارة التجزئة شديدة الخطورة علي اقتصاد الدول. ويضيف دلاور ان الشركات الخليجية والاجنبية الكبري التي دخلت السوق مؤخرا تعتمد علي القروض التي تحصل عليها من البنوك المصرية ولم تأت بأموال من الخارج لاستثمارها لدينا بل العكس تتحول ارباحها الي الخارج. ائتمان وسيارات ويحذر الدكتور شريف البنوك من التوسع في بيع السيارات بنظام الائتمان والذي يشهد اقبالا رهيبا من الطبقة الوسطي ذات الدخل المحدود علي الشراء اذ يخشي ان تحدث ازمة شبيهة بما تعرض له الاقتصاد الامريكي في التمويل العقاري ويتساءل هل اذا تعثر المقترضون في السداد نتيجة لتباطؤ الاقتصاد سوف تقوم البنوك باسترداد السيارات مرة اخري؟. فالصورة مظلمة وسوف تستمر مالم تتم اعادة النظر في السياسات الاقتصادية الحالية، والتخلص من البيروقراطية في التعامل مع المستثمرين وتوفير الاراضي اللازمة لاقامة المشروعات الجديدة. أما الدكتور سمير سعد مرقص استاذ المحاسبة والضرائب بالجامعة الامريكية فله رأي مختلف فهو يري ان التنمية بحاجة لوقت اطول حتي يشعر المواطن بآثارها فقد قامت الحكومة بعدة اجراءات لتشجيع الاستثمار مثل تخفيض معدلات الضريبة المرتفعة من 42 الي 20% فقط وحددت الفترة الزمنية للحصول علي تراخيص المشروع في خلال 15 يوما فقط بدلا من عام وعامين كما كان في الماضي كما اتبعت نظام الشباك الواحد لانهاء الاجراءات والتسهيل علي المستثمرين وساعدت سياسة طرق الابواب علي جذب استثمارات جديدة حتي وصلت الي 47.5 مليار دولار سنة 2008 فعلي حد قوله ارتفعت معدلات التنمية في مصر من 6.1 الي 7.5 %خلال 18 شهرا علما بأن النمور الاسيوية لم تتجاوز معدلات نموها 9%.