ليس هناك جديد في احتفالات مصر شعبا وحكومة بذكري ثورة يوليو.. كل الأحاديث معادة وكل الحكايات قرأناها آلاف المرات.. ماذا حدث ليلة قيام الثورة.. وكيف سبق يوسف صديق رفاقه واتجه بقواته إلي قيادة الجيش وكيف تم طرده وسجنه بعد أن نجحت الثورة.. وماذا حدث للرئيس محمد نجيب وكيف أكلت ثورة يوليو جميع أبنائها وكيف اختفي الرئيس السادات بعيدا عن الأعين حتي مات جمال عبد الناصر ليرث كل شيء بعده.. أحداث كثيرة شهدتها مراحل الثورة وبين قيامها وأحداثها وما بين أربعة رؤساء حكموا مصر وتركوا علي تاريخنا الحديث علامات كثيرة.. والغريب في الأمر أنه رغم مرور كل هذا الزمن ورغم اختفاء رموز الثورة إلا أن الخلاف مازال جاداً وعميقا حول الثورة نفسها وهل كانت بالفعل ثورة أم انها بدأت انقلابا عسكريا حمل بعض الأفكار التي قيل إنها ثورة.. هناك رأي يري أن حركة الجيش في 23 يوليو لم تكن ثورة بالفعل ولكنها كانت تمرداً قام به بعض أفراد قواتنا المسلحة.. لقد اختفت تماما الوثائق الرئيسية للثورة بل إن تاريخ مصر في الخمسين عاما الماضية مازال حتي الآن غير معروف وواضح ولهذا فإن أهم خدمة نقدمها لثورة يوليو أن نكشف تاريخها الحقيقي بعيدا عن دفاع الحواريين أو هجوم الرافضين.. هناك فريق يدافع عن الثورة بعنف وهناك فريق يهاجم بضراوة ولكن الذي ينقصنا بالفعل أن نري وجهة نظر محايدة تكشف الحقائق ولا تزور الأحداث. ومنذ سنوات كتبت سلسلة مقالات في الأهرام بعنوان "من يكتب تاريخ ثورة يوليو" ويومها تلقيت ردودا وتعليقات من 20 شخصية سواء ممن شاركوا أو ممن تعاطفوا أو رفضوا الثورة.. نشرت كل هذه الآراء حتي من خالفني الرأي ومازلت اعتقد اننا في حاجة لقراءة أمينة وموضوعية للثورة بكل سلبياتها وإيجابياتها والغريب اننا نكتب هذا الكلام ولم نفعل شيئا.. ومازالت احتفالات ذكري ثورة يوليو تأتي إلينا كل عام دون أن نجيب عن هذا السؤال: هل كانت ثورة أم انقلابا؟