فقدت الصحافة المصرية والعربية أحد فرسانها الكاتب الصحفي الكبير الأستاذ علي عمر الذي قدم بتواضع شديد إسهامات هائلة في بلاط صاحبة الجلالة، خاصة في مجال الصحافة الاقتصادية. أما خسارة "العالم اليوم" فهي مضاعفة لأن الأستاذ علي عمر كان واحدا من الرعيل الأول الذي تشكلت الجريدة الاقتصادية اليومية الأولي في مصر علي أيديهم وكان اسهامه متميزا في تحويل هذا الحلم إلي حقيقة وفي رسم معالم صحافة جديدة متخصصة ثم في تطوير هذه الصحيفة علي امتداد سنوات صدورها التي ناهزت -حتي الآن- ستة عشر عاما. وخلال هذه الأعوام الستة عشر كان الأستاذ علي عمر مثالا للتواضع والأدب الجم، والأبوية الحانية علي تلاميذه وأبنائه الصحفيين الشبان لا يبخل عليهم بخبرته، ولا يضن عليهم بنصيحة أو رأي والأهم انه كان نبراسا لهم ولجميع الصحفيين بخاصة المشتغلين بالصحافة الاقتصادية في النزاهة وطهارة اليد وعفة اللسان وتوخي الدقة، والحرص علي الفصل بين التحرير والإعلان وبين الخبر والرأي. وإلي جانب قيامه بمهامه اليومية كمدير عام للتحرير للشئون العربية كان الأستاذ علي عمر يطل علي القراء بعموده اليومي المحترم "باختصار" وهذا العمود يستحق دراسة شاملة لتحليل المضمون وتبيان الرؤية الاقتصادية لهذا الكاتب الصحفي الكبير. ومن يتابع هذا العمود اليومي بانتظام يشعر بأن الأستاذ علي عمر ربما أحس باقتراب نهاية المشوار حيث تحول العمود الي ما يشبه "الوصية" حتي العناوين التي كان يختارها له كانت توحي بذلك بشدة مثال ذلك "مشاهدات طائر حزين علي مصر" وقبله "مشاهدات طائر علي نبض الشارع". وأخيرا.. وبعد رحلة طويلة وشاقة ومرهقة في بلاط صاحبة الجلالة رحل عنا علي عمر "الطائر الحزين علي مصر" الطائر الذي ظل مصغيا لنبض الشارع.. الطائر المعلق بين الأمل والرجاء. مثل هذا الطائر النبيل.. لا يمكن ان توفيه الكلمات حقه.. وعزاؤنا انه ترك تلامذة وكتيبة من أبنائه الصحفيين الشبان الذين سيواصلون مسيرته. وطبت حيا وميتا.. أيها الكاتب الصحفي الكبير.. ووداعا يا أستاذ علي عمر. العالم اليوم