المعاهد العليا للتعاون الزراعي والتي يبلغ عددها اثنين، احدهما المعهد العالي للتعاون الزراعي بشبرا الخيمة والآخر بأسيوط، ليست أفضل حالا او حظا من التعليم الفني الزراعي. فالمناهج الدراسية غير مواكبة للعصر والمعامل غير موجودة وفرص العمل نادرة فما هو مصير هذه المعاهد؟ يري د. محمد حلمي بلال - رئيس لجنة قطاع المعاهد الزراعية الخاصة - انه لا يمكن الاستغناء بأي حال من الاحوال عن هذه المعاهد الخاصة بوصفها جهة تعليمية تسعي إلي تلبية حاجة سوق العمل في المجال الزراعي، مؤكدا ان الهدف الاساسي المفترض تحقيقه داخل هذه المعاهد هو اعداد متخصصين في مجالات الاقتصاد الزراعي والتعاون والتسويق وادارة المشروعات الزراعية والقطاع التعاوني. وان كان الواقع يشير إلي تقصير هذه المعاهد العليا للتعاون الزراعي في توفير فرص حقيقية للتدريب العلمي للملتحقين، الا ان هذا لا يعني إغفالهم لمبدأ التطوير فيما يختص بالمقررات الدراسية ومحاول الاتفاق مع مجموعة من مصانع ومزارع القطاع الخاص لتدريب وتأهيل الطلبة، كما ان هناك اقتراحا بأن يقوم الطالب بالمعهد باستكمال دراسته عقب حصوله علي بكالوريوس الزراعة. علي ان تكون مدة هذه الدراسة ستة اشهر يحصل بعدها علي شهادة الدبلومة المتخصصة في أحد القطاعات الملحة التي يتطلبها سوق العمل ويقتضيها التطور الحديث في عالم الزراعة. وعن التأخير في تطبيق هذه الاستراتيجية الجديدة رغم مرور 25 عاما علي تأسيس هذه المعاهد العليا، يوضح د. محمد انه لم تكن هناك حاجة منذ سنوات للتطوير حسب ما يقتضيه سوق العمل ولكن مع تغير الظروف هناك ضرورة ملحة لتطوير المناهج مؤكدا ان خريج المعاهد العليا للتعاون الزراعي يتميز عن نظيره بكلية الزراعة انه أكثر تخصصا في مجال الارشاد الزراعي والقطاع التعاوني كما انه أكثر قدرة علي التطبيق المباشر والانتاج في هذين القطاعين بحكم دراسته. ويوضح د. محمد بلال ان تطوير المناهج يحتاج إلي اموال كثيرة فإقامة شعب تخصصية جديدة مثل الهندسة الزراعية علي سبيل المثال يحتاج إلي تكلفة كبيرة. مؤكدا اننا اذا كنا ننشد المزيد من التطوير لهذه المعاهد والنهوض بمستوي خريجيها، ينبغي اولا ان يتم التنسيق مع كليات الزراعة وتخصصاتها المختلفة لربط المقررات الدراسية لها بتلك التي تدرس بالمعاهد، كما يتعين استغلال رسوم التسجيل داخل المعاهد لتحسين جودة التعليم لتواكب المستوي العالمي، كما ينبغي عقد امتحان تأهيلي للطالب الملتحق بالمعهد قبل البدء في الدراسة للتعرف علي مدي استعداده وتقبله للمجال الزراعي. برامج جديدة ويتفق د. محمود البولك - مقرر لجنة قطاع المعاهد الزراعية الخاصة - مع الرأي السابق في سعي المعاهد العليا للتعاون الزراعي إلي التطوير وتبني برامج جديدة مختلفة تشمل الانتاج الحيواني والتصنيع الزراعي والصناعات الغذائية ووقاية النبات من الآفات والامراض، وكلها برامج جديدة في طور الانشاء وتهدف إلي الارتقاء بمستوي المعاهد الزراعية. مؤكدا انه رغم تحفظه الشديد علي الاعداد المهولة التي يتم تخريجها سنويا من هذه المعاهد الا انها لا تسبب اي تأثير علي فرص توظيف خريجي كليات الزراعة لأنهم ببساطة متخصصون في شعبة شديدة الخصوصية وهي التعاون الزراعي. علي الجانب الآخر ما هي رؤية اساتذة كليات الزراعية لخريجي المعاهد الزراعية العليا.. يري د. علي نجم - عميد كلية الزراعة بجامعة القاهرة - أن ثمة فارقا كبيرا لا يمكن إغفاله بين خريجي كلية الزراعة ونظرائهم من خريجي المعاهد من حيث المهارة وتلقي المعلومة، إلا أن هذا لا ينفي أن هذه المعاهد تتمتع بقدر كبير من الخصوصية في مجال التعاون الزراعي، ويشير د. نجم إلي أن التطور الاقتصادي الحادث حاليا والتحول إلي اقتصاديات السوق الحر أصبح لا يحتاج إلي نفس الأعداد الكبيرة الملتحقة بمعاهد التعاون الزراعي. مؤكدا أن لذلك تأثيرا كبيرا علي فرص توظيف خريجي كليات الزراعة وأيضا علي المكانة الاجتماعية للزراعيين مثلهم مثل خريجي المدارس الثانوية الزراعية ومعهد الكفاءة الإنتاجية، فهؤلاء جميعا يتمتعون بعضوية نقابة المهن الزراعية، والمفترض أن يكون للنقابة موقف حاسم في هذا الشأن وأن تشترط نقابة الزراعيين، أن يحصل الخريج علي تصريح مزاولة المهنة أسوة بما يحدث في نقابة الأطباء مثلا علي أن تعطي النقابة هذا التصريح بعد أن تتأكد تماما من إجادة الخريج للمهارات والمعارف المطلوبة لأداء الوظيفة بشكل سليم. والمشكلة أنه لا يوجد توصيف وظيفي دقيق ومحدد للوظائف التي يشغلها خريجو الزراعة بمجالاتها المختلفة. ويوضح د. صلاح مقلد - أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة عين شمس - أن هذه المعاهد العليا للتعاون الزراعي لا تخرج عن كونها مجرد "بيزنس" تصل فيه جملة المصروفات حوالي ثلاثة آلاف جنيه سنويا في نفس الوقت فإن إمكانياتها العلمية قليلة للغاية والمحصلة النهائية هي خريج مستواه التعليمي متدن ورغم ذلك ينافس خريج الكلية في سوق العمل. ويؤكد د. مقلد أن أزمة المعاهد الخاصة تتمثل في حرصها علي فتح مجالات جديدة للاستحواذ علي أكبر عدد ممكن من الطلبة وساعد علي ذلك عدم خضوعها للتنسيق، وهذه المكاسب المالية دفعتهم للتفكير في إتاحة مجالات مستحدثة أمام طلاب الشعبة الأدبية تحت مسميات مستترة مثل شعبة الحاسب الآلي والمعاملات التجارية هذا بخلاف الأعداد الغفيرة التي تلتحق بهذه المعاهد والتي تقابلها أعداد قليلة من أساتذة التدريس، ومعامل غير مسطورة فتكون المحصلة النهائية خريجاً غير مؤهل لتلبية متطلبات سوق العمل الحديث. ويضيف د.مقلد أن هذا هو السبب في اشتراط وزارة الزراعة ومعهد الصحاري مؤخرا لتعيين الخريجين من كلية الزراعة ووقف التعامل مع خريجي هذه المعاهد مؤقتا. ويطالب د. صلاح مقلد بضرورة إعادة النظر من قبل الجهات العليا في تقييم المقررات الدراسية في هذه المعاهد إذا كنا ننشد بحق الارتقاء بمستوي خريج الزراعة وتطبيق نظم الجودة في التعليم الزراعي بشكل عام.