علي الرغم من الخلافات الكبيرة والاتهامات المتبادلة بين الدول المنتجة الرئيسية والدول المستهلكة للبترول بشأن الارتفاعات الجنونية في سعر البترول إلا أنهم يتفقون علي أن سعر البترول قد تجاوز المستوي المسموح به ويشكل تهديدا خطيرا للاقتصاد العالمي ويتعين عليهم أن يقوموا بالتعاون المشترك من أجل حل الأزمة الحالية. تقول صحيفة الفاينانشيال تايمز في تقرير لها إن ما شهدته السنوات القليلة الماضية من تواصل ارتفاع أسعار البترول وتصاعدت الاضطرابات في الأسواق الآجلة الدولية للبترول الخام كانت كلها أمور تنبئ عن قرب حدوث أزمة عالمية في أسعار البترول بدأت مظاهرها في أوائل هذا العام عندما وصلت أسعار عقود البترول الخام الآجلة في سوق نيويورك إلي 100 دولار أمريكي للبرميل واستمرت مظاهر الارتفاع إلي أن وصلت إلي مستويات جنونية تجاوزت ال 130 دولارا أمريكياً للبرميل في عقود الأيام الحالية. وتابعت: إن أزمة الارتفاع الرهيب في أسعار البترول جعلت العديد من المؤسسات الدولية تطلق تحذيرات بأنه بعد أزمة الرهن العقاري في الولاياتالمتحدة وتباطؤ سرعة النمو في المجموعات الاقتصادية الرئيسية في الغرب لأن تواصل ارتفاع أسعار البترول والغذاء والمواد الأخري ومشكلة التضخم العالمي الناجمة عن هذا الارتفاع تشكل تحديات كبيرة أمام الاقتصاد العالمي. وأضافت: لإيجاد حل لأزمة ارتفاع سعر البترول فإنه ينبغي علي الدول المنتجة والمستهلكة أن تدرك أولا أن سعر البترول المرتفع له تأثيرات سلبية علي جميع الدول في العالم ولذا يجب علي الأطراف المتعلقة أن تتناول هذه الأزمة من خلال التعاون المشترك ما من شأنه ضمان مواصلة النمو الاقتصادي العالمي حيث تتفق هذه الجهود مع المصالح المشتركة لجميع الأطراف. وكشفت أنه رغم أن التأثيرات الناجمة عن ارتفاع سعر البترول واضحة بالنسبة للدول المستهلكة إلا أنها قد تطال أيضا الدول المنتجة له رغم الأموال الكبيرة التي تكسبها من وراء ارتفاع الأسعار من تصدير البترول فإنها هي الأخري يجب أن تشعر بالقلق لأنه إذا تورط الاقتصاد العالمي في ركود إثر ارتفاع سعر البترول فلن تكون الدول المنتجة للبترول بمنأي عن تلك التأثيرات.. وعلاوة علي ذلك لم يضر التضخم العالمي بسبب ارتفاع سعر البترول الدول المستهلكة للبترول فحسب بل أسفر أيضا عن تفاقم وضع الاقتصاد الكلي في الدول المنتجة للبترول. وأوضحت أنه من أجل تسوية الأزمة يجب علي كل الأطراف أن تكون لديها رؤية مشتركة لحل الأزمة وأن تدرك بشكل كاف أسباب ارتفاع سعر البترول وأنه لا فائدة من تبادل الاتهامات لأنه من الأفضل اتخاذ الإجراءات الشاملة لحل الأزمة وضمان أن الاقتصاد العالمي يمضي في مساره متجنبا ارتفاع سعر البترول. ويمكن القول إن الوقائع الموضوعية للارتفاع المستمر في أسعار البترول ناتج عن هشاشة التوازن بين العرض والطلب في الأسواق العالمية للبترول الخام وتراجع قيمة الدولار الأمريكي والمضاربة المفرطة في الأسواق الدولية بالإضافة إلي ما كشفته الصحيفة البريطانية إلي توتر الأوضاع السياسية وضعف الاستثمار في البنية الأساسية لقطاع البترول في انحاء العالم. وعلي صعيد آخر ومن أجل مواجهة أزمة ارتفاع أسعار البترول بدأت قضية الاقتصاد في الطاقة واستخدام الطاقة الصديقة للبيئة تكتسب مرة أخري أهمية خاصة وتعد رفع فعالية استخدام الطاقة والاقتصاد في الموارد الطبيعية وتطوير الطاقة البديلة الأخري واستغلالها خيارات ضرورية لحل أزمة ارتفاع أسعار البترول كما أن هذا لا يتعلق بقضية الطاقة أو قضية الاقتصاد فحسب بل هي قضية حاسمة تهم بيئة الأرض والتطور المستدام للبشر جميعا. وشددت علي ضرورة أن يكون هناك تفاهم بين الدول المنتجة والمستهلكة للبترول وأن تتمكن الأطراف المختلفة من تعزيز الحوار بينها واتخاذ إجراءات ملموسة لإعادة أسعار البترول العالمية إلي مستواها المعقول بما يضمن التنمية السلمية لاقتصاد العالم.