السكر سلعة استراتيجية، ولم تشهد مصر أزمات عنيفة في هذه السلعة إلا في أوقات الحروب، وعلي الرغم من أن الأشهر القليلة الماضية شهدت استقرارا في أسعار هذه السلعة علي المستويين العالمي والمحلي عند سعر 275 قرشا للكيلو فإن معظم السلع الغذائية الأخري شهدت في الوقت نفسه ارتفاعا كبيرا في أسعارها وصل في بعض الأوقات إلي 100%. المشكلة هي شكوي المنتجين من الإغراق بعد قيام بعض المستوردين باستيراد كميات كبيرة من السكر الأبيض المكرر من الخارج وغالبيته من إحدي الدول الاَسيوية التي تدعم صادراتها من السكر بمبالغ كبيرة، ولذلك دخل مصر أخيرا أكثر من ربع مليون طن سكر أبيض خلال فترة قصيرة نسبيا ومازالت الواردات ترد بكميات كبيرة وبسعر لا يتجاوز ال 2250 جنيها للطن الواحد في حين أن سعر السكر المحلي يصل حاليا إلي حوالي 2500 جنيه للطن، والكارثة أن المخزون الحالي من السكر في حدود مليون و100 ألف طن، واستمرار استيراد السكر بهذه الأسعار المنخفضة يعني بقاء المخزون كما هو في الوقت الذي رأي فيه المستوردون أن فتح باب الاستيراد هو الطريقة الوحيدة لسد الفجوة بين حجم الإنتاج والاستهلاك والدليل استقرار أسعار السكر ولفترة طويلة حيث إن السكر المستورد يعتبر سعره مناسبا والدعم الذي تقدمه الدول الاَسيوية التي يتم استيراد غالبية كميات السكر منها لا يتجاوز ال 300 دولار للطن. كما أن شركات السكر المحلية حققت أرباحا كبيرة خلال السنوات الماضية وقد ساعدت ظروف السوق هذه الشركات في الماضي ولكن حان الوقت للبحث عن حق المستهلك أولا فهو الأولي بالرعاية في ظل هذه الظروف وهذه الرعاية يمكن تحقيقها من خلال عدم سيطرة أي جهة علي السوق بالتحكم في العرض والطلب. وما بين شكوي المنتجين وترحيب المستوردين أجري "الأسبوعي" هذا التحقيق: يوضح د. مختار خطاب وزير قطاع الأعمال الأسبق ورئيس مجلس إدارة شركة النوبارية للسكر أن الأسعار العالمية شهدت انخفاضا في الفترة الماضية وهذه الأسعار تحددها بورصة عالمية حيث وصل سعر الطن مؤخرا إلي 330 دولارا "فوب" أي قبل أن تضاف إليها مصاريف الشحن، مضيفا أن السعر العالمي يفرض نفسه علي الساحة ومادامت السلعة متوافرة وبكميات كبيرة فهذا في صالح المستهلك، كما أن السكر سلعة استراتيجية لا يتوقف سعرها عند حد معين فهي تمر بدورات صعودا وهبوطا، والاتجاه للاستيراد أمر طبيعي لسد الفجوة الكبيرة بين الإنتاج والاستهلاك. فجوة كبيرة وقال إن إنتاج السكر المحلي من القصب والبنجر في حدود مليون و600 ألف طن سنويا في حين إن الاستهلاك مليونان و600 ألف طن أي أن هناك فجوة بين الإنتاج والاستهلاك قدرها مليون طن تقريبا كان يتم تغطيتها بصفة أساسية من خلال استيراد سكر خام لتكريره محليا في مصر وتحويله إلي سكر أبيض خاصة أن هناك طاقات كافية في الشركات المصرية لتكرير هذه الكمية من السكر، ولكن خلال الفترة الماضية تغير الوضع حيث بدأ استيراد كميات كبيرة من السكر الأبيض المكرر من الخارج، منوها إلي أن الاستيراد في أي دولة ضد مصلحة المنتجين لأنه يتسبب في تقليل نسبة الأرباح.. والقضية تتلخص في ارتفاع تكاليف الإنتاج حيث إن الأسعار الحالية للسكر لا تكاد تغطي تكاليف الإنتاج وهذا الأمر يسبب مشاكل عديدة للمنتجين. وعن إمكانية تحقيق اكتفاء ذاتي من السكر لتجنب حدوث مشاكل إضافية في المستقبل يوضح خطاب أن تحقيق ذلك يحتاج إلي تشجيع الاستثمار في صناعة السكر مع تقديم دعم للمزارع لكي يستمر في زراعة البنجر وقصب السكر حتي تنهض هذه الصناعة، بالإضافة إلي ضرورة تعاون مجلس المحاصيل السكرية ووزارة الصناعة ووزارة الاستثمار علي ضوء خطة واضحة المعالم تتضمن كل المتطلبات لتحقيق الاكتفاء الذاتي وهو حلم ليس صعب المنال. ترشيد الاستهلاك ويشدد خطاب علي أهمية ترشيد الاستهلاك من خلال إجراء مسح شامل لتحديد المساحة الزراعية المتاحة والمساحة المطلوب زراعتها في ظل زيادة استهلاك الفرد من 18 كيلو سنويا في الثمانينيات إلي 32 كيلو حاليا.