قضيت وقتا جميلا ممتعا مع فريدة الشوباشي في كتابها الجميل "عبارة غزل" ورغم انني ومنذ سنوات لم اعد امارس هوايتي القديمة في قراءة القصص والروايات فإنني لم استطع ان اتوقف عن استكمال رحلتي مع هذا الكتاب.. ولم استطع ان اضع له تصنيفا فنيا: هل هي قصص قصيرة ام خواطر ام محطات سريعة في حياة فريدة الشوباشي؟ لقد حاولت ان تغزل شكلا فنيا اختلطت فيه كل هذه الاشياء وان بقي احساسها هو اهم ما في هذا الكتاب.. هل هي لحظات من الصدق الجميل التي جعلتها ترصدها بدقة وتقف عندها كلحظات عابرة من العمر أم هي مذكرات خاصة انتقلت بها من دفاتر العمر وتركتها للقارئ يفهمها ويفسرها كما يريد.. ان فريدة الشوباشي تبدو وكأنها جمعت في شخصية واحدة كل تناقضات المرأة المثقفة المستنيرة الرومانسية المصرية والتي عاشت سنوات طويلة في باريس ولم تغيرها باريس ولا أهل باريس.. في شخصية فريدة الشوباشي تستطيع ان تجد روح المرأة المصرية بأصدق ما فيها من مشاعر الانتماء وهي مهمومة بكل ما في هذا الوطن ولكنها لم تصل يوما الي مرحلة الاحباط.. انها تؤمن دائما بأن هذا الوطن قادر علي ان يتجاوز كل آلامه ومشاكله.. ولم تخرج في قصصها القصيرة بعيدا عن هموم هذا الوطن ولهذا اختلطت عبارات الغزل بأحداث النكسة باتفاقية السلام بأحلام كثيرة تهشمت وتكسرت وما بين اجازة زوجية وتل الزعتر والحب الأول والأخير والايام التي لا تشبه غيرها من الايام استطاعت فريدة الشوباشي ان تنتقل بنا ما بين الحب العام والخاص ما بين عبارة غزل رقيقة ومانشيت صحيفة يحمل كارثة.. ورغم ان فريدة الشوباشي قدمت لنا مفاجأة في هذا الكتاب فإنها تطرح سؤالا هاما: أين كانت كل هذه المشاعر وكل هذه الخواطر؟ ولنا ان نتصور لو ان فريدة الشوباشي بدأت هذا المشوار منذ سنوات بعيدة مضت فما هي صورتها اليوم؟ أحيانا نكتشف بعض الاشياء التي تحمل لنا شيئا من الندم لان الحياة حملتنا بعيدا عن حلم كان من الممكن ان يكون هو الاقرب والاجمل لنا.. وفي كل الحالات فإن مجيء الاشياء حتي ولو كانت متأخرة أفضل من الا تجيء.. وكانت مفاجأة هذا الكتاب مقدمة بالغة الدلالة من كاتبنا الكبير محمد حسنين هيكل الذي لم يقدم مجموعة قصصية في حياته.. وهذه شهادة اخري لما قدمت فريدة الشوباشي في كتابها الجديد.