ردود افعال مجتمع الصناع والتجار كانت متباينة حول انعكاسات ارتفاع سعر البترول في السوق العالمي، وربطوا ذلك بمدي استمرار فترة الارتفاع، اضافة الي مدي اعتماد السلع علي البترول ومشتقاته، في حين اوضح اخرون ان هناك سلعا مثل الاسمدة تعتمد في انتاجها علي الغاز الذي تحصل عليه المصانع بأسعار ثابتة وهو ما يجعل المتضرر الاول هو الموازنة من خلال زيادة اعباء دعم الطاقة، واعربوا عن املهم في ان تشهد الفترة القريبة القادمة موجة تصحيح لاسعار البترول العالمية. ويري هشام العتال امين جمعية رجال الاعمال بالاسكندرية ان الارتفاعات الاخيرة في اسعار البترول انعكست علي الاسعار العالمية للسلع ويشير الي ان هناك توقعات باتجاه صناديق الاستثمار للقيام بعمليات شراء في بورصات السلع للاستفادة من الارتفاع الحالي مما سيزيد من حدة الاسعار في الفترة القادمة خاصة ان البترول يدخل في صناعة الاسمدة وعنصر للطاقة في تشغيل الماكينات الزراعية، ويوضح العتال ان سلعا كالذرة والسكر تتأثران بشكل مباشر بأسعار البترول خاصة مع الاتجاه الواسع لانتاج الميثانول منها كما يرتفع القمح بالتبعية لارتفاع الذرة لافتا الي ان السكر كان يتسم بعدم الارتفاع بدرجة كبيرة مع البترول خلال الفترة الماضية لزيادة الانتاج في الهند الا ان الهند قام بتصريف جزء كبير من هذا الانتاج مما جعل السكر اكثر تأثرا موضحا ان السلع السابقة شهدت ارتفاعا ملحوظا خلال العام الماضي حيث ارتفع القمح من 152 دولارا للطن فوب في العام الماضي الي 500 دولار للطن هذه الفترة وكذلك زيت العباد من 700 دولار للطن الي 1800 دولار وهي الاسعار التي تختلف بالطبع حسب جودة المنتج وقرب او بعد السوق وساهمت اسعار البترول الي نقص المعروض من بعض السلع في ارتفاعات الاسعار. وبرغم كل ذلك يتوقع العتال انخفاضا علي المدي القصير في الاسعار بعد الارتفاعات الكبيرة في اسعار البورصات من خلال موجة تصحيح كما ان علي المدي الطويل تشهد العقود الاجلة للسلع انخفاضا في الاسعار مشيرا الي انه بعد الارتفاعات الماضية زادت نسبة الاستثمارات الزراعية وقل الاستهلاك مما سيسهم في زيادة المعروض والتأثير علي الاسعار في مواجهة ارتفاع اسعار البترول في حال استمرار المعدلات الحالية. ومن جانبه يوضح حامد موسي رئيس شعبة البلاستيك بإتحاد الصناعات ان الخامات الاولية لصناعة البلاستيك مشتقة من البتروكيماويات كما هو معروف وبالتالي فإن ارتفاع الاسعار العالمية للبترول يؤثر بصورة مباشرة علي مدخلات انتاج البلاستيك كما يؤثر بصورة غير مباشرة علي ارتفاع اسعار كل السلع التي تعتمد علي البلاستيك واكد حامد موسي ان السبيل الوحيد لتلافي هذا الاثر هو زيادة طاقة مصانع البتروكيماويات في مصر وخاصة مصنعي سيدي كرير والشرقيون وهو ما يتطلب قرارا من الحكومة بزيادة الغاز المتاح لهذين المصنعين. ويشير د. شريف الجبلي رئيس غرفة الصناعات الكيماوية بإتحاد الصناعات الي ان ارتفاع الاسعار العالمية للبترول لن يؤثر بالضرورة علي اسعار الاسمدة في مصر نظرا لان صناعة الاسمدة تعتمد علي الغاز الطبيعي والذي عادة ما يكون اسعاره ثابتة. اما الدكتور وليد جمال الدين رئيس غرفة مواد البناء بإتحاد الصناعات فيؤكد ان وزارة البترول هي التي تملك القرار بأن يؤثر ارتفاع اسعار البترول علي اسعار مواد البناء ام لا، موضحا انه اذا تحملت الوزارة الارتفاع في اسعار البترول وزادت من قيمة دعم منتجات البترول لن تتأثر صناعات مواد البناء والتي تعتبر من اكثر الصناعات استهلاكا للمواد البترولية وعلي رأسها الاسمنت اما اذا لم تستطع الوزارة تحمل هذا الدعم فإن قيمة اسعار مواد البناء سترتفع بلاشك. كما يوضح المهندس محمد عجلان رئيس شعبة الاستثمار العقاري بجمعية شباب الاعمال ان قطاع المقاولات في مصر سيتأثر بالارتفاعات العالمية لاسعار البترول في اكثر من جانب والاول كما يقول عجلان يتمثل في ان ارتفاعات اسعار البترول ستزيد من ضخ الاموال في دول الخليج بإعتبارها الدول الاكثر انتاجا للبترول وبالتالي ستتوجه هذه الاموال كعادتها للاستثمار العقاري في دول المنطقة وعلي رأسها مصر التي يتمتع قطاع المقاولات بها بجاذبية كبيرة، وبالتالي سيزداد الطلب علي العقارات في مصر نتيجة لارتفاع اسعار البترول عالميا. وكما يقول عجلان فمن ناحية اخري فإن ارتفاع الاسعار العالمية للبترول سيزيد من اسعار الطاقة المستخدمة في صناعات مواد البناء ليس فقط الحديد والاسمنت ولكن الكابلات والدهانات والمواسير والمواد الغازلة. ويوضح عجلان ان الحكومة لن تستطيع ان تتحمل فاتورة دعم المواد البترولية في حالة استمرار زيادة الاسعار العالمية وبالتالي ستتأثر اسعار مواد البناء. ويؤكد عجلان ان المقاولين في مصر بدأوا يتنبهون لحقوقهم ولن يتحمل المقاول فاتورة زيادة اسعار مواد البناء سواء بسبب ارتفاع اسعار البترول عالميا او لاي سبب اخر. ويضيف عجلان ان المستثمر الرئيسي هو الذي يجب ان يتحمل فاتورة ارتفاع اسعار مواد البناء بإعتباره طالب الخدمة ويمكنه ان يقوم بملاءمة طلباته مع الاسعار ولذلك فإن القانون الجديد للمناقصات والمزايدات سوف يشهد تعديلا قريبا بحيث تتم مراجعة الاسعار كل شهرين لمواجهة اي زيادة في الاسعار العالمية. وعن اثر المشكلة علي الوحدات السكنية المتاحة لمتوسطي الدخل، اكد عجلان ان المشكلة في مصر في الدخول وليست في الاسعار، موضحا ان الحكومة لن تستطيع التدخل في الاسعار في ظل آليات السوق الحر حتي لا يتأثر مناخ الاستثمار.