في عام 2005 قدم عضوان بمجلس الشيوخ الامريكي مذكرة الي الكونجرس تدعو الي فرض رسوم جمركية علي كل الواردات القادمة من الصين بنسبة 27.5% ما لم تقم الحكومة الصينية بإعادة النظر في قيمة اليوان امام الدولار ورفع قيمته بنفس هذه النسبة المقترحة كرسوم جمركية.. ورغم ان هذه المذكرة لم تتحول الي قانون الا ان هناك مشروعات قوانين اخري كثيرة امام الكونجرس للتعامل مع ما يسميه الامريكان بالمنافسة الصينية غير العادلة وهي قضية ستحظي بنصيب كبير من الاهتمام خلال العام الجديد خاصة انه عام الانتخابات الامريكية. وتقول مجلة "الايكونوميست" ان كثيرا من السياسيين والاقتصاديين الامريكيين يتحدثون عن هذه القضية كما لو كان اليوان لايزال سعره ثابت امام الدولار. ولكن هذا غير صحيح فالحكومة الصينية تحرك اليوان تدريجيا الي اعلي ولو استمرت هذه العملية فإن اليوان سترتفع قيمته امام الدولار عندما يدخل الرئيس الجديد البيت الابيض في يناير 2009 بنسبة اكبر من النسبة التي كانت مطلوبة في عام 2005. وتقول الارقام ان قيمة اليوان صعدت بنسبة 13% امام الدولار منذ شهر اكتوبر 2007 حتي بدايات يناير الماضي وهي نسبة كبيرة خصوصا اذا وضعنا في الاعتبار ان الصين قامت بتعويم اليوان جزئيا امام الدولار في يوليو 2005 وان اليوان زادت قيمته امام الدولار منذ ذلك الحين بنسبة 14% ويتوقع الخبراء ان تحدث زيادة اخري في قيمة اليوان لا تقل عن 10% خلال الاثني عشر شهرا القادمة بل قد تزيد علي ذلك بدرجة ملموسة. ويبدو الامر الان كما لو كانت بكين قد استجابت لمطالب واشنطن. ولكن السبب الرئيسي الذي دفع بكين الي رفع سعر اليوان هو اعتقاد ساستها بأن ذلك في مصلحة الصين. فالمهم لدي الصينيين الان هو ارتفاع معدل التضخم الذي وصل الي 6.9% في نوفمبر الماضي. وقد اضطرت الحكومة الي خفض اسعار بعض السلع في 9 يناير الماضي. كذلك قام البنك المركزي الصيني برفع اسعار الفائدة 6 مرات في عام 2007 ولكن ذلك لم يكف لخفض معدل التضخم الناجم اساسا عن ارتفاع اسعار الطعام ولذلك فإن رفع قيمة العملة بمعدل اسرع قد يساعد في علاج هذا الموقف لانه سيخفض التضخم المستورد خاصة في اسعار الطعام والمواد الخام كذلك فإنه سيحد من تراكم احتياطيات النقد الاجنبي وايضا النمو النقدي. وهناك اسباب اخري لهذا التحول الصيني ومنها تزايد تكاليف الابقاء علي قيمة اليوان عند مستوي منخفض. فالبنك المركزي نجح حتي الان في امتصاص معظم تدفقات النقد الاجنبي بطبع اليوان واستخدامه في شراء الدولارات وبيع السندات للبنوك من اجل امتصاص أية سيولة زائدة. والاكثر من ذلك هو ان البنك المركزي كان يربح من وراء هذه العملية لان العائد علي احتياطياته الدولارية اكبر من العائد الذي يدفعه علي ما يصدره من سندات. ولكن البنك المركزي بدأ اخيرا يخسر بسبب هبوط سعر الفائدة الامريكية وزيادة سعر الفائدة في الصين والمتوقع ان هذه الفجوة سوف تزيد هذا العام ولذلك فإن الابقاء علي سعر اليوان منخفضا سيزيد من اعباء التدخل النقدي الذي يقوم به البنك المركزي الصيني. وبجانب ما تقدم فإن ارتفاع العوائد في الصين سيعني تدفق مزيد من رأس المال الاجنبي عليها وهذا يعني ان البنك المركزي الصيني سيتعين عليه شراء مزيد من النقد الاجنبي للابقاء علي سعر اليوان منخفضا وهو ما يمثل اعباء اضافية علي هذا البنك. وقد تكون القيود التي تفرضها الصين علي حركة رأس المال بمثابة سياج يحميها من تدفق رءوس الاموال المضاربة ولكنها علي أية حال قيود قابلة للاختراق. وعموما فإن ساسة الصين يفضلون التحرك في قضية سعر اليوان خطوة خطوة وبشكل عملي ومتدرج ولذلك فليس من المستبعد ان يقوموا بخفض قيمته ولو قليلا في الفترة القصيرة القادمة. وتقول مجلة "الايكونوميست" ان تحرك الصين لرفع قيمة اليوان لن توقف محاولات رجال الكونجرس للضغط علي الصين من خلال هذه القضية فإنخفاض قيمة الدولار منذ عام 2005 يعني ان اليوان لم تزد قيمته الا بنسبة 5% فقط حسب تقديرات بنك التسويات الدولية. كذلك فإن الفائض في ميزان الحساب الجاري الصيني قد قفز من 4% ليصبح 11% من اجمالي الناتج المحلي الصيني في العام الماضي ولذلك فإن افتراض سعر صرف لليوان يختفي عنده هذا الفائض كسعر توازن سيعني لدي الامريكيين ان اليوان لايزال مقدما بأقل من قيمته الحقيقية بل ان هناك من يري ان سعر اليوان يزداد انخفاضا من حيث القيمة الحقيقية. ففي عام 2005 قال موريس جولدشتاين ونيكولاس لاردي في معهد بترسون للاقتصاديات الدولية ان اليوان مقوم بأقل من قيمته الحقيقية بنسبة 20 25% ولكنهما عادا في 2007 ليؤكدا ان نسبة الانخفاض في قيمة اليوان قد زادت الي 30 40% خلال العامين الاخيرين.. وهذا يؤكد ان رجال الكونجرس سيكونون علي حق اذا ما قرروا الاستمرار في مطاردة الصين بشأن هذه القضية.