في واحدة من أعنف المواجهات في تاريخ البرلمان المصري، شهد مجلس الشعب أمس مواجهة عنيفة بين المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات وكل من الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية والدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية. وصلت المواجهة إلي حد تبادل الاتهامات، حيث اتهم كل من الدكتور شهاب والدكتور غالي جهاز المحاسبات بأن كلامه عام ومرسل ولا يستند إلي وقائع محددة. وقال "غالي" إن الدكتور جودت الملط يتحدث وكأنه ممثل للبنك الدولي، مما جعل الدكتور جودت الملط يخرج عن شعوره غاضبا وسط تأييد نواب المعارضة واعتراضاتهم علي أسلوب وزير المالية.. وقال إن وزير المالية خرج في تعقيبه عن الرد الموضوعي وقام بتوجيه سباب وقذف لرئيس الجهاز بقوله إنني أمثل البنك الدولي، فأنا لا أمثل البنك الدولي، بل أمثل جهاز المحاسبات وهو جزء من تنظيم الدولة كجهاز محايد ومعاون للسلطة التشريعية.. وطالب "الملط" باعتذار وزير المالية وشطب ما قاله من مضبطة المجلس.. وتعالت صيحات النواب المطالبين برد الاعتبار لرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات وضرورة اعتذار الوزير. وهنا تدخل الدكتور فتحي سرور رئيس المجلس لتهدئة الموقف الملتهب، وطلب من الدكتور "غالي" توضيح موقفه، وراوغ "غالي" في الرد قائلا: إنني لم أكن أقصد شخص رئيس الجهاز.. ورد الدكتور سرور بأن المفهوم من كلامك أن الجهاز تبني وجهة نظر البنك الدولي وهذا غير مقبول لأن رئيس الجهاز له مكانته واحترامه ويمثل الدولة المصرية، وقرر شطب العبارة من المضبطة، إلا أن نواب المجلس لم يكتفوا بمجرد شطب العبارة من المضبطة وطالبوا بالاعتذار الواضح من وزير المالية لرئيس الجهاز. وهنا تدخل "الملط" قائلا: إنني قادر علي الدفاع عن نفسي إلا أن الزميل وزير المالية عز عليه أن ينطق بالاعتذار لرئيس الجهاز ولرجل تقلد منصب رئيس مجلس الدولة في مصر. وأوضح المستشار جودت الملط أنه عندما استرشد بالمعدلات التي جاءت في تقرير البنك الدولي في تقرير الجهاز عن الحساب الختامي لموازنة الدولة عن العامين 2005/2006 و2006/2007 فإن ذلك جاء لأن المسئولين في الحكومة وبعض الوزراء صرحوا في جلسات البرلمان والصحف القومية بأن البنك الدولي يعتبر أن مصر الأولي إفريقياً والثانية عربياً في تدفق الاستثمارات، فهل هؤلاء ممثلون للبنك الدولي عندما قالوا هذا الكلام؟! وصفق النواب لرئيس الجهاز الذي رفض كلام الدكتور بطرس غالي بأن ما يتم تنفيذه هو خطة اقتصادية أقرها الرئيس حسني مبارك.. وقال الملط إن الزج باسم الرئيس مبارك في هذا الأمر ليس مناسبا لأن الرئيس بريء من هذه السلبيات التي جاءت في تقرير جهاز المحاسبات حول أداء الحكومة. وأشار "الملط" إلي أن وزير المالية ووزير الدولة للشئون القانونية ركزا في تعقيبهما علي أن كلام جهاز المحاسبات مرسل وعام ولا يحدد وقائع وأن ما تم ارساله من ملاحظات بلغ 1637 ملاحظة وتم الرد عليها باستثناء 180 ملاحظة، وهذا الكلام غير صحيح، والدليل أن الجهاز قدم خلال العامين الماضيين 300 تقرير مفصل بواقع 150 تقريرا في العام الواحد بمتوسط عدد صفحات 100 صفحة للتقرير أي أن هناك 30 ألف صفحة، فهل من الممكن أن أتلو هذا الكم من الصفحات خلال ساعة من الزمن أمام المجلس، فأنا اتحدث عن رؤوس موضوعات والتفاصيل موجودة في التقارير وعلي وزير المالية أن يطلع عليها إن أراد. وصفق النواب مرة أخري للدكتور الملط الذي واصل حديثه قائلا: إنني لأول مرة هذا العام أبدأ تقريري بذكر الإيجابيات عن أداء الحكومة وما حققته من إنجازات لكن هل يعني ذلك ألا نذكر السلبيات؟