احتلت تصريحات المسئولين بشأن إعادة هيكلة الدعم بحيث يصل إلي مستحقيه الفعليين جانبا كبيرا من اهتمام المصرفيين وهو الامر الذي يتنافي مع الصورة العامة التي يرسمها الجميع لهم من حيث كونهم من ذوي الدخول المرتفعة والياقات البيضاء ولا يفرق معهم وجود الدعم من عدمه. وكانت وسائل الإعلام قد حفلت بالعديد من التصريحات الفترة الاخيرة حول موضوع اعادة هيكلة الدعم والذي توقع معه البعض أن تكون هذه التصريحات مقدمة لالغائه خاصة بعد تصريحات المسئولين عن اعادة النظر في سياسة تقديم الدعم لبعض السلع والخدمات بما يؤدي الي تخفيف العبء عن موازنة الدولة خاصة ان مبالغ الدعم تتجاوز ال80 بليون جنيه سنويا وهو ما يرهق الموازنة العامة للدولة من وجهة نظرهم. كما اقترح البعض تحويل الدعم العيني الي دعم نقدي واعطاء أموال مباشرة للمواطنين في اطار شروط صارمة وتحديد من يستحق الدعم. من جانبهم اكد المصرفيون ضرورة ان يظل الدعم العيني واعترفوا بمنطقية التحول الي الدعم النقدي ولكن ينبغي وضع معايير رقابة لضمان عدم ارتفاع اسعار السلع بشكل مبالغ فيه مما سيؤدي الي التهام الدعم النقدي. واقترح البعض صرف اعانة بطالة مثلما يحدث في الخارج والاحتفاظ بالدعم العيني في السلع الاساسية مثل الخبز. وفي الوقت الذي استبعد فيه البعض حدوث طفرة ملحوظة في الائتمان عقب الغاء الدعم عن الغاز والكهرباء بالمصانع اكد اخرون ان هذا الاحتمال وارد ولكن الاحتمال الاكبر هو ارتفاع اسعار السلع بشكل جنوني وهو ما سيؤثر علي المصرفيين مثلهم مثل اي فرد بالمجتمع. يري طارق حلمي نائب اول الرئيس والعضو المنتدب للمصرف المتحد ان الدعم حاليا يحصل عليه المستحق وغير المستحق ويضرب مثلا بنفسه ويقول انه يحصل علي دعم في اسعار البنزين ويستفيد من ذلك في حين انه علي حد قوله ليس في حاجة لهذا الدعم. ويضيف ان الخلاف الآن هو حول من يستحقون الدعم وتصنيفهم لانه من الخطأ ان يحصل الجميع علي نفس المزايا في حين ان المستحقين الفعليين من الوارد جدا الا تصل اليهم هذه المزايا. ويشير حلمي الي ضرورة ان يتم حصر جميع الفئات المستحقة للدعم في القطاع العام والخاص لان هناك من يري ان جميع العاملين بالدولة يستحقون الدعم ولكن ينبغي حصر جميع الفئات سواء العاملين بالدولة او القطاع الخاص. ويقترح حلمي وسائل لتحديد المستحقين للدعم ويقول انه يمكن حصرهم من خلال البطاقات الزراعية، او ما يطلق عليه الحيازة الزراعية وعن طريق بطاقات التموين ومن الممكن جمع بيانات العاملين بالقطاع الخاص عن طريق ادارات شئون الافراد بالشركات والمؤسسات. وعن تحويل الدعم من عيني الي نقدي يقول طارق حلمي انه في هذه الحالة يجب ان تتم زيادة هذا الدعم بشكل يتناسب مع ارتفاع اسعار السلع. ويستبعد حلمي انعكاس الغاء الدعم في الطاقة علي حركة الائتمان بالبنوك، مشيرا الي انه ليس بالضرورة ان يصاحب الغاء دعم الطاقة زيادة التمويل الممنوح للمشروعات والمصانع. ويوضح محمد بيومي المدير الاقليمي لتطوير المنتجات المصرفية ببنك باركليز - مصر ان الدعم النقدي افضل الحلول من الناحية النظرية لكن طريقة تطبيق هذا الحل هو الامر الصعب، مشيرا الي وجود عدد كبير من مستحقي الدعم خارج الجهاز الحكومي وهو الامر الذي يشكل صعوبة في حصرهم، ويتوقع بيومي في حالة تطبيق الدعم النقدي ان يتبع ذلك موجة من ارتفاع الاسعار ولذلك ينبغي تحديد مستحقي الدعم اولا، واحكام الرقابة علي اسعار السلع لانه اذا تم تحويل الدعم الي صورة نقدية سترتفع الاسعار بشكل كبير ولذلك يجب ان يكون الدعم متحركا بشكل قابل للزيادة في حالة وجود موجة ارتفاع اسعار حتي لا تلتهم الاسعار الدعم النقدي ونصل لنتيجة واحدة وهي الغاء الدعم فالبديل صعب تطبيقه الا اذا حددت الحكومة شروطا ورقابة صارمة لتحجيم غول الاسعار. ويري بيومي ان الغاء دعم الغاز والكهرباء بالمصانع سيؤدي الي زيادة تكاليفها الرأسمالية وبالتبعية سترتفع قيمة المنتج النهائي فعلي سبيل المثال وقت ارتفاع اسعار البنزين تأثرت المصانع؛ لان العمال طالبوا برفع الاجور لتعويض ارتفاع اسعار المواصلات. ويتفق توفيق دوس مدير ادارة الاعتمادات المركزية بالبنك العربي الافريقي الدولي مع فكرة الغاء الدعم العيني وتحويله الي نقدي وذلك لضمان وصوله الي مستحقيه علي حد قوله ولان الدعم العيني كان يستفيد منه الغني والفقير واحيانا كان الفقراء والمستحقون للدعم لا يحصلون علي شيء. واضاف ان الاصلاح الاقتصادي يتطلب تعديل واعادة هيكلة النظام الحالي للدعم والذي يكلف الدولة ملايين الجنيهات وفي النهاية لا يستفيد منه المستحقون.