رغم تراجع سعر الدولار الأمريكي أمام العديد من العملات ومن بينها الجنيه المصري منذ حوالي الشهرين مازالت تأثيرات ذلك تلقي بظلالها علي الشارع المصري بصفة عامة و"الاقتصادي" بصورة خاصة وتمثل عاملا أساسيا في اتخاذ أي قرار اقتصادي. وفي محاولة من "الأسبوعي" لقراءة هذه التأثيرات يؤكد التقرير التالي ان التأثيرات كانت متباينة إلي حد كبير داخل قطاع مثل التجارة الخارجية حيث صب تراجع الدولار في مصلحة الاستيراد بعكس الحال بالنسبة للتصدير الذي مثل له عبئا وخسارة في العوائد. أما الحال في الأسواق فلم يكن يتفق مع التوقعات الطبيعية بانخفاض الأسعار باعتبار ان مصر بلد مستورد صاف للسلع الغذائية والزراعية كما لم يتأثر ايضا الذين يتقاضون مرتباتهم بالدولار وهم فئات متعددة في المجتمع المصري ونفس الحال بالنسبة للشركات ذات الاسهم الدولارية حيث لم تتأثر الاسهم او نتائج الاعمال. وكانت هذه هي خلاصة الرؤي التي طرحها الخبراء ل "الاسبوعي" حيث يري الدكتور حمدي عبدالعظيم الخبير الاقتصادي ان عدم انخفاض اسعار السلع في الاسواق نتيجة تراجع سعر الدولار يرجع الي عشوائية الاسواق المصرية مقارنة بدول كثير في المنطقة الامر الذي يؤدي الي تغشي الاحتكار والتلاعب في السوق علي حساب المستهلكين ويلفت الي ان السوق المصري لا يخضع لآليات الطلب والعرض والاسس الاقتصادية المتعارف علفيها مادام استمر تلاعب المحتكرين داخل السوق وافتعال الازمات. ويشير عبدالعظيم الي انه فيما بتعلق بشرائح المواطنين الذين يحصلون علي رواتبهم بالدولار فان التأثير يكون في انخفاض حجم النقود التي في حوزتهم فمثلا عندما يتقاضي موظف 1000 دولار فبدلا من ان تكون القيمة المحولة 5600 جنيه قد تصبح 50100 وهو الأمر الذي قد يؤثر علي القوي الشرائية للنقود ولكن ليس بدرجة كبيرة يؤثر علي مستوي حياتهم. مصر حالة خاصة ويتفق معه في الرأي د.أحمد غنيم أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة والذي يري أنه علي الرغم من أن تراجع الدولار يؤثر بالايجاب علي الجانب الاستيرادي لمصر إلا أن الحالة هنا تختلف نتيجة أسباب معينة يأتي علي رأسها أن التراجع طفيف وتأثيره قد يكون سطحيا في بعض الأحيان وحتي لو كان التأثير عميقا فإن هذا قد لا ينطبق علي الحالة المصرية نظرا لتخبط آليات السوق في الاقتصاد المصري وغياب دور حماية المنافسة ومنع الاحتكار حيث لم نستيقظ إلا مؤخرا بعد احالة شركات الأسمنت والحديد للنائب العام. أما فيما يتعلق بشريحة المواطنين والتي تتقاضي رواتبها بالدولار فإن هذه الشريحة صغيرة جدا والتأثير يكون عليها محدودا ويصب بصورة أكبر في الادخار وليس الانفاق وهذا بسبب ارتفاع قيمة هذه المرتبات وبالتالي فإن مقدار الانخفاض فيها يعتبر قليلا مقارنة بالراتب نفسه. وتتفق معه في هذه النقطة د.عالية المهدي أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية وتري أن هذه الشريحة تتعامل بالدولار وبالتالي فعليها أن تتقبل أن تخسر وأن تربح وأن تتأقلم مع التقلبات فمنذ سنوات ليست ببعيدة وصل الدولار إلي 7 جنيهات وبالتالي حققوا أرباحا هائلة لم تكن هناك تأثيرات سلبية مقارنة بالآن كما أن مستويات الأجور والمرتبات في هذه الشريحة تعتبر ضخمة جدا ففي كثير من الأحيان تتراوح ما بين 1000 إلي 7000 دولار شهريا. الأسهم الدولارية وفيما يتعلق بتأثير انخفاض الدولار علي الأسهم الدولارية وميزانيات الشركات الدولارية والتي يبلغ المقيد منها في البورصة تقريبا 9 شركات يوضح د. عصام خليفة العضو المنتدب لشركة الأهلي لصناديق الاستثمار أن تأثير تراجع الدولار علي الأسهم الدولارية في البورصة يتوقف علي معدل نمو الأرباح الخاص بالشركة فإذا كان معدل نمو الارباح أعلي من معدل التراجع في الدولار فإن هذا يعني تلافي التأثيرات السلبية لتراجع الدولار والعكس صحيح، ويلفت في نفس الوقت إلي أن ذلك لا يعتبر قاعدة مسلما بها فالتكهن بتقلبات الدولار يعد أمرا صعبا لانها مسألة فجائية كذلك الحال إذا تحدثنا عن معدل النمو في الارباح لدي الشركة فإن هذا صعب أيضا تحديده والتحدث عنه بصورة أكثر واقعية. ويضيف خليفة أنه بالنظر إلي الشركات الموجودة في السوق ذات الأسهم الدولارية فإن بعض الأسهم قد ارتفعت وتجاهلت تراجع الدولار وذلك تأثراً بأنباء جيدة دفعت هذه الشركات إلي الصعود مرة أخري مثل فوز شركة القابضة الكويتية برخصة من رخص الأسمنت المطروحة من قبل وزارة التجارة والصناعة وبالتالي فإن هناك العديد من العوامل المؤثرة وان كان أبرزها هو معدل الارباح. نتائج الأعمال أما فيما يتعلق بالميزانيات الدولارية للشركات فقد أوضح خليفة أن التأثير هنا يكون في حدود بسيطة ففي اقتصاديات التشغيل لا يمكن أن تكون تعاملات أي شركة معتمدة كلها علي العملة الأجنبية ولابد أن تكون بصورة أو بأخري تتعامل بالعملة المحلية علي الأقل لو كنا نتحدث عن شراء بعض الخامات المحلية أما إذا كانت الشركة تصدر إلي الخارج بالعملة الصعبة فسوف تتعاظم خسائرها مقارنة بالواردات والتي ستكون ذات تأثير إيجابي. أما أسامة الأنصاري خبير أسواق المال فقد أوضح أنه لا يوجد أي تأثير لتراجع الدولار علي الشركات ذات الأسهم أو الميزانيات الدولارية لأن الربحية هنا تقدر وتحسب بالدولار أما الميزانيات فإنها أيضا صدرت من البداية بالدولار كما ان هذه الشركات عادة ما تتبع شركات خارجية وبالتالي فإن التأثيرات هنا لن تكون بالمقارنة مع قيمة الجنيه بل ستكون عبر سلة من العملات لتقليل مخاطر سعر الفائدة وسعر الصرف في ذات الوقت.