مؤسسات التمويل الاجنبية في مصر والتي تمول منظمات المجتمع المدني يبلغ عددها حوالي 47 مؤسسة من ابرزها وكالة التنمية الدولية الأمريكية وسفارات الدول الاجنبية في مصر وابرزها السفارة الهولندية ومؤسسة فورد ومؤسسة كونراد، واليونيسيف، والاتحاد الأوروبي ومؤسسة فريدريش. وقد ذكرت دراسة أعدها مركز التمييز للمنظمات غير الحكومية ان 97.9% من الجمعيات الأهلية في مصر تعتمد علي الجهات الأجنبية المانحة حيث تفضل الأخيرة التعامل مع الحكومة أو الجمعيات الأهلية الكبيرة والنشطة والتي تملك امكانات الاتصال بجهات التمويل.. وتعتمد الجمعيات الاهلية علي مصدرين آخرين في التمويل هما اما التمويل الذاتي من اشتراكات الاعضاء او التبرعات والهبات، او التمويل الحكومي من خلال صندوق اعانة الجمعيات والمؤسسات وهو حصيلة الرسوم المفروضة لصالح الأعمال الخيرية ومن خلال المبالغ المدرجة في ميزانية الدولة، كما ان هناك تمويلا حكوميا يتم لمشروعات حكومية يتم اسنادها إلي جمعيات وتذكر الدراسة ان قيمة التمويل الأجنبي الذي حصلت عليه الجمعيات الأهلية خلال العشرين عاما الماضية قد بلغ 30 مليون دولار، وتعتبر هيئة المعونة الأمريكية في مقدمة الهيئات المانحة يحث تقدم 20 مليون دولار للمنظمات العاملة في التنمية المحلية يليها الاتحاد الأوروبي ثم سفارة هولندا التي تقدم 5% من ميزانياتها لصالح المنظمات الأهلية. كما تخصص مؤسسة فورد 60% من ميزانياتها لدعم مؤسسات بعينها ولا يسهم القطاع الخاص سوي ب 8.3% من المعونات المقدمة لهذه الجمعيات إلا أن السنوات الاخيرة قد شهدت مساهمة رجال الأعمال بنسبة 21.5% كأفراد. وقد صادف "الأسبوعي" صعوبات كبيرة في الحديث مع رؤساء الجهات الأجنبية الممولة وقد اجتمعوا علي عدم الحديث إلي الصحف وكأنها من "الأسرار الحربية" وكأن حديثهم قد يضعهم في موضع اتهام قد يهدد مراكزهم فتركت "الأسبوعي" المجال للحديث عن جهات التمويل مع الجمعيات الأهلية ذاتها. وتركزت الاسئلة حول ما يثار عن الدور المخابراتي الذي قد تلعبه مؤسسات التمويل الاجنبية في مصر؟ الرقابة التي تمارس علي الجمعيات الأهلية لضمان صرف التمويل فيما صرف من أجله، حتي لا يجد طريقه في أيدي ارهابيين او يكون أداة لتشويه سمعة مصر وحول ما اذا كانت الجمعيات الأهلية تعتبر سبوبة للكسب السريع؟ ولماذا يتم منح جمعيات أهلية بعينها المعونات بشكل أسرع من جمعية أخري؟ حسن يوسف رئيس جمعية "شموع" لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة سألناه حول اسباب حصول جمعيات معينة علي تمويل دون الاخري رغم نشاطها الملحوظ، فأكد ان حجم التمويل لا يغطي حاجة كل الجمعيات الأهلية خاصة المتشابهة منها، وقد تكون المشروعات المقدمة دون المستوي واسلوبها لا يتناسب مع برنامج الممول وقضاياه التي يهتم بها. وأوضح ان جهات التمويل لها برنامج سنوي ففي عام تعمل علي دعم الديمقراطية وفي عام آخر تهتم بقضايا المرأة وهكذا.. كما ان هناك جهات مانحة ترتبط بعلاقات قوية مع جمعيات بعينها وتفضل التعامل معها طول الوقت. وذكر يوسف مثالاً حول مؤسسة الأرض التي كان لها نشاط ملحوظ في الدفاع عن الفلاحين والعمال واستطاعت الحصول علي تمويل، وعندما حدث انقسام داخلها وتأسست جمعية أولاد الأرض كجمعية متصلة لم تحصل علي تمويل رغم نشاطها الملحوظ، وذلك يرجع إلي خوف الممول الذي يؤثر السلامة ويتعامل مع الجمعية الأم طالما ( مؤسسة الأرض) مادام حدث منها خلافات وانقسامات. وأثار يوسف نقطة هامة أخري حيث أكد ان هناك جهات ممولة تحول تمويلها من الجمعيات الأهلية إلي المؤسسات الحكومية، كنتيجة لضغط الحكومة المصرية عليها والتي وصلت إلي حد التهديد بإغلاق مقرها في مصر وهذا ما حدث للصندوق الانمائي التابع للأمم المتحدة، كما حول الاتحاد الأوروبي معظم تمويله إلي المؤسسات الحكومية مثل المجلس القومي للمرأة، والمجلس القومي للأمومة والطفولة والذي يرصد له 25 مليون يورو من اجمالي 800 مليون يورو هي حجم التمويل الكلي من الاتحاد الأوروبي للمؤسسات غير الحكومية، وذلك طمعا في رضا الحكومة المصرية عنها، موضحا ان هذا يجعل المؤسسات الحكومية ليست محل ثقة، وغير صادقة فيما تعلنه من توجهات لصالح حقوق الانسان. سمسار التمويل كما يشير يوسف إلي الفساد الذي يطعن علي عمل الجمعيات الأهلية ممثلا فيما يسمي بسماسرة التمويل وكما يشرح لنا - يوسف - ان السمسار يتعهد للجمعية الأهلية الحديثة النشأة باقناع احدي الجهات المانحة بتمويل هذه الجمعية مقابل الحصول علي 10% من قيمة التمول الممنوح لها.