خلال العقد الماضي كان الحديث عن الارهاب ربما يكون من الكبائر بالنسبة للسياحة المصرية.. بل كان يحرص المسئولون في مصر عند الحديث عن الارهاب ألا يقرنوه بالسياحة أو يقولون الحوادث الارهابية ضد السياحة.. بل كانوا يتعمدون عدم ذكر هذه الأحداث علي اعتبار أن السياحة صناعة حساسة تتأثر تأثرا شديدا بما يرد في وسائل الاعلام ليس المحلية فقط ولكن الأجنبية أيضا. وفي الفترة الأخيرة ظهرت مجموعة من المشكلات داخل المجتمع المصري التي استخدمها بعض نواب البرلمان في بياناتهم ضد الحكومة، وخصوصا ما يتعلق بتلوث مياه الشرب واختلاطها بالصرف الصحي وغيرها. هذه القضايا بغض النظر عما إذا كانت حقيقية أو غير حقيقية لا يقتصر تأثيرها علي المجتمع في مصر فقط بالنسبة للمواطنين العاديين ولكن تمتد إلي أكثر من ذلك وبالتحديد في قطاع السياحة بما يؤثر سلبيا علي الحركة الوافدة لمصر. "الأسبوعي" رصد مردود هذه الشائعات التي تناثرت خلال الفترة الأخيرة وبدأت تحدث دويا في الأوساط الدولية وهو ما ينذر بخطورة علي مستقبل مصر السياحي. ويؤكد خبراء السياحة أن مصر تحتاج حاليا إلي تنشيط الاعلام الخارجي وتكثيف الدعاية لدحض الشائعات التي تنشرها بعض المؤسسات الدولية وتتسبب في حدوث تأثير سلبي علي حركة السياحة الوافدة إلي مصر. ويجمع الخبراء إلي أن شائعات تلوث مياه الشرب وانتشار مرض انفلونزا الطيور في ربوع مصر وفساد الأطعمة المقدمة للسائحين والتي يثيرها بعض وسائل الاعلام المحلية ثم تنقلها جهات أجنبية تسببت في اطلاق بعض الدول تحذيرات لرعاياها بعدم زيارة مصر، حيث تستخدم بعض الجهات القضايا التي تثار في الاعلام المصري للإساءة والشوشرة علي قطاع السياحة في مصر، ربما يذكرنا ذلك بما نشر منذ مايقرب من ثلاث سنوات في احدي الصحف العالمية حول ضبط أغذية ولحوم فاسدة بأحد فنادق الخمسة نجوم بمدينة شرم الشيخ، وهو ما تسبب في حدوث بلبلة لدي معظم الجنسيات المختلفة من السائحين المتواجدين بالمدينة في ذلك الوقت رغم أنه ثبت بعد ذلك أنها مجرد شائعات مغرضة من قبل بعض الصحف الأجنبية. وخلال الأيام الأخيرة انتشرت الشائعات بقوة داخل مصر وبالتالي انتقلت خارجها في الأوساط الدولية حول تلوث مياه الشرب بصفة عامة وخطورة استعمال هذه المياه في أي غرض من الأغراض خصوصا بعدما تقدم عدد من نواب البرلمان بطلبات احاطة عاجلة لحكومة د. أحمد نظيف يحذرون فيها من خطورة تلوث مياه الشرب علي حياة المصريين. وأصبحت مشكلة المياه قضية في غاية الخطورة خاصة بعد أن قامت مؤسسات دولية بتوزيع منشورات تحذر السياح من مخاطر التلوث في مصر والتركيز علي تلوث مياه الشرب لدرجة أنهم حددوا اسماء أنواع المياه المعدنية التي يمكنهم تناولها بحجة أن إحدي شركات المياه المعدنية بمصر ثبت أنها تقوم بتعبئة الزجاجات الخاصة بها من مياه الصنابير "الحنفيات" إلي جانب تخوف السياح من تناول الأطعمة المصرية بسبب استخدام المبيدات ومياه الصرف الصحي في الزراعة. المياه المعدنية وعلي الرغم من أن الفنادق والسائحين لايستخدمون إلا المياه المعدنية، إلا أن هناك بعض الجهات تحاول إثارة مثل هذه القضايا كما حدث في اثارتها لانتشار مرض انفلونزا الطيور في كل ربوع مصر رغم أن هذا لم يحدث ومازالت اللجنة القومية لمكافحة انفلونزا الطيور تبذل جهودا كبيرة للسيطرة علي الموقف وعدم تحور المرض من انسان إلي اَخر. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل امتد إلي نشر الشائعات المغرضة ضد السياحة المصرية خلال الفترة الأخيرة واستغلال ما ينشر في الصحف المصرية مثل انتشار ظاهرة "التحرش" بالسائحين ومضايقتهم وسوء معاملة المواطنين المصريين للسياح واستنزافهم في كل الأمور، وكذلك التلوث الهوائي المنتشر في ربوع مصر والمتمثل في السحابة السوداء، خصوصا أن كل هذه الأمور تلعب دورا كبيرا في التقارير الدولية التي تقيم مناخ مصر الصالح لاستقبال السياح. ولم تقتصر الحرب الخفية علي التحذيرات التي تعطي لكل سائح يرغب في زيارة مصر والتخوف من الأطعمة الفاسدة والمياه الملوثة والتسول والنصب بل تصل إلي حد إدراج مصر في بعض الأحيان علي أنها منطقة خطرة قد يتعرض فيها السائح إلي هجمات ارهابية خصوصا بعد انتشار ظواهر الاعتصامات والاضرابات في مناطق مختلفة بمصر، كل هذه الأمور تؤكد أن القضايا الداخلية الخاصة بأوضاع مصر الداخلية اصبحت تشكل خطرا علي السياحة المصرية أكثر من حوادث الارهاب.