هل من حق أي مسئول او جهة فرض رسوم بلا حدود لم يضع القانون سوي الحد الادني لها حتي لو كان ذلك بمبالغ ضئيلة ولا تكاد تذكر؟! تطرح "الأسبوعي" هذه القضية مع شكوي تلقيناها من احد اصحاب المنشآت الصناعية في الاسماعيلية فوجئ بخطاب من مكتب العمل يطالبه بدفع 8 جنيهات عن كل عامل لديه بأثر رجعي طبقا لنص المادة 223 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 لصالح صندوق الخدمات الاجتماعية والثقافية بالاتفاق مع اتحاد العمال وحددت المادة المبلغ بالا يقل عن 5 جنيهات وذلك بالنسبة للمصانع التي يزيد عدد عامليها علي 20 عاملا. ويبقي السؤال: هل يمكن أن يزيد هذا المبلغ الي ما شاء الله ودون حدود قصوي.. وعلي أي اساس يتم تحديد المبلغ.. وماذا يتم في حصيلة هذه المبالغ؟ تبدأ القضية مع صلاح عبد الحميد رئيس احدي الشركات الصناعية بمدينة الاسماعيلية حيث يوضح لنا انه فوجئ يوم 9 ديسمبر الماضي بخطاب رسمي من مكتب العمل بالمنطقة الصناعية بالاسماعيلية يطالب بسداد مبلغ 8 جنيهات عن كل عامل موجود لديه سنويا باثر رجعي منذ اكتوبر 2003 وان هذا المبلغ سيؤول الي صندوق الخدمات الاجتماعية والصحية التابع لوزارة القوي العاملة والاتحاد العام لنقابات عمال مصر بالرغم من ان القانون يحدد دفع مبلغ 5 جنيهات فقط عن كل عامل سنويا. ويتساءل عبد الحميد: كيف يقوم صاحب مصنع متعثر منذ عشر سنوات وحقق خسارة اكثر من 50% من رأسماله ان يدفع باثر رجعي هذه المبالغ؟ ويلفت الي ان المصنع ليس بحاجة الي خدمات هذا الصندوق سواء كانت تتعلق بالرعاية الاجتماعية او الصحية او الرياضية او الترفيهية او غير ذلك والأهم ان الخطاب اوضح من يتأخر في السداد سيتعرض للعقوبة الحبس 3 شهور او الغرامة من الف إلي 10 الاف جنيه.. ويقول عبد الحميد الي متي يتحمل المستثمر كل هذه الاعباء وكيف يمكن ان يتحملها مصنع لا يستطيع من الاصل دفع اجور عماله او حتي شراء الخامات ومستلزمات الانتاج. أعباء جديدة ويعلق الدكتور علي لطفي رئيس الوزراء الأسبق علي هذه القضية لافتا الي ان هذا الموضوع له شقان ويتمثل الشق الأول في انه لا يحق لأي مسئول سواء كان وزيرا او غير وزير ان يغير في نص القانون الذي صدر بنص المادة 223 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 والذي اختص بانشاء صندوق للخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية علي المستوي القومي بالاتفاق مع الاتحاد العام لنقابات عمال مصر ومنظمات اصحاب الاعمال والزم كل منشأة يبلغ عدد عمالها عشرين عاملا فاكثر بدفع مبلغ لا يقل عن خمسة جنيهات سنويا عن كل عامل لتمويل الصندوق. أما الشق الثاني الذي يطرحه د.علي لطفي فيرصده في تساؤل مفاده: الي متي يتحمل المستثمر اعباء جديدة يتم فرضها عليه من كل جهة من اجل تعزيز دخلها علي حساب المستثمر وخاصة اذا كان هذا المستثمر متعثرا أم غير متعثر؟ ويؤكد فؤاد ثابت رئيس اتحاد الجمعيات الاقتصادية علي ان جميع المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة رفضت تعديل قانون العمل بشأن تحصيل ارباح واموال من خلالها لاي صناديق تنشأ ولا يستفيد منها احد ويوضح ثابت ان هذه الاموال التي تحصل هي بمثابة جباية تفرض علي المصانع ولا يستفيد منها احد سواء بالتدريب أو حتي بالرعاية كما هو معلن. وانما تذهب الي جيوب الموظفين كحوافز وارباح لهم دون السؤال عن كيفية توظيف هذه الأموال الموضوعة في الصناديق. هروب المستثمر ويتفق احمد عاطف رئيس غرفة صناعة الطباعة باتحاد الصناعات المصرية مع الرأي السابق ويؤكد هو الآخر ان مثل هذه الممارسات التي تقوم بها بعض الوزارات بشأن وضع قرارات من اجل استنزاف المستثمرين تعمل علي هروب المستثمر بالاضافة الي افساد مناخ الاستثمار ويتساءل عاطف: كيف يقوم صاحب مصنع متعثر بدفع اتاوات لعديد من الجهات وهو لا يستطيع شراء خامات ومستلزمات للانتاج حتي يقوم باعادة تشغيل مصنعه وسداد ما عليه من ديون للبنوك واجور للعمال ويوضح ان جميع المصانع رفضت بالكامل تعديلات قانون العمل وانشاء صناديق تمول من المصانع لان هذه الصناديق ما هي الا اتاوات تفرض علي أصحاب المصانع وان جميع الجهات المسئولية بما فيها وزارة القوي العاملة لا تراعي مشكل المصنعين أو تعثر اصحابها وانما تنظر الي كيفية الحصول علي الرسوم ووصفها بانها ليست سوي الا "رسوم لنظافة الجيوب". ومن جانبه يقول محمد ابراهيم المطري رئيس جمعية مستثمري القنطرة شرق انه حتي الآن لم ترد اية خطابات بدفع مبلغ 8 جنيهات عن كل عامل بالمصنع من مكتب العمل بالمنطقة الصناعية بالقنطرة شرق.. ويضيف اذا صادف الامر وارسلت هذه الخطابات لمصانع القنطرة شرق ستكون كارثة وستكون بمثابة المسمار الاخير الذي يدق في نعوش اصحاب المصانع وستضطر البقية المتبقية من المصانع التي تعمل في القنطرة شرق الي الاغلاق لانها محملة باعباء فوق طاقتها ولا تستطيع ان توفي بمثل هذه المطالبات الجديدة. المبلغ بسيط اما السفير جمال بيومي الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب فيختلف مع الآراء السابقة ويتساءل بدوره: لماذا هذه الضجة التي تحدث من جراء دفع مبلغ بسيط وهو 8 جنيهات عن كل عامل سنويا ويري ان ذلك المبلغ يمثل جنيهات بسيطة واذا كان يعمل في أي مصنع مائة عامل فلن يدفع صاحب المنشأة سوي 800 جنيه سنويا مضروبة في 5 سنوات أي انه سيدفع 4 الاف جنيه بالتقسيط خاصة انه سيتم وضع هذا المبلغ في صناديق يستفيد منها العامل كما جاء في القانون الذي حدد الاستفادة باتاحة الخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية والرياضية والترفيهية. ويضيف الامين العام لاتحاد المستثمرين العرب ان ما تقوم به عائشة عبد الهادي وزيرة القوي العاملة الآن هو لصالح العمال قلبا وموضوعا وتصب افكارها دائما في خدمة العمال في كل موقف لها ومن المستحيل ان تفرض شيئا ليس في صالح العامل او في خدمته. اما فيما يتعلق بمقولة ان عمال المصانع لا يستفيدون من اموال الصناديق المخصصة باتحاد النقابات العامة للعمال سواء من ناحية التدريب والتأهيل فيري بيومي ان ذلك موضوع آخر لان قضية التدريب لعمال المصانع في مصر تحتاج الي اعادة نظر بالكامل.