يشهد قطاع الزراعة تحسنا نسبيا تواصل خلال عام ،2006 وذلك استمرارا لتطورات زيادة نمو الناتج الزراعي بما يتراوح بين 2.5% و3.5% خلال الفترة من 82 ،2005 والذي تستهدف الحكومة الوصول به إلي 4.1% بحلول 2017. وعلي الرغم من ذلك التحسن إلا أن الخبراء يؤكدون أن عام 2006 انتهي ومازالت مشكلات قطاع الزراعة العالقة كما هي، وحذروا من أن استمرار تواجد هذه المشكلات في 2007 سوف يعمل علي تآكل الجهود المبذولة لتحقيق التنمية وخاصة ان ذلك القطاع قادر علي توفير العديد من فرص العمل. وهكذا كانت قراءة الخبراء لقطاع الزراعة خلال عام مضي.. ورؤاهم للمطلوب خلال عام جديد. وفيما يرصد د. حسن عبد الغفور أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة التحسنات الملحوظة التي شهدها هيكل الصادرات الزراعية في 2006 إلا انه يري أن هذه التغيرات هي تغيرات خارجية وشكلية ومازال مضمون القطاع وقاعدته يعاني من معوقات مازالت تقف حجر عثرة في طريق الإصلاح الاقتصادي الذي يشهده القطاع وتحد من دوره في الاقتصاد القومي وأشار إلي ان المعوقات الموجودة حاليا قد تبدو بسيطة إلا انها تمثل القاعدة الأساسية للقطاع وتأتي في مقدمة هذه التحديات الميكنة الزراعية حيث ان الأراضي المصرية مازالت تعاني من استخدام طرق بالية تهدر الكثير من الوقت والجهد والتكاليف وبالتالي ينعكس علي الإنتاجية وتتمثل هذه الطرق في إعداد الأراضي الزراعية والري ومقاومة الحشائش والحصاد حيث تصل مثلاً كفاءة عملية البذار إلي 50% وفي إطار مقاومة الحشائش يضيع ما يزيد علي 75% من سوائل الرش علي الأرض. كما يلفت د. عبد الغفور إلي طرق الري التي تهدر كميات هائلة من المياه حيث يتم الري بالغمر في 70% من الأراضي المنزرعة والتي تؤدي إلي إهدار 80% من المياه ووصل الأمر إلي انه يتم استخدام هذه الطريقة في المناطق الجديدة المستصلحة رغم انها أراض ذات طبيعة رملية تتطلب الري بالرش أو التنقيط ويؤكد أن علاج هذه المعوقات ستنتج عنه طفرة حقيقية في القطاع الزراعي حيث إن البداية لابد ان تكون من الألف وليس الياء علي حد تعبيره. ضد "التحرير" ومن جانبه يري د. مدحت الحليبي أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة ان التعديلات الخاصة بتحرير التعاونيات من ثوبها الاشتراكي لتساهم مساهمة فاعلة في الاقتصاد الزراعي قد طال انتظارها، وشدد علي انه من غير المجدي ان نتحدث عن تحرر اقتصادي فكري دون ان يقترن بتطبيق حقيقي علي أرض الواقع. وأوضح الحليبي ان التعاونيات الآن في وضع حرج وسيئ نتيجة اعتمادها علي نفسها في تمويل أنشطتها ويلفت إلي انه برغم انها نشأت في مصر منذ بداية القرن العشرين كإنجاز مهم وفاعل للحركة الوطنية واستطاعت علي مدار العقود الماضية وعلي الرغم من التحديات التي واجهتها من حماية الزراعة المصرية، إلا ان حقبة السبعينيات شهدت تدهورا ملحوظا ومتصاعدا وسريعا في دور التعاونيات من خلال التهميش الواضح لدورها تحت دعوي "الإصلاح الاقتصادي"، ويأتي ذلك في الوقت الذي يتزايد دورها في الدول المتقدمة مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية. خطوات بطيئة كما تؤكد د. سهرة خليل عطا أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة ان الأمر يتطلب إلي جانب تحرير التعاونيات الاهتمام بتحرير قطاع الأسمدة وفقا لاستراتيجية واضحة والبدء في تنفيذها خاصة وان مصر من الممكن ان تكون لها مكانة هائلة ومتقدمة في خريطة سوق الأسمدة العالمية ولاسيما الأسمدة الأزوتية وذلك وفقا لإجراءات تدريجية، وتري أنه برغم الجهود المبذولة في زيادة خطوط الإنتاج من أجل زيادة إنتاجية مصر من الأسمدة إلا أن خطوات تحرر القطاع الواعد مازالت بطيئة ولا تتسم بالجدية. وفيما تلفت إلي ان القطاع الزراعي المصدر الرئيسي للدخل في مصر تؤكد ان الإمكانيات متوافرة ولكن المهم هو الاستفادة منها وفقا للمستجدات التي تطرأ علي الساحة الدولية وتدعو إلي إصلاح وتعديل قانون الزراعة والخروج بتشريع جديد أكثر شمولية وانفتاحا وخاليا من القيود، وتري ان تلك الخطوة مهمة من أجل تأهيل القطاع الزراعي ليكون في وضع تنافسي جيد امام دول الحوض الأبيض المتوسط. كما تشير د. سهرة إلي ان هناك قصورا واضحاً في دور الارشاد الزراعي وفي كوادره بما يؤدي إلي تهميش دور هذه المؤسسة التي تمثل القاعدة الأساسية وهمزة الوصل بين العلم والتقنية والفلاح، ويظهر ذلك بصورة واضحة في استخدام المبيدات الزراعية بصورة عشوائية وبالفهلوة، وأدي ذلك إلي عدم تطابق مواصفات في الكثير من صادراتنا مع المواصفات المحددة من قبل الأسواق الخارجية وبالتالي انخفاض صادراتنا علي الرغم من زيادتها. كما تظهر عشوائية استخدام المبيدات في مواجهة إيدز النخيل الذي ينتشر في الأراضي المصرية مما يهدد استثمارات النخيل والتي تقدر بنحو 12 مليار جنيه ولم يقدم الارشاد الزراعي فيه أي دور لمنع زحف سوسة النخيل "إيدز النخيل" الأمر الذي ساهم في تفاقم هذه الأزمة وزحف الإصابات إلي الأراضي الجديدة المستصلحة مع ان الخطأ كان من البداية من قبل الحجر الزراعي المصري والذي ساهم في توطن الإصابة في مصر حيث كانت مصر أول دولة إفريقية تصل إليها الإصابة عن طريق الفسائل المصابة التي دخلتها. صناعة حقيقية ومن جانبها تري د. مني المصري أستاذ التجارة الدولية بجامعة القاهرة انه علي الرغم من ان الإنتاج الزراعي حقق نموا ما بين 6.2% 5.3% فيما بين عام 1982 و2005 كذلك الحال بالنسبة للقيمة المضافة وزيادة رقعة الأراضي المزروعة والمساحة المحصولية وزيادة الصادرات إلا أن مصر وعلي الرغم من كل الجهود المبذولة لم تحقق الأهداف المنشودة في إيجاد صناعة تصدير حقيقية وتري اننا لم نصل إلي الآن إلي حالة النضج المطلوبة. وتوضح المصري ان هناك حاجة ملحة للتوسع في زراعة المحاصيل والتي تتمتع فيها مصر بميزة نسبية وتحويلها إلي ميزة تنافسية، كما يستدعي ذلك توجيه مزيد من الاهتمام للاستثمار في القطاع الزراعي ولاسيما الأراضي الجديدة، وخاصة مشروعات B.O.T حيث لم يشهد القطاع الزراعي حتي الآن تجارب من هذا النوع، وتشير إلي ان المستثمرين في المناطق الجديدة يمثلون ثلاث فئات وهي صغار المستثمرين وهم أصحاب حيازات من 10 15 فدانا ثم المنتفعون وهم أصحاب الحيازات ل 3 أفدنة وشباب الخريجين وهم أصحاب الحيازات ل 5 أفدنة وأضافت انه علي الرغم من وجود هذه الفئات في المناطق الجديدة إلا أن هناك قصورا واضحا في الدعم الفني المقدم لهؤلاء وينبغي أن يكون هناك تعاون بين هذه الفئات وبين كبار المستثمرين في المناطق الجديدة بحيث يكون هذا التعاون شرطا أساسيا من شروط عقود الانتفاع لكبار المستثمرين مع ضرورة مساعدتهم في تسويق محاصيلهم إضافة إلي مجموعة من الشروط الأخري التي تضمن الإنتاج الجيد والاستغلال الأمثل لأراضيهم وإدخال التكنولوجيا في عملهم.