كان والده الجنرال عمر توريجوس هو الذي أغري الولاياتالمتحدة بأن توقع في عام 1977 أي منذ نحو 29 سنة اتفاقية إعادة قناة بنما إلي أصحابها وبالفعل سلمت واشنطن قناة بنما إلي الحكومة البنماوية مطلع عام 2000.. واليوم جاء الرئيس الحالي لبنما مارتن توريجوس 43 عاما ليحصل علي موافقة الشعب البنماوي علي توسعة القناة كمشروع قومي يتكلف نحو 5 مليارات دولار ويستمر العمل فيه 8 سنوات ليكتمل في العيد المئوي لحفر قناة بنما عام 2014. ويقول مارتن إن والده حسم مشكلة ملكية قناة بنما وإن الجيل الحالي هو الذي سيطور ويعظم العوائد الاقتصادية والاجتماعية لموقع بنما الجغرافي معتمدا علي الأهمية المتصاعدة لقناة بنما بالنسبة للملاحة الدولية. ويقضي مشروع تطوير قناة بنما التي يبلغ طولها 80 كيلو مترا بإقامة سلسلة ثالثة من الأهوسة الأعرض علي طول القناة تسمح بمرور سفن الحاويات الكبيرة التي تحمل الواحدة منها 5 اَلاف حاوية من طول 6 أمتار وهي السفن التي ستكون عصب مستقبل الشحن البحري في السنوات القادمة. وتقول مجلة "تايم" إن قناة السويس المصرية المنافس التقليدي لقناة بنما يمكنها حاليا السماح بمرور هذه السفن الكبيرة.. وإن قناة بنما المطورة يمكن أن تكون منحة لمواني الولاياتالمتحدة علي خليج المكسيك والشاطيء الشرقي التي لا يمكنها استقبال أو إرسال سفن الحاويات العملاقة من وإلي اَسيا إلا إذا مرت من الطريق الطويل عبر قناة السويس ويقول جاري لاجرانج المدير التنفيذي لميناء نيو أورليانز إن توسعة قناة بنما ستدفع التجارة البحرية للشاطيء الشرقي الأمريكي وخليج المكسيك إلي الازدهار. ويري الرئيس البنماوي مارتن توريجوس الذي انتخب للرئاسة عام 2004 أن مشروع توسعة القناة ضروري للتجارة الدولية ولتطوير بنما كلها في اَن واحد. وكان معارضو توسعة القناة يحتجون علي ارتفاع التكاليف اللازمة للمشروع في حين يعيش 40% من شعب بنما تحت خط الفقر. ورغم أن متوسط دخل الفرد في بنما سنويا يبلغ 4318 دولارا فإن سوء توزيع الدخل في هذا البلد يلقي بظلاله علي كل شيء هناك ولعل هذا هو الذي جعل 22% فقط من شعب بنما يري أن مشروع توسعة القناة سيعود بالخير علي البلاد وذلك خلال استطلاع للرأي أجري قبل الاستفتاء علي مشروع التوسعة.. ومع ذلك فإن 78% من الشعب وافقوا علي المشروع خلال الاستفتاء الذي أجري في الشهر الماضي ويبلغ تعداد بنما كما هو معروف 3.2 نسمة فقط. وتجدر الإشارة إلي أن القناة هي بترول بنما ومورد أساس من موارد دخلها الوطني.. وقد كانت القناة تحت السيطرة الأمريكية تدار كمنشأة عسكرية أما بعد عودتها إلي الشعب البنماوي في 31 ديسمبر عام 1999 فقد أصبحت تدار كشركة تجارية أي بكفاءة أعلي وأمان أكبر وربحية أكثر حيث تضاعف دخل قناة بنما تقريبا خلال تلك المدة ليصبح 4.1 مليار دولار هذا العام "دخل قناة السويس 3.5 مليار دولار". ويقول ألبرتو أليمان رئيس هيئة إدارة قناة بنما إن القناة في الماضي كانت تكتفي بتمرير السفن أما الاَن فهي تضع عينها أيضا علي الحمولة ولذلك فهي تفرق حتي في الرسوم بين سفن الحاويات وبين ناقلات البترول وبين سفن الركاب وهذا يؤثر إيجابيا في زيادة الإيرادات وإشعار عابري القناة بالعدالة.. كذلك وضعت الإدارة الجديدة نظما للعبور تجعل ما كان يستغرق عدة أيام في الماضي لا يستغرق سوي يوم واحد الاَن. وتري مجلة "تايم" أن اختناقات العبور لا تزال أهم مشكلات قناة بنما التي تعبرها في السنة 14 ألف سفينة وهذا إلي جانب عجز القناة عن التعامل مع سفن الحاويات الكبيرة كما ذكرنا وهي السفن التي ستمثل في عام 2011 نصف حجم حمولة التجارة البحرية علي المستوي العالمي. وعموما فإن مشروع توسعة قناة بنما يعد جزءا من خطة قومية بنماوية أقرها البرلمان في الربيع الماضي تستهدف تحويل بنما كلها اقتصاديا وتجاريا لتصبح هونج كونج نصف الكرة الغربي أي تصبح مركزا ماليا وتجاريا وبحريا يشمل كل شيء من القطاع المصرفي الحر وحتي خدمات الطيران. وتقول الأرقام إن المشروع سوف يوجد 7 اَلاف فرصة عمل مباشرة إلي جانب 40 ألف فرصة عمل غير مباشرة وأنه سيؤدي إلي زيادة إيرادات القناة لتصبح 5 مليارات دولار سنويا مع حلول عام 2025 وأن الإيرادات الإضافية ستغطي تكلفة المشروع خلال سنوات قليلة وأن نصف هذه التكلفة سيتم تمويلها من خلال البنوك العالمية. وجدير بالتسجيل أن مناهضي مشروع توسعة قناة بنما يرون أنه سيزيد ديون البلاد الخارجية التي تبلغ 10 مليارات دولار حاليا بنسبة 60% من إجمالي الناتج المحلي وأن التكلفة الفعلية للمشروع قد تصل إلي 8 مليارات دولار، ناهيك عن مخاطر حدوث أي هبوط في التجارة القادمة من اَسيا أو الذاهبة إليها عبر القناة، ولكن الرئيس مارتن توريجوس يؤكد أن مشروع التوسعة سيخدم دور بنما العالمي ويفيدها من عولمة التجارة الدولية وأن التأخير فيه أكثر من ذلك ليس من مصلحة البلاد.