يوسف سري محمد* إن قرار د.يوسف بطرس غالي بسحب حسابات وأرصدة 280 جهة حكومية من البنوك التجارية وايداعها في حساب حكومي لدي البنك المركزي مع فتح حسابات موازية بالبنك المركزي مقابل الحسابات "الصفرية" بالبنوك التجارية لهذه الجهات يسمح لكل هيئة أو جهة سحب أي مبالغ في حدود ارصدتها ودون تأثيرات سلبية او انتقاص من حقوقها له مردودات ايجابية كثيرة. لاشك ان تلك الجهات الحكومية كانت تتمتع باستقلال مالي وحرية في الصرف قبل صدور هذا القرار وذلك لغياب مندوب المالية وعدم سيطرته علي هذه الصناديق والوحدات الحسابية الخاصة الذي اعطي حرية لرؤساء هذه الجهات في التصرف في هذه الاموال دون ضابط ولا رابط والذي ساعد علي ذلك غياب لائحة لمراقبة هذه الصناديق في كثير من هذه الوحدات وكيفية صرف اموالها وقد تم تشبيه هذه الارصدة بهذه الحسابات بالاموال السايبة لعدم سيطرة وزارة المالية علي الصرف. ولا شك انه في الاونة الاخيرة لوحظ حدوث تصرفات مالية غير سليمة بقصد وبغير قصد لعدم إلمام رؤساء مجالس ادارات هذه الصناديق بالتعلمات المالية وكذا اختيار مديرين ماليين ليسوا علي مستوي وخبرة مالية قليلة يتبعون اداريا وفنيا تلك القيادات ينفذون التعلميات لارضائهم بعيدا عن اللوائح والقوانين والنتيجة تحويل كثير من العاملين الي النيابة الادارية بالاضافة ان بعض هذه الجهات لا تحصل علي فوائد مناسبة للودائع الخاصة بهذه الصناديق والبعض الآخر لا يحصل علي اي فوائد وترك في الحسابات الجارية مبالغ بالملايين دون توظيفها كما ان هذه الايرادات لا تبلغ الي وزارة المالية بل قد تبلغ قيمة الايرادات التي تعادل المصروف المنصرف الفعلي فقط وباقي الايراد يحتفظ بها خوفا من سيطرة المالية عليه. من وجهة نظري وخبرتي في هذا المجال فإن القرار له مردود ايجابي كبير علي الخزانة العامة للأسباب الاتية: 1- سيوحد حسابات جهات الدولة المختلفة بدلا من ان يكون لكل جهة حساب او اكثر في عدة بنوك. 2- تجميع جميع ايرادات الحكومة في حساب اجمالي بما يسمح بمراقبة ادائها ويمنعها من التجاوز في السحب من ارصدتها فان الرصيد الموجود لدي المركزي سيعكس بوضوح جميع الارصدة الحكومية. 3- يسهل مهمة الجهاز المركزي للمحاسبات في الرقابة علي الجهات الحكومية. 4- زيادة رصيد الحكومة لدي البنك المركزي. 5- تخفيض العجز في حسابات الحكومة لدي البنك المركزي والذي تغطيه المالية من خلال اصدار اذون علي الخزانة والتي تدفع عليها عوائد بمعدلات تفوق ما تتقاضاه الحكومة من البنوك التجارية. 6- سحب قدر من السيولة لدي البنوك مما يساعد علي امتصاص السيولة الزائدة لدي بعض البنوك مما يؤدي الي رفع سعر الفائدة علي الودائع. 7- تحقيق انخفاض نسبي في الفائدة علي اذون الخزانة اي انه سيؤدي الي تصحيح اسعار الفائدة في السوق. 8- وفي ظل تطبيق اسلوب البرامج والاداء علي اعداد الموازنة حيث تقدم كل جهة البرامج التي ستقوم بتنفيذها وبناء عليه يتم تحديد الموازنة الخاصة بها وهذا يعني المتابعة ربع السنوية للاداء والتنفيذ ويجعل الانتقال بالصرف من بند لآخر يخضع لرقابة أكثر. 9- يفيد في التخطيط واعداد الموازنات العامة والتفصيلية. إن الحساب الموحد للخزانة العامة للدولة مطبق في معظم دول العالم وقد استحسن صندوق النقد الدولي فكرة تطبيقها في مصر مشيرا الي ان التطبيق لن يؤثر علي عمليات سحب الجهات المختلفة لأموالها وكذلك ايداعها علما ان قانون البنك المركزي ينص علي ان يمسك البنك المركزي حسابات الحكومة ويقوم بهذه المهمة بدون مقابل كما ان وزارة المالية سوف تتحمل باي تكاليف للمعاملات المصرفية ما بين البنوك التجارية والبنك المركزي علما بان القرار قد تضمن تعويض الجهات الحكومية عما كانت تتقاضاه من فوائد علي ارصدتها في البنوك التجارية بذات المعدل. اعتقد ان المصلحة العامة يجب ان تتغلب علي مصلحة تلك الجهات خاصة وان الملتزمين وغير المتخصصين القائمين علي هذه الوحدات سوف يكونون في امان واطمئنان بان تصرفاتهم متماشية مع اللوائح والقوانين. * خبير اقتصادي E_mail: [email protected]