قررت بورصة شيكاغو ميركنتايل إكستشينج CME يوم 17 أكتوبر الحالي شراء بورصة شيكاغو بورد أوف تريد CBOT مقابل 8 مليارات دولار وذلك لتكوين أكبر سوق مالي في العالم يتيح للمستثمرين تداول ما لديهم من مختلف الأوراق المالية والعملات والذهب. وقد تم الاتفاق علي هذه الصفقة التي هزت الدوائر المالية في العالم بحضور كل من تيري دوفي رئيس مجلس إدارة CME وتشارلز كاري رئيس مجلس إدارة CBOT، والطريف أن كلا منهما كان قد بدأ حياته العملية في بورصته منذ ربع قرن بالتمام والكمال وقادتهما خطواتهما إلي تولي رئاسة كل من البورصتين. وتقول مجلة "الإيكونوميست" إن هذه الصفقة ليست مجرد اندماج بين بورصتين تعملان في مدينة واحدة هي شيكاغو ولكنها سوف توجد أكبر بورصة في العالم لتجارة المشتقات.. فالبورصتان معا تشهدان يوميا 9 ملايين عملية تبلغ قيمتها نحو 4.5 تريليون دولار.. ولكن يبقي أن تحصل الصفقة علي موافقة حملة الأسهم في البورصتين، بالإضافة إلي السلطات الحكومية في الولاياتالمتحدة. وتجدر الإشارة إلي أن القيمة السوقية للبورصتين معا تبلغ حاليا نحو 25 مليار دولار وهي أكبر من القيمة السوقية لبورصة نيويورك NYSE أو البورصة الألمانية السويسرية لتجارة المشتقات يوريكس. وهذا الاندماج أكثر من ذلك سيضع ضغوطا علي البورصات المنافسة مثل بورصة نيويورك لكي تعجل من خطط الاندماج التي تسعي إليها مع بورصات أخري علي الشاطئ الأوروبي للأطلنطي.. كما أنه سيصعب من مهمة أية بورصة تحاول أن تحتل مكانا قياديا في مجال تجارة المشتقات. والحقيقة أن هناك ما يدعونا إلي أن نحسد شيكاغو حيث إن بورصتيها تندمجان في وقت تتعرض فيه محاولات البورصات الأخري للاندماج، خاصة في أوروبا للتعثر سواء بسبب مقاومة حملة الأسهم أو السلطات المعنية أو الاثنتين معا وذلك علي الرغم من أن الحاجة لمثل هذه الاندماجات قد أصبحت ماسة.. فالعملاء مثل صناديق التحوط صارت تملك التكنولوجيا التي تمكنها من تداول مختلف أنواع الأصول ولكنها تحتاج البورصات لتكون أماكن ذات تكلفة رخيصة لإتمام الصفقات، إلي جانب قدرتها علي توفير القدر المناسب من السيولة. ويقول ستيف رودوسكي مدير الأصول في PIMCO وهي شركة في كاليفورنيا تدير أصولا بقيمتها 700 مليار دولار إن بورصة CME جروب وهي اسم البورصتين بعد الاندماج ستسهل تداول حزم من الأصول المالية وتقلل تكلفة تداولها وذلك مثل أذون وسندات الخزانة والأوراق المالية دولارية كانت أو باليورو وهي أصول تداولها موزع حاليا بين البورصات المختلفة.. وتشير الأرقام إلي أن اندماج البورصتين سيوفر 120 مليون دولار وهو ما سيعني إمكان خفض رسوم التداول في البورصة الجديدة.. ولكن هذا الخفض علي أية حال ليس أمرا مؤكدا، ونحن نذكر أن بورصة CBOT قد خفضت رسومها بشكل مؤقت عندما قررت يوريكس عام 2003 تحدي احتكارها للتجارة في أذون وسندات الخزانة الأمريكية.. وبعد أن فشلت يوريكس في هذا التحدي عادت CBOT إلي رفع رسوم التداول من جديد إلي ضعف ما كانت عليه. وعموما، فإن بعض شركات السمسرة تتوقع ارتفاع رسوم التداول في البورصة الأمريكية CME جروب في الفترة القادمة بعد إتمام الاندماج وهذا أمر لابد أن السلطات المسئولة عن البورصات في الولاياتالمتحدة ستضعه في الاعتبار وهي تبحث صفقة الاندماج بين CME وCBOT من زاوية قانون منع الاحتكار وحماية المنافسة. وتقول مجلة "الإيكونوميست" إن البورصات المنافسة بدأت تتهم شيكاغو فعلا بالسعي نحو الاحتكار.. وقد أعلن متحدث باسم بورصة يورونكست الأوروبية أن صفقة الاندماج ستكون بمثابة عملية طرد للمنافسين خارج الحلبة.. ومعروف أن يورونكست تأمل أن توسع عملياتها في مجال تداول المشتقات في السوق الأمريكي عبر بورصة LIFFE إذا ما نجحت خطط الاندماج المزمعة بين يورونكست وبورصة نيويورك. وفيما يخص البورصة الألمانية "دويتش بورص" فإن الاندماج سيضرها حيث ستفقد بورصة يوريكس التابعة لها وضعها القيادي العالمي في مجال تجارة المشتقات.. وإذا كانت بورصات أوروبا قد بدأت تتحرك لإقامة تحالفات مع بورصات البرازيل والمكسيك وتايوان، فمن المؤكد أن الخطوة القادمة لكل من دوفي وكاري ستكون هي التحرك للعمل فيما وراء البحار لتظل المنافسة مشتعلة في عالم البورصات الرهيب.