يحاول تيري سيميل رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة الانترنت الشهيرة ياهوو أن يبرهن علي أن شركته التي تعد أكبر شركة إنترنت من حيث عدد زوار موقعها تملك أيضا استراتيجية متماسكة وناجحة بالمقارنة مع الشركات الأخري المنافسة خاصة جوجل صاحبة أداة البحث الذائعة المسماة بنفس الاسم. ولكن الحقيقة التي تؤكدها مجلة الإيكونوميست هي أن جوجل ذات الإيرادات الأعلي قليلا من ياهوو صارت قيمتها السوقية حاليا ثلاثة أضعاف قيمة ياهوو السوقية.. وخلال الشهور الثلاثة الأخيرة انخفضت أسعار أسهم ياهوو مرتين لتزداد بذلك الفجوة بين القيمة السوقية لكل من الشركتين. ففي يوليو الماضي أعلن سيميل تأجيل تنفيذ مشروعه الطموح باناما لتحسين تكنولوجيا ياهوو وزيادة إيراداتها حتي نهاية العام الحالي وأدي ذلك إلي الانخفاض الأول في سعر سهم الشركة، أما الانخفاض الثاني فقد حدث منذ أيام عندما حذر سيميل المستثمرين في مؤتمر عقده بمقر جولدمان ساكس من أن النمو في إعلانات الانترنت لم يكن بالمستوي الذي يأمله وأن إيرادات الربع الثالث من العام ستكون أقل مما كان يتوقعه.. وقال سيميل إن قطاعي السيارات والبنوك أكبر القطاعات المعلنة لدي ياهوو قد تراجع طلبهما علي الإعلان بصورة غير متوقعة. وبالطبع يشعر سيميل بخيبة الأمل إزاء رد فعل البورصة علي هذه التطورات ويري أنه رد فعل ساذج وسخيف ويؤكد أنه لايزال يأمل زيادة إعلانات هذين القطاعين مرة أخري في الربع الأخير من العام الحالي. ولا شك أن انفراد ياهوو بتباطؤ إيراداته الإعلانية دون غيره من شركات الانترنت الكبري يمثل جزءا مهما من هذه المشكلة.. ومنذ أيام ذكرت شركة الاستشارات برايس ووتر هاوس كووبرز ومكتب الإعلانات التفاعلية أن الإعلانات الأمريكية عبر الانترنت زادت في النصف الأول من العام الحالي بنسبة 37% لتصبح 9.7 مليار دولار وهي زيادة قياسية دون شك.. كذلك أعلن جيم لانزون رئيس شركة ASK.Com رابع أكبر شركات الانترنت بعد جوجل وياهوو ومايكروسوفت MSN أن حجم الإعلانات عبر مواقع شركته لم يشهد تراجعا. ولتفسير هذا التناقض بين واقع الحال في ياهوو وتصريحات رئيسه التنفيذي سيميل يقول هنري بلودجت مؤسس شركة الاستشارات تشيري هيل ريسيرش إن ياهوو مازالت تعاني من خطأ هائل وقعت فيه في التسعينيات، ففي ذلك الوقت كانت ياهوو تحاول أن تكون بوابة للمحتوي علي الانترنت، وظنت أن البحث علي الانترنت سيكون مجرد نشاط جزئي وليس عملا مجزيا ومربحا في حد ذاته. وبمرور الوقت أدركت ياهوو الخطأ الذي ارتكبته وكان ذلك منذ ثلاث سنوات فقط بعد أن أصبح الوقت متأخرا وسبقتها جوجل علي هذا الطريق بأداتها البحثية الذائعة وكان نصيب جوجل من أرباح البحث يتزايد وهو الأمر الذي مكنها من توجيه الجزء الأوفر من أرباحها من البحث إلي الاستثمار وأصبحت تستثمر أكثر من ياهوو. ويدافع سيميل عن موقفه مؤكدا أن مكاسب جوجل من البحث لم تكن علي حساب ياهوو التي تحتل المركز الثاني في هذا المجال وأن الخاسر الحقيقي هو MSN وأن مشروع باناما عند تنفيذه في نهاية العام سيساعد علي زيادة أرباح ياهوو من البحث. ويري الرجل أن ياهوو تملك مصادر أخري لجلب الإيرادات وأنها بذلت وتبذل جهودا حثيثة في هذا المجال.. فعند ياهوو البريد الالكتروني والخدمة المالية والأنباء العامة وغير ذلك مما لا يوجد له سوي مثيل محدود عند جوجل، وعلي سبيل المثال فإن خدمة إجابات ياهوو حيث يسأل المستخدمون أسئلة حقيقية يجيب عنها مستخدمون اَخرون وهي الخدمة التي أدخلتها الشركة منذ 9 شهور فقط صار لها 50 مليون مستخدم في 20 دولة ولكن هذا كله لا يسد ما هو موجود من ثغرات في أعمال ياهوو تجعل جوجل تتفوق عليها حتي الاَن. وعموما تقول مجلة "الإيكونوميست" إن هذا لا يعني أن ياهوو تواجه خطرا داهما، وإذا ثبت أن إعلانات الانترنت تباطأت بالفعل فسوف تشعر بذلك جوجل وغيرها من الشركات إن اَجلا أو عاجلا.. أما إذا كانت الإعلانات لاتزال تتزايد ففي مقدور ياهوو أن تحتفظ لنفسها علي الأقل بالمركز الثاني بعد جوجل.