تعكس الأرقام الأخيرة لمعدل نمو منطقة اليورو التي تضم اثنتي عشرة دولة أن الاقتصاد الأوروبي في طريقه إلي التعافي بعد أن أظهرت الاحصائيات الرسمية نمو أنشطة الإنشاءات بمعدل 2.7% خلال الشهور الثلاثة المنقضية حتي يونية الماضي وهو ما يمثل أسرع معدل نمو فصلي خلال عقد وهو مؤشر جيد أيضا علي أن اقتصاد منطقة اليورو قادر علي الخروج من حالة الركود التي تعرض لها في الاَونة الأخيرة، خاصة بعد أن أظهر أكبر اقتصادين في المنطقة وهما الاقتصاد الألماني ومن بعده الاقتصاد الفرنسي قدرة ضعيفة علي النمو. إلا أن اقتصاد منطقة اليورو قهر التوقعات وأظهر نشاطا وحيوية كبيرين فاجأ بذلك معظم المحللين والمراقبين، ويري رئيس اتحاد الصناعات الإنشائية الأوروبية أن ازدهار صناعة البناء الذي يستند إلي زيادة الطلب المحلي يمثل مؤشرا قويا، وأضاف أن النزعة الإيجابية سوف تتواصل مع وجود فارق في معدلات النمو بين الدول الأعضاء. وتمثل الأرقام الأخيرة مؤشرا إيجابيا له أهميته الكبيرة لأن الارتفاع في أنشطة البناء عادة ما ينظر إليه علي أنه الدورة الأخيرة في النشاط الاقتصادي إلا أن توسع أنشطة قطاع الأعمال يمثل عاملا إيجابيا اَخر يضاف إلي نمو قطاع الإنشاءات بنسبة كبيرة خلال فترة قصيرة كما أصبح المستهلكون أكثر رغبة في شراء منازل مرتفعة الثمن. وقال مسئول الاتحاد إن الزيادة الأخيرة يرجح معها الكثير من الاحتمالات.. الأول أن منطقة اليورو أصبحت علي أعتاب نقطة تحول كما يزيد من مخاوف زيادة معدلات التضخم. وشهد الناتج المحلي الإجمالي معدل زيادة قدرها 0.9% خلال الربع الثاني من العام الحالي وهو ما يدعم النزعة التفاؤلية السائدة كما يمثل هذا المعدل أعلي نسبة نمو محققة منذ 6 سنوات ويتجاوز نسبة النمو المحققة خلال الفترة نفسها للاقتصاد الأمريكي وهو معدل يصعب تكراره مجددا. ومع ذلك حذر كبير الخبراء الاقتصاديين في منظمة الاقتصاد والتعاون والتنمية من هذه الأرقام التي تشير إلي تحسن الأداء الاقتصادي في النصف الأول من العام، مشيرا إلي أنه من المحتمل أن تتباطأ هذه النسبة في الفترة القادمة ورغم هذه الأرقام البراقة فإن هناك مخاوف وتحديات كثيرة تواجه منطقة اليورو وعلي رأسها زيادة أسعار الفائدة وذلك لمواجهة الضغوط التضخمية حيث يتوقع زيادتها بمعدل نصف في المائة علي مرتين لتصل إلي معدل 3.5% كما توجد مؤشرات علي إمكانية زيادتها مجددا في عام 2007. كما يعتزم صندوق النقد الدولي إصدار تحذير يشير إلي أن خطر تباطؤ الاقتصاد العالمي بات كبيرا. وكان رئيس مصرف "بوند سبنك" الألماني قد توقع قبل أيام أن البنك المركزي الأوروبي ربما يشرع في زيادة أسعار الفائدة مجددا عام 2007. وتعافي اقتصادات كبري في المنطقة مثل ألمانيا وإيطاليا من تشديد ميزانيتها وأوجه الإنفاق حيث تسعي كل من برلين وروما إلي الالتزام بالقواعد الأوروبية في هذا المجال. وتخطط ألمانيا إلي زيادة حصيلة ضرائب القيمة المضافة بنسبة 3% العام القادم وهو الأمر الذي سيضر بمعدل نمو اقتصادها في الربع الأول من العام القادم. وربما تستفيد دول أخري مثل إسبانيا وفرنسا وايرلندا من ازدهار أسعار المنازل رغم عدم توافر احصائيات مما يجعل من الصعب الحكم علي حالة أسواق المنازل.. إلا أن المؤشرات الاقتصادية المتوافرة وخاصة مؤشر ثقة المستهلك التابع للمفوضية الأوروبية يرجح حدوث تباطؤ في الشهور القادمة وهو ما يشير بدوره إلي أن الزيادة في معدل نمو قطاع الإنشاءات الأوروبي مبالغ فيه خصوصا لأنه يأتي بعد شتاء قارس. ومع ذلك يري محلل في بنك "أوف أمريكا" أن الزيادة الكبيرة في معدل نمو قطاع الإنشاءات ربما تدوم لعامين أو ثلاثة.. إلا أن الأمر الأكثر توقعا هو عدم وجود توقعات قوية بتباطؤ كبير في الاقتصاد الأوروبي فقد أظهرت أرقام حديثة زيادة طلبيات القطاع الصناعي الألماني خلال شهر يولية. وتتوقع منظمة "أوسيد" أن تحقق اقتصادات منطقة اليورو معدل نمو قدره 0.7% في الربع الثالث من العام الحالي ومعدل نمو أقل في الربع الأخير.. إلا أن هناك إجماعا بين المحللين علي أن معدل النمو في العام القادم سيكون أضعف كثيرا من معدلات النمو المحققة خلال العام الحالي.