تزايد عدد صفقات التخارج في السوق الأمريكي وكبر حجمها حتي صارت كالسيل الجارف خلال الفترة الأخيرة.. وتقول مجلة "الإيكونوميست" إن الشهور القليلة الأخيرة شهدت عقد 12 صفقة تقدر قيمتها بمليارات الدولارات.. ومنها ثلاث صفقات كبري شملت قطاعات تجارة التجزئة والطاقة وشبكات البث الإذاعي بلغت قيمتها أكثر من 10 مليارات دولار. ومنذ أيام أعلن عن صفقة تخارج جديدة تفوق قيمتها كل ما سبق وسوف تعد في حالة إتمامها أكبر صفقة تخارج في تاريخ السوق الأمريكي كله.. حيث تشكل تحالف تقوده شركة التخارج العملاقة كوهلبرج كرافيز روبرتس KKR ويضم شركة باين كابيتال وبنك الاستثمار ميريل لينش لشراء سلسلة المستشفيات الأمريكية المعروفة HCA مقابل 21 مليار دولار إلي جانب تحمل ما عليها من ديون تبلغ قيمتها 11.7 مليار دولار أخري أي إن القيمة الإجمالية للصفقة تبلغ نحو 33 مليار دولار إلا قليلا.. وسلسلة مستشفيات HCA تضم 182 مستشفي منتشرة في 24 ولاية إجمالي إيراداتها السنوية تناهز ال 24 مليار دولار. وطبقا للقانون الأمريكي فإن مستشفيات HCA لديها 50 يوما تفكر خلالها في هذا العرض وغيره من العروض المماثلة قبل البت فيها بالرفض أو الموافقة. وتشير أنباء السوق إلي أن مجموعة بلاكستون جروب تقدمت هي الأخري بعرض لشراء مستشفيات HCA مقابل 15 مليار دولار فقط.. والمرجح علي أية حال أن تفوز شركة KKR وحلفائها بالصفقة ليس فقط لأن عرضها هو الأكبر وإنما أيضا لأن العائلة المؤسسة لمستشفيات HCA وهي عائلة فيرست تؤيد عرض شركة KKR وتضم هذه العائلة الدكتور توماس فيرست الرئيس السابق لسلسلة المستشفيات المذكورة إلي جانب شقيقه بيل فيرست زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي ومرشح الجمهوريين المحتمل في انتخابات الرئاسة عام 2008. ومعروف بالطبع أن سلسلة مستشفيات HCA سوف تتحول إذا تمت الصفقة من شركة عامة مسجلة في البورصة إلي شركة خاصة، ومع ذلك فإن حملة الأسهم لا يشعرون بكثير من القلق لأنهم لن يخسروا كثيرا من هذه العملية.. هذا إلي جانب أن أرباح مستشفيات HCA كانت في تراجع خلال السنوات الأخيرة فأرباح الربع الثاني من العام الحالي لم تتجاوز ال 295 مليون دولار في حين أنها كانت 405 ملايين دولار خلال نفس الربع من العام الماضي وهذا بالطبع في صالح شركة التخارج المشترية لأنه يسهم في خفض سعر سهم سلسلة المستشفيات. وتقول مجلة "الإيكونوميست" إن أسعار أسهم شركات الرعاية الصحية كلها في حالة هبوط هذه الأيام ومع ذلك فإن هذه الصفقة تعتبر مخاطرة بالنسبة لشركة التخارج KKR وحلفائها لأكثر من سبب أولها وأهمها أنه سيكون من الصعب زيادة إيرادات هذه المستشفيات أو خفض تكاليفها بالنسبة للإدارة الجديدة.. فنحو نصف إيرادات مستشفيات HCA تأتي من الحكومة باعتبارها جزءا من نظام التأمين الصحي الأمريكي والحكومات عادة ليست سخية وتحاول دائما ضغط إنفاقها.. كما أن أي عملية إصلاح لنظام التأمين الصحي قد تكون لها اَثار سلبية علي كل المستشفيات. وحتي لو تصورنا أن الإيرادات قد أمكن زيادتها علي نحو أو اَخر فإن تكاليف المستشفيات الأمريكية كلها وصلت إلي حدودها القصوي وصار أيضا من الصعب تخفيضها فقد زادت هذه التكاليف طبقا لأرقام شركة الأبحاث سولوسينت بنسبة 48% خلال الفترة من عام 1997 حتي عام 2005.. وهذه الزيادة ناجمة عن عدة عوامل مثل ارتفاع أسعار الأدوية وأسعار المعدات الطبية وزيادة أجور الأطباء وهيئات التمريض ومجمل العاملين في المستشفيات.. أضف إلي ذلك ارتفاع نسبة الديون المعدومة علي المرضي من خارج نظام التأمين الصحي إلي 18% من جملة الإيرادات في عام 2005 بعد أن كانت هذه النسبة 12% فقط في عام 2003. وعلي أية حال فقد أعلنت KKR أن خطتها لإصلاح حال سلسلة مستشفيات HCA لا تعتمد علي خفض التكاليف وأنها سوف تستثمر فيها بمجردإتمام الصفقة 5.7 مليار دولار من أجل تجديدها بهدف زيادة الإيرادات أولا قبل التفكير في أية خطوة أخري تالية.