يري خبراء غربيون ان تسارع النمو الاقتصادي الصيني بشكل محموم تحول الي مشكلة داخلية وخارجية ..وقالوا ان الاقتصاد الصيني، الذي كان ينظر إليه في السنوات الأخيرة علي انه داعما للاقتصاد العالمي فانه يوصف الآن علي أنه شيئ مؤلم وضار . واشار هؤلاء الخبراء انه للعام الثاني علي التوالي يسجل اقتصاد "التنين الأصفر " معدلات نمو سريعة علي نحو يدعو للقلق ..وقالوا انه خلال الربع الأول من العام الحالي سجل إجمالي الناتج المحلي الصيني نموا بنسبة 3ر10 % مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي . واوضح محللون اقتصاديون في نيويورك ان ارتفعت الاصدارات النقدية بالصين ارتفعت 19 % خلال الأثنتي عشرة شهرا المنتهية في مايو الماضي فيما قفزت معدلات الإقراضات البنكية المحلية بمقدار 4/5 خلال الخمسة أشهر الأولي من 2006 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق. وقالوا إن كل هذه السيولة تعزز حالة ما اسموه "الازدهار السطحي في الاستثمار " حيث ترتفع أصول الاستثمارات الثابتة بنسبة 30 % بمعدلات سنوية بما يعادل ضعفي السقف الذي حددته الحكومة فيما قفزت الصادرات أيضا بما يدعم احتياطي النقد الأجنبي الصيني الذي يقدر حاليا بنحو تريليون دولار ليكون بذلك الأكبر في العالم.. مشيرة إلي أن معظم هذه الأموال يعود مرة أخري للاقتصاد ليساهم في تمويل التوسع. وكان مكتب الاحصاءات الوطني الصيني قد اكد الأسبوع الماضي أن معدل نمو الاقتصاد الوطني الصيني بلغ 9ر10 بالمائة علي أساس سنوي في النصف الأول لعام 2006 الحالي وهو معدل قياسي غير مسبوق منذ بدأت الصين مسيرة الاصلاح والانفتاح في نهاية عقد السبعينيات من القرن المنصرم. ونبه الي أن هذا الارتفاع القياسي يأتي علي الرغم من حزمة الاجراءات التي فرضتها الحكومة لتشديد السيطرة الكلية علي الاقتصاد وإحتواء الاتجاه الخاص بالاستثمار المفرط في قطاعات بعينها الي حد أصبح الاقتصاد الكلي الصيني يعكس تناميا إستثماريا واضحا في النصف الأول من هذا العام. وقال المتحدث باسم مكتب الاحصاءات الصيني تشنغ جينغ بينغ ان إجمالي الناتج المحلي بلغ في نهاية الأشهر الستة الأولي من العام الحالي 14ر9 تريليون يوان(14ر1 تريليون دولار أمريكي). وأضاف إن الاستثمارات الاجمالية في الطرق ومعدات المصانع والأصول الثابتة الأخري إرتفعت بمعدل 8ر29% بزيادة 4ر4 نقطة مئوية قياسا بالفترة ذاتها من العام الماضي ونبه في هذا الصدد الي أن "السخونة المفرطة" في الاستثمارات شملت كل الصناعات وكافة مناطق البلاد تقريبا ..مشيرا الي اهمية تشديد السيطرة الكلية لاحتواء هذا الاتجاه الذي يهدد الاقتصاد الوطني الصيني . ويري خبراء اقتصاد غربيون ان الحكومة الصينية تحاول التحكم في هذا الازدهار القوي بنفس الأدوات التي استخدمتها من قبل خلال عام 2004 وهي أدوات التحكم الإداري لكبح الاستثمارات المتزايدة في بعض الصناعات بعينها فضلا عن فرض تقييدات نقدية متقطعة في السياسة النقدية. وأشاروا في هذا الصدد الي ان السلطات الصينية قامت بالفعل بتضييق قيود الإنفاق الاستثماري في بعض القطاعات التي تشهد نشاطا محموما كالقطاع العقاري . ونوه هؤلاء الخبراء بتحذير رئيس الوزراء الصيني مؤخرا الحكومات المحلية والبنوك لوقف تمويل هذا العدد الكبير من المشروعات الإنشائية . كما طلب البنك المركزي الصيني في 16 يونيو الجاري - بعد رفعه سعر الفائدة الرئيسية بنسبة 25ر0 % - من البنوك التجارية برفع نسبة الاحتياطي النقدي لديها بنسبة نصف %. ومن جانبه ..يتوقع خبير مالي في بنك "دويتش بنك" أن تضع الصين مزيدا من القيود خلال الأشهر المقبلة قد تشمل زيادة جديدة في أسعار الفائدة . غير ان بعض الخبراء الاقتصاديين مازلوا يتسألون عما إذا كانت تلك الاجراءات كافية أم لا ..مشيرين إلي أن استجابة السلطات الصينية منذ عامين كانت تعتبر ناجحة في هذا الوقت ولكن مع إعادة النظر وتقييم الموقف فان الامر مازال يتطلب جهدا اكبر . ويري خبير اقتصادي بمؤسسة "مورجان ستانلي" أن الاقتصاد الصيني حاليا يبدو كبيرا جدا بالنسبة لمعايير الاقتصاديات الجزئية مما يجعل من الصعب أن تنجح مثل هذه القيود الاستثمارية في بعض الصناعات، مشيرا إلي أن السلطات الصينية عليها استخدام ادوات الاقتصاد الكلي في محاولتها لتخفيف سرعة النمو الاقتصادي مقترحا تقييد السياسة المالية أو بالسماح لرفع سعر صرف اليوان. وقال ان النمو المتزايد في الاقتصاد الصيني ليس فقط محل قلق داخلي بل إن هناك العديد من دول العالم تتصاعد تساؤلاتها حول ما يمكن أن يفعله الاقتصاد الصيني القوي في الأسعار العالمية خاصة مع ارتفاع القلق الدولب من تداعيات تفاقم التضخم. وأشار في هذا الصدد الي تأثير رخص الأسعارالصينية علي البضائع المصنعة المعروف باسم "سعرالصين" علي صادرات العديد من الدول . ويتوقع خبراء غربيون أن البيانات الحالية في الصين قد تنبئ بحدوث " تصحيح تضخمي " سيكون له تاثير دوراني داخليا وخارجيا ..وقالوا انه مع ارتفاع أسعار الأغذية المحلية وتكاليف الطاقة وتزايد تكاليف العمالة فمن المحتمل أن تواجه الصين قريبا ارتفاعات جديدة في الأسعار مما يزيد من التداعيات السلبية للتضخم .