لقد كان التوقيت حادا بل وشديد الحدة.. فبينما كان الامريكيون يستعدون للاحتفال بيوم الاستقلال (4 يولية) اقترح كيرك كيركوريان المستثمر الملياردير الذي يملك 10% من شركة جنرال موتورز اكبر شركة سيارات في العالم ان تتحالف هذه الشركة مع شركتي رينو الفرنسية ونيسان اليابانية كأفضل امل لها في الخروج من ازمتها.. والمغزي هنا واضح فالرمز الامريكي جنرال موتورز يحاول انقاذ نفسه عن طريق فرنساواليابان. وتقول مجلة "الايكونوميست" ان كيركوريان هو اكبر حملة الاسهم في جنرال موتورز كما انه رجل حرون وقد ظل اكثر من عام يحث ريك واجونير رئيس مجلس ادارة جنرال موتورز علي النهوض بالشركة عن طريق وضع اهداف طموح وجدول زمني لتحقيق هذه الاهداف من اجل وقف تدهور جنرال موتورز.. وضرب مثلا بما فعله كارلوس غصن مع شركة نيسان اليابانية حيث امكنه تغيير اقدارها عن طريق وضع اهداف ذات اسقف عالية والسعي الجاد لتحقيقها. ولعل سر نجاح غصن انه يعتمد علي تكوين فرق عمل متعددة الوظائف ويكلفها بوضع خطط مفصلة للعمل ثم يعمد الي تحقيق هذه الخطط.. وقد نجح غصن بهذا الاسلوب في شركة ميشلان في كل من البرازيل وامريكا وشركة رينو في فرنسا ثم جاءت اشهر نجاحاته مع نيسان في اليابان بعد ان تملكت رينو حصة في هذه الشركة اليابانية التي كانت متداعية عام 1999.. ويومها شبه بوب لوتز الذي يتولي الان منصب نائب رئيس مجلس ادارة جنرال موتورز الاستثمار في نيسان بانه بمثابة ملء حاوية بسبائك من الذهب واغراقها في المحيط الهادي كناية عن فشل استثمار رينو في نيسان ولكن ما حدث بالفعل ان خسائر جنرال موتورز من ذلك الحين في تزايد مخيف في حين وقفت نيسان علي قدميها واصبحت تحقق هوامش ربح عالية بل من اعلي الهوامش في صناعة السيارات العالمية. وامام هذا الوضع تحرك كيركوريان مع لجنة مراقبة البورصة واعد خطة لوقف تدهور مبيعات جنرال موتورز وتآكل نصيبها من السوق الامريكي وتقضي هذه الخطة بانضمام جنرال موتورز الي تحالف رينو ونيسان لتصبح طرفه الثالث.. ولما كانت القيمة السوقية لرينو وحدها ضعف قيمة جنرال موتورز السوقية فان رينو ونيسان يمكنهما معا شراء حصة حجمها 20% من جنرال موتورز واكدت الخطة ان هذا التحالف سيقوي القدرة التنافسية للشركات الثلاث. وقد جاء اعلان كيركوريان عن هذه الخطة انذارا لادارة جنرال موتورز بمواجهة نزاع قضائي مع حملة الاسهم اذا هي لم تأخذها مأخذ الجد.. وقد كان االظاهر ان واجونير لا يعبأ بخطة كيركوريان ولكن الحقيقة انه قد التقي مع كارلوس غصن في باريس يوم 14 يولية لدراسة الامر. وتجدر الاشارة الي ان غصن لا يخفي اهتمامه باضافة طرف امريكي الي التحالف الاوروبي الآسيوي وانه التقي مع كيركوريان وغيره من كبار المساهمين لمناقشة الامر.. ومنذ ايام اعلن مجلس ادارة كل من رينو ونيسان عزمهما علي مناقشة الامر.. كذلك فان كثيرا من المستثمرين في جنرال موتورز يحبذون الفكرة بل ان سعر سهم الشركة قد ارتفع بنسبة 10% فور الاعلان عن الخطة التي تعني ان جنرال موتورز لاتزال لها قيمة. ولكن السؤال هو هل هذا التحالف سيكون مجديا؟ تقول مجلة "الايكونوميست" ان صناعة السيارات العالمية شهدت الكثير من الاندماجات في السنوات العشر الماضية ولكن معظمها كان كارثيا، فشركة فورد ابتلعت شركة جاجوار وشركة جنرال موتورز اخذت هي الاخري شركة ساب ولكن الاندماجين اسفرا عن مزيد من الاعباء والخسائر.. كما ان اندماج كرايزلر في دايملر بنز الذي بدأ اندماجا بين متساويين احتاج الي 6 سنوات لكي يتخلص من مشاكله.. صحيح ان تحالف رينو - نيسان كان حسن الحظ ربما لانه لم يكن اندماجا كاملا وانما تملك متبادل للحصص بين الشركتين.. فالشركتان تعملان معا عندما تكون هناك مصلحة واضحة وتعمل كل منهما مستقلة اذا انتفت هذه المصلحة.. وذلك علي حد قول احد كبار المسئولين في تحالف رينو - نيسان. اكثر من ذلك فان خبرة جنرال موتورز مع التحالفات لم تكن مرضية فمنذ منتصف التسعينيات اشترت جنرال موتورز حصصا صغيرة في شركات آسيوية واوروبية ولكنها اضطرت الي بيعها دون ان تحقق ما استهدفته ولكن كيركوريان وغيره من المحللين لهم رأي مختلف.. وعلي سبيل المثالث فان شركة (CSM) لابحاث السوق لاحظت ان الشركات الثلاث ستبيع هذا العام 14.3 مليون سيارة وشاحنة وهذا معناه انها قادرة علي تغطية اسواق اوروبا وامريكا والصين معا ولكن الشركة تري في نفس الوقت ان ما سيوفره هذا التحالف من تكاليف لن يكون كبيرا وهذا عكس ما يراه مستثمر خبير وكبير مثل كيركوريان.. ولكن اقتراح كيركوريان علي اية حال اهم من ان يتجاهله احد حتي لو كان مجرد حيلة ذكية منه للتخارج من جنرال موتورز دون خسائر أو بأقل قدر منها.. وعلي اية حال فان كيركوريان نفي عزمه علي التخارج وذلك علي الرغم من ان الاعلان عن خطته قد رفع سعر سهم جنرال موتورز كما اشرنا من قبل.