تعد مصر إحدي أكثر الدول استهلاكاً للسكر، إذ يستهلك المواطن المصري حوالي 27 كيلو جراماً من السكر سنوياً بينما يبلغ المعدل العالمي للاستهلاك حوالي 6 كيلو جرامات فقط، زيادة معدلات الاستهلاك المصري جعلت الدولة تتجه إلي استيراد حوالي 500 ألف طن سنوياً لسد العجز بين الإنتاج والاستهلاك. تنتج مصر من السكر حوالي 1.1 مليون طن يساهم فيها البنجر بحوالي 25% أما ال 75% الباقية فتأتي من القصب. الخبراء الذين التقت بهم "العالم اليوم" أجمعوا أن البنجر قادر علي سد العجز إذا اتيحت له الفرصة، خاصة وأن تكاليف زراعته أقل من تكاليف زراعة القصب إضافة إلي أن استهلاكه للماء أقل مع إمكانية زراعته في الأراضي منخفضة الخصوبة. يقول د. حسين عمران رئيس قطاع البحوث التسويقية بوزارة التجارة انه بالنسبة للواردات المصرية من السكر فإن مصر تعد مستورداً أساسياً للسكر علي مستوي العالم حيث بلغ اجمالي كمية واردات مصر من السكر حوالي 292 ألف طن بقيمة حوالي 62 مليون دولار عام 2004 بما يعادل 0.53% من إجمالي قيمة واردات العالم بذلك تحتل مصر المركز السادس والثلاثين علي مستوي أهم الدول المستوردة للسكر في ذلك العام. ويشير إلي تركز زراعة وإنتاج محصول قصب السكر في مصر في محافظات قنا وأسوان والمنيا ومدينة الأقصر وقد شكل حجم إنتاج القصب في هذه المحافظات العام الماضي حوالي 91% من إجمالي حجم إنتاج القصب علي مستوي الجمهورية وبالنسبة لمحصول البنجر فقد بلغت المساحة المزروعة منه في مصر حوالي 173 ألف فدان العام الماضي حيث تمثل حوالي 34% من إجمالي المساحة المزروعة بالقصب وتتركز زراعة وإنتاج محصول البنجر في مصر في محافظات كفر الشيخ والدقهلية والغربية والمنيا حيث شكل حجم إنتاج البنجر من هذه المحافظات حوالي 72% من إجمالي إنتاج البنجر عام 2004 علي مستوي الجمهورية. سلالات من الخارج ويوضح صفوان ثابت رئيس مجلس إدارة شركة جهينة بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات ان البنجر يستطيع سد الفجوة في صناعة السكر خاصة أن زراعته أقل تكلفة من زراعة القصب لذا لابد من إيجاد النوعية المناسبة منه لزراعته في مصر.. فإلي الآن معهد المحاصيل الزراعية السكرية لم يستنبط السلالة التي تصلح 100% للأراضي المصرية.. فأغلب المحاصيل المصرية تستورد سلالات من الخارج. فبنجر السكر محصول جديد بدأت زراعته في مصر عام 1982 مع إنشاء مصنع الدلتا في الحامول بمحافظة كفر الشيخ وهو أول مصنع لإنتاج السكر من البنجر في مصر الذي يعد الآن أكبر مصنع في العالم بعد إنشاء خطه الثاني وهو ما يعد إنجازاً كبيراً لسد الفجوة بين إنتاج السكر واستهلاكه مشيراً إلي ان إنتاج السكر الأبيض من قصب السكر والبنجر يمثل حوالي 66% من إجمالي إنتاج السكر في مصر عام 2004 مقابل حوالي 62% عام 2002. كما يقترح ثابت عدة مقترحات مهمة من شأنها النهوض بصناعة السكر في مصر لتضييق حجم الفجوة الغذائية وهي: 1 العمل علي زيادة المجهودات التي تقوم بها الأجهزة المعنية الوصول إلي حلول مناسبة مع المزارعين بما يحقق مصلحة الطرفين. 2 تطوير الإجراءات الخاصة لخدمة زارعي القصب والبنجر وذلك لسرعة سداد قيمة المحصول الزراعي فور تسليم شركات السكر للكميات من المزارعين. 3 إعادة ضخ عائدات شركات السكر القائمة مرة أخري في نفس الصناعة سواء كان ذلك في زيادة خطوط الإنتاج بالمصانع الحالية أو الجديدة. 4 تهيئة البيئة السياسية لتشجيع المستثمرين علي الدخول في هذه الصناعة المهمة وتلافي تدخلات تكون قد حدثت في الفترة الماضية. 5 التوسع في إنشاء مصانع جديدة لسكر البنجر. 6 البدء والتوسع في زراعة وإنتاج نبات الاستيفا البديل للسكر.. فالاستيفا عبارة عن مادة سكرية يفوق تركيزها 200 مرة تركيز مادة السكروز المستخلصة من قصب السكر الذي يستخدم في التحلية. اكتفاء ذاتي د. حامد عبد الرؤوف خليل أستاذ تربية المحاصيل جامعة عين شمس يشير في البداية إلي ضرورة طرح سؤال مهم وهو لماذا نعاني من قلة إنتاجنا للسكر؟ فمن المعروف أن مصر كانت إحدي الدول المصدرة للسكر حتي السبعينيات من القرن الماضي ثم حدث تغير في أوائل الثمانينيات. ويضيف: علي الرغم من أن دخول محصول بنجر السكر في الزراعة المصرية في أوائل الثمانينيات كان من المفترض ان يؤدي إلي زيادة الإنتاج علي الاستهلاك في الناتج المحلي للسكر ولكن سارت الأمور في اتجاه معاكس وأخذت الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك تتزايد عاماً بعد الآخر حتي الآن مما يضطر الدولة إلي الاستيراد وهناك عدة أسباب دفعت الدولة إلي استيراد كميات كبيرة من السكر لسد هذه الفجوة أولها: الإسراف في استخدام السكر علي مستوي شركات صناعة الحلوي وما يهدر من السكر في موسم المولد النبوي الشريف وهو إهدار غير مبرر لو امتنعنا عن استخدامه سوف نوفر 1/3 الكمية المستوردة.