تقدمت اقتصادات الدول الشيوعية الأوروبية السابقة بسرعة عالية حيث سجلت كل من استونيا ولاتفيا معدل نمو لإجمالي الناتج المحلي بلغ 10% في عام 2005 مذكرا لنا بالنمور الاَسيوية.. والسؤال الاَن هو هل ستواصل نمور وسط وشرق أوروبا تقدمها بنفس السرعة لكي تلحق بالنصف الغربي الغني من القارة؟ تقول مجلة "الإيكونوميست" في معرض الرد علي هذا السؤال إن هناك من يخشي أن تعوق الصدمات الخارجية المسيرة الناجحة لنمور وسط وشرق أوروبا وأن بلدانا مثل المجر تبدو أكثر عرضة للتأثر بمثل هذه الصدمات بسبب ما تعانيه من عجز كبير في الموازنة والحساب الجاري لميزان المدفوعات.. ولكن قدرتها التنافسية العالية قد تحميها من التأثيرات السلبية للصدمات الخارجية. وفي دراسة أصدرها معهد فيينا للدراسات الاقتصادية المقارنة بالاشتراك مع بنك أوستريا كريد تانشتالت تظهر أمامنا صورة مشجعة علي الأقل للدول الثماني الشيوعية السابقة التي انضمت إلي الاتحاد الأوروبي منذ نحو عامين.. وهذه الدول ذات المهارة العالية تبدو أوفر حظا من دول الصف التالي المرشح لنيل عضوية الاتحاد الأوروبي مثل رومانيا وبلغاريا. وتقول الدراسة إن نمور وسط وشرق أوروبا صارت قدرتها التنافسية أعلي من النمور الاَسيوية سواء من حيث أداء الصادرات كما وكيفا.. وحجما وجودة.. أو من حيث هيكل الاقتصاد حيث يعد ارتفاع نصيب قطاع الخدمات إلي مجمل الاقتصاد القومي نقطة قوة في حين يعد ارتفاع نصيب الزراعة والصناعات التحويلية نقطة ضعف أو من حيث وجود بيئة صالحة للاستثمار تشمل جودة البنية الأساسية واختفاء القيود البيروقراطية. وفي كل هذه المجالات تقريبا تبدو نمو شرق ووسط أوروبا هي صاحبة اليد العليا وعلي سبيل المثال فإن 65% من جملة القيمة المضافة إلي اقتصاداتها تأتي من قطاع الخدمات وهي نسبة لا تقل كثيرا عما تحققه الدول الغنية في الاتحاد الأوروبي التي تبلغ 69% أما نسبة إسهام الخدمات في اقتصادات النمور الاَسيوية خاصة أندونيسيا وتايلاند وماليزيا والفلبين فهي لا تتجاوز ال 47% فقط. وإذا أخذنا قطاع الزراعة فسنجد إسهامه في صنع القيمة المضافة لاقتصادات النمور الاَسيوية يبلغ 13% مقابل 4.3% فقط لنمور شرق ووسط أوروبا ونحو 2.7% لدول الاتحاد الأوروبي الأصلية. وعلي جانب اَخر تقول مجلة "الإيكونوميست" إن نمو صادرات نمور وسط وشرق أوروبا إلي البلدان الغنية يفوق نمو صادرات أي اقتصاد اَسيوي عدا الصين إلي نفس البلدان. وتتغذي هذه الصادرات بما يحدث من زيادة كبيرة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة لدي النمور الأوروبية.. وقد كانت صادرات الدول الثماني حديثة الانضمام إلي الاتحاد الأوروبي تمثل 29% من إجمالي ناتجها المحلي عام ،2000 وارتفعت هذه النسبة إلي 38.1% في عام 2004 وخلال نفس الفترة المقارنة تراجعت صادرات النمور الاَسيوية كنسبة من إجمالي ناتجها المحلي لتصبح 19% فقط عام 2004 بعد أن كانت 26% عام 2000. وحتي نوعية صادرات نمور وسط وشرق أوروبا اَخذة في الترقي حيث لاحظت دراسة معهد فيينا النمو السريع لصناعات التكنولوجيا العالية في هذه البلدان وهي الصناعات التي تمثل منتجاتها النسبة الأكبر من صادرات تلك النمور الأوروبية. ومع ذلك تبق يهناك نقطتا ضعف لدي نمور وسط وشرق أوروبا أولهما هي انخفاض مستوي جودة المؤسسات العامة وهي نقطة بسبيلها إلي الزوال ولكن النمور الأوروبية مطالبة هنا بمحاكاة النمور الاَسيوية مثل سنغافورة وليس دول أوروبا التقليدية التي تعاني من نفس العيب. أما نقطة الضعف الثانية فهي تخص الأبحاث والتطوير فرغم زيادة إنفاق الدول الشيوعية السابقة علي الأبحاث والتطوير إلا أن نسبة هذا الإنفاق لا تتجاوز 8.0% من إجمال يالناتج المحلي مقابل 2% في دول أوروبا القديمة. ويتعين هنا علي النمور الأوروبية ليس فقط مجرد زيادة الإنفاق وإنما أيضا تطوير نظم التعليم بحيث تصبح أكثر تمشيا مع بيئة الاستثمار الجديدة في تلك البلدان.