خبراء أكدوا في تحليلهم للأسباب الصاروخية في انتشار الشائعات في المجتمع أنها تتمثل في بعض القوانين وضعف الأداء الحكومي والقصور في تقديم المعلومات والبيانات الدقيقة مشيرين إلي أن ثقافة الغموص التي تحيط ببعض القطاعات وعدم وجود رؤية مستقبلية واضحة أمام المواطنين تؤدي إلي سريان الشائعة في دقائق. يقول د.إبراهيم البيومي استاذ العلوم السياسية والخبير بقسم بحوث وقياسات الرأي العام بالمركز القومي للبحوث الجنائية انه لتحليل الشائعات من حيث المضمون لابد ان نتعرف أولا علي أسباب ظهور هذه الشائعات وما الهدف من هذه الشائعات وكيف تنتشر ومن المستفيد من هذه الشائعات؟ وبالنسبة لأسباب ظهور هذه الشائعات في أي مجتمع من المجتمعات - كما يقول البيومي ترجع إلي سيادة ثقافة الغموض لدي هذا الشعب في هذا المجتمع تجاه الأجهزة المسئولة سواء كانت هذه الأجهزة حكومية أو غير حكومية، بالاضافة إلي عدم توافر الشفافية الكاملة من هذه الأجهزة. ويضيف د.البيومي ان هذه الثقافة تدعمها ممارسات الخوف سواء كان هذا الخوف ناتجا من هذه الأجهزة أو من الشعب نفسه بالمجتمع، كما ان الغموض يودي بطبيعة الحال إلي انتشار الشائعة. ويشير إلي أن الخوف الناجم من الشائعة نفسها وليس من الأجهزة المسئولة يعتبر عنصرا أساسياً لانتشار الشائعة ومثال ذلك ما حدث من تناول وتداول شائعة تلوث المياه عبر الهاتف المحمول فالسبب الأساسي لتداول هذه الشائعة هو الخوف الشديد من الناس لتلوث المياه فكل شخص له ابناء أو أقارب أخذ يرسل تحذيراً عبر الهاتف أو بالرسائل لأقرب الناس إليه يحذره من هذه الكارثة. ويرجع د.إبراهيم البيومي تداول الشائعات في أي مجتمع للأسباب الآتية. 1- ضعف الأداء الحكومي وفشل الحكومة في تقديم الخدمات للجمهور. 2- عدم وجود رؤية مستقبلية واضحة للناس في المجتمع. 3- قصور شديد في نظام المعلومات والبيانات ودقتها لدي القطاعات العاملة بالدولة وتوافرها للجمهور. ويضيف د.البيومي مجدداً إلي جانب هذه الأسباب هناك ثلاثة قوانين رئيسية تقوم عليها الشائعات بشكل علمي ومدروس وهذه القوانين هي: قانون التشويه: وهو أن أي شائعة لابد ان تعتمد علي تشويه الحقيقية وتغيير ملامحها وصورتها الأساسية والقائم علي الشائعة لابد ان يكون لديه مهارة وحرفية في الاقناع والتغبير أيضا لهذه الحقيقية ويعرف ايضا كيف يوظف هذا التغيير لتحقيق أهدافه واغراضه منها وعلي سبيل المثال ما حدث بالنسبة لبيع شركات المياه المعدنية كميات ضخمة من المياه فور رواج اشاعة تلوث المياه. اما القانون فهو تضخيم الشعور بالخوف.. فلا يكفي المسئول عن سيكولوجية الاشاعة رواج الشائعة وانما يلجأ إلي تضخيمها حتي يزيد من الهلع والفزع لدي المتلقي للاشاعة بهدف أن ينخرط الجمهور في هذه الشائعة ويعمل علي نشرها وليس تجنبها بالرغم من انه يعلم أنه يضر نفسه قبل ان يضر غيره. اما القانون الثالث فهو دورة الشائعة: فلكل شائعة دورة لابد ان تبدأ بجزء من الحقيقة وتنتهي ايضا بجزء من الحقيقة وبين البداية والنهاية تضيع الحقيقة وتتداخل فيها عدة عوامل كثيرة تؤدي إلي إحداث الهلع والفزع. وحول الضرر الواقع من انتشار الشائعات للمجتمع يقول د.إبراهيم البيومي إن الضرر يشمل الجوانب النفسية للجمهور ويصل الضرر في بعض الحالات إلي المساس بالأمن القومي للدولة حسب نوع وقوة الشائعة. فإذا حدث ذلك سيكون الخطر مضاعفا. ويؤكد د.البيومي أن الوسيلة الصحيحة للقضاء علي الشائعات تكمن في الرصد المبكر للشائعة والرد المبكر عليها بالدقة الكاملة والشفافية الواضحة في نفس اللحظة حتي يصل هذا الرد للجمهور بمصداقية ولا يقبلوا هذه الشائعة. ومن جانيه يوضح د.حمدي عبدالعظيم عميد أكاديمية السادات للعلوم الادارية السابق أن خطر الشائعات علي الاقتصاد العام للدولة ومن ثم علي الاستثمار الخاص يكون خطرا قاسيا من ناحية ولكن هناك شائعات تظهر بهدف تحقيق اغراض اقتصادية سواء للدولة أو للاستثمارات الخاصة بالنسبة للدولة من الممكن أن تكون لدرء شيء سييء للدولة أو للاقتصاد نفسه وبالنسبة للقطاع الخاص فمن الممكن أن تكون الشائعة سببا في تحقيق ربح سريع وغير مشروع ويذكر د.عبدالعظيم أن هناك شائعات لاقت قبولا لدي الجمهور ومنها شائعة بيع البنوك المصرية لبعض المستثمرين اليهود بهدف السيطرة علي القطاع المصرفي المصري وشائعة الغاء بطاقات التموين لمحدودي الدخل مما جعل هناك تدافعاً من المواطنين علي مكاتب التموين بالمحفظات والقري والمحليات للتأكد من صحة الشائعة. ويري حمدي عبدالعظيم أن أفضل الطرق للقضاء علي الشائعة الشفافية الكاملة من المسئولين بالدولة وقدرتها علي توفير المعلومات الدقيقة والصحيحة والرد بسرعة علي تلك الشائعة أنه من المنطق أن تنتشر الشائعة ويتم ترويجها إذا كان هناك غموض وعدم شفافية وعدم توافر المعلومات الدقيقة للجمهور كما أن الشائعة تنتشر في غيبة المعلومات والاخبار وتضارب هذه المعلومات حينما يتلقاها الجمهور.