ارتفعت وتيرة الاحتجاج الرسمي والشعبي في العديد من الدول الإسلامية ردا علي قيام الصحيفة الدنماركية إياها بنشر رسوم مسيئة للرسول -صلي الله عليه وسلم- وتبعتها مجلة نرويجية.. ونشرت هي الأخري صوراً أشد سوءا.. إننا أمام مشكلة.. وهذا صحيح ولكن لماذا لا نبحث عن الأسباب الحقيقية التي أوصلت هذا الرسام الصغير لرسم صورة النبي محمد -عليه وعلي آله الصلاة والسلام- بهذا الشكل المقرف؟! ولم لا نبحث في الأسباب التي أدت به لتخيل النبي علي هذه الشاكلة؟ وهل كانت ممارساتنا نحن العرب المسلمين وأفعالنا تنسجم مع مبادئ النبي والأسس التي جاء بها؟ وهل كنا أمناء في نقل هذا الدين إلي العالم وإبراز صورته الجميلة التي جاء بها النبي الكريم؟ هل كنا نتحلي بالتسامح والعفو الذي نص عليه ديننا؟ هل جسدنا بالفعل المقولة القرآنية "واعتصموا بحبل الله جميعاَ.. "؟ هل كنا بالفعل خير أمة أخرجت للناس؟ ثم لماذا نطالب الحكومة الدنماركية بالاعتذار ونعاقب الشعب الدنماركي وشركاته الاقتصادية وسياسييه؟ ما دام كل هؤلاء لم يقترفوا تلك الجريمة البشعة؟ ثم ما ذنب الدولة الدنماركية؟ اذا كان هناك شخص معتوه رسام في جريدة يملكها القطاع الخاص؟ لتتحمل وزر وتبعات ذلك؟. ذكرتني هذه الحادثة بأخري مماثلة لها عندما قام متجر دنماركي بالتجاوز علي شخص سيدنا عيسي وأمه العذراء مريم -عليهما السلام- وذلك برسم صورهم الكريمة علي بعض أحذيتها، حينها اعترضت الكنيسة الكاثوليكية في الدنمارك وبعض المنظمات الأخري وتم سحب البضاعة واعتذر المتجر، وحدث ذلك دون أي ارباك لا للسياسة الدنماركية ولا للاقتصاد الدنماركي، ولم يقم الفاتيكان حينها لا بسحب سفيره ولا مقاطعة البضائع الدنماركية؟ وهل العرب المسلمون حريصون لهذا الحد علي دينهم ونبيهم حتي اتخذوا كل السبل لمهاجمة الدنمارك وقادتها ومقاطعة بضائعها؟ ولماذا يظن العرب المسلمين ان الاعلام الدنماركي هو مسير وموجه حكوميا كما هو اعلام بلدانهم؟ ولماذا لم يتخذوا السبل الأخري لمقاضاة الرسام أو الصحيفة نفسها لتجاوزها الفظ علي شيء مقدس لدي شريحة كبيرة تعيش في أرجاء المعمورة؟ ألم تكن هنالك طرق أخري لمعاقبة الجاني الحقيقي لهذه الفعلة؟ ثم لماذا نؤاخذ بالجريرة من لا ذنب لهم في كل ما حدث؟ ثم اذا كنا حريصين جدا علي ديننا ونبينا لماذا لم نتخذ موقفا مشابها لتلك الجماعات التي تقتل الأبرياء من المسلمين وغيرهم من قبل جماعات تنتمي إلي الإسلام؟ لماذا لا نتحد كما اتحدنا اليوم لمحاربة الدنمارك بشتي الطرق، ان نقوم بنفس الفعل لتلك الجماعات الإسلامية التي تسبح وتغتصب النساء وتفجر انفسها وسط الأبرياء من المسلمين وغيرهم في بلدان عدة من هذا العالم؟ اذا كان الاتحاد أمرا غاية في الصعوبة لماذا لا نتخذ موقفا واضحا من الذين ينسبون جرائمهم للدين؟ لماذا لا نتظاهر امر نندد بالفظاعات التي يرتكبها الكثير من المسلمين ضد المسلمين وضد غيرهم علي هذه الأرض؟ لماذا لم تخرج مظاهرة واحدة ولو لخمسة أفراد مسلمين تندد بما يفعله الارهابيون القتلة من جماعة بن لادن والزرقاوي والظواهري بقتلهم الأبرياء كل يوم في العراق وغيره من المناطق؟ والأمر من ذلك اننا نقوم بالتظاهر مؤيدين لهم!!؟ لماذا نقول للغرب ان قرآننا يقول "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا".. لماذا لم نبين أو نبرز صورة محمد الإنسان، الأمين، الصادق، الكريم، المتسامح.. بدل ان نحول محمدا -صلي الله عليه وسلم- إلي صورة بن لادن، سيف، قتل، طالبان، لحي طويلة ولباس قصير، ذبح، وانتحار! ونسبي النساء بعد ان كرمهن محمد، ونذبح الاطفال بعد ان آواهم محمد صلي الله عليه وسلم، ونسفك الدماء بعد ان حرمها محمد -صلي الله عليه وسلم- السؤال هو كيف استيقظ هذا الضمير العربي المسلم بعد أربعة أشهر من نشر تلك الصور؟ ولماذا لم يشمر عن ساعديه في صور رسمت بالدم كانت أبشع من هذه التي رسمت؟ ولماذا لم تشحذ الهمم لتلك المجازر اليومية التي يمارسها القتلة باسم الاسلام وباسم محمد علي هذه الأرض وخصوصا في العراق؟ لماذا لا تدان صور الدم تلك؟ ولو من إمام جامع أو خطيب جمعة أو ببيان تنديد من حركات ومنظمات وأحزاب إسلامية؟ نعم يجب ان يدان ويحاكم ويقاضي من تجاوز علي مشاعر الآخرين سواء بالرسم أو بالقتل أو بأي شيء آخر، نعم عليه ان يعتذر وتعتذر صحيفته، لا ان تعاقب الدولة والحكومة والاقتصاد الدنماركي الذين تربطهم علاقات حميمية تصل احيانا إلي الكثير من دول العرب المسلمة وتعيش علي أرضها مئات الألوف من الجاليات، العربية المسلمة التي تمارس طقوسها الدينية وشعائرها بكل حرية ان العرب المسلمين هم المسبب الرئيسي لتشويه هذا الدين وصورة محمد -صلي الله عليه وسلم- لانهم لم يجسدوا الصورة الحقيقية لتلك الرسالة. وبقيت كلمة أخيرة.. لا نريد كلاما نظريا، ولا نريد اعتذارا رمزيا حتي نرضي عن الدنمارك والنرويج نحن نريد أفعالا تدل علي توقير رسولنا -صلي الله عليه وسلم- ولن نسكت حتي يعود لسيدنا التوقير الواجب.. ولكن بلا ضجيج مثلما نراه الآن، والذي قد يؤكد للعالم بدائية تفكيرنا.. اللهم اكفنا شر أنفسنا وسيئات أعمالنا.. آمين.