أثار قرار روسيا بقطع امدادات الغاز عن اوكرانيا موجة عارمة من الاستياء بين الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي فيما بدأت كييف المعاناة من نقص هذه الامدادات كما اعربت الولاياتالمتحدة عن بالغ قلقها قائلة ان الخطوة تثير الكثير من التساؤلات الخطيرة حول امكانية استخدام الطاقة للقيام بضغوط سياسية. وفيما يتم نقل صادرات روسيا الي الاتحاد الاوروبي واوكرانيا عبر خط انابيب واحد تقول موسكو ان "كييف" تعمد الي سرقة الغاز المصدر لدول الاتحاد الاوروبي. وكانت شركة "جازبروم" الروسية قد قطعت هذه الامدادات بدءا من امس الاول بسبب خلاف حول الاسعار. وقالت روسيا من جانبها انه ليس لديها خيار آخر باستثناء قطع امدادات الغاز بعد ان رفضت "اوكرانيا" التوقيع علي اتفاق جديد تقبل بمقتضاه زيادة اسعار الغاز وبشكل فوري من 50 دولارا الي 230 دولارا لكل الف متر مكعب فيما يبلغ متوسط سعر الغاز الذي تحصل عليه دول الاتحاد الاوروبي 240 دولارا لكل الف متر مكعب. ويذكر ان روسيا توفر لاوكرانيا 30% من احتياجاتها للغاز وحوالي 25% من احتياجات اوروبا الغربية. واعلنت دول اوروبية مثل المجر وبولندا بالاضافة الي النمسا ان الامدادات التي تحصل عليها آخذة في التراجع وابدي المفوض الاوروبي للطاقة "اندرياس بيبالجي" قلقه البالغ لهذه الازمة. وقالت شركة "جازبروم" اكبر مؤسسة روسية للغاز انها تضخ كميات كافية للوفاء بالتزاماتها للدول الاخري. وفي المقابل اعلنت اوكرانيا انها لن تستعين بالغاز الروسي وان فقدانها للامدادات الروسية لن يؤثر علي المستهلكين العاديين في اوكرانيا رغم الشتاء القاسي.. ومع ذلك حذرت من ان هذه الامدادات قد تضر بالصناعة. وتصر اوكرانيا علي ان موقف روسيا نابع من محاولتها الاستقلال عن موسكو ونتيجة عملها علي تطوير علاقات قوية مع الغرب بعد اندلاع ما يطلق عليه "الثورة البرتقالية" واختيار الشعب الاوكراني ل"فيكتور يوشينكو" ليكون رئيسا لها. وتدلل "كييف" علي هذا الرأي بالاشارة الي ان الدول التي لاتزال متأثرة بالنفوذ الروسي تحصل علي الغاز باسعار تقل عن السوق. واعرب المتحدث باسم الخارجية الامريكية "سيان ماكورماك" عن شعور بلاده بالاسي تجاه الموقف الروسي مشيرا الي ان هذه الخطوة ربما تؤدي الي نوع من عدم الأمان في قطاع الطاقة. ويري المتحدث باسم شركة "نافتوجاز" الاوكرانية المملوكة للدولة ان القرار سيؤثر حتما علي دول اوروبية اخري علي اعتبار ان نقل الغاز يتم عبر خطوط انابيب تمر في اوكرانيا ووصفت الشركة القرار انه غير مقبول لانه يعرض امدادات الغاز الي الدول الاوروبية للخطر. وتقول اوكرانيا ان من حقها الحصول علي 15% من الامدادات التي يتم توصيلها الي اوروبا عبر اراضيها مقابل عملية نقل الغاز الي اوروبا الغربية. وامتدت تداعيات الازمة الي دول اوروبا الشرقية، ففي المجر قالت شركة "ام او ال" ان امداداتها التي تحصل عليها من روسيا تراجعت بالفعل بنسبة 25%. ونصح وزير البترول المجري المستهلكين بالبحث عن بدائل اخري للغاز مثل البترول. وفي نفس السياق حذرت اكبر شركة لإمدادات الغاز في المانيا من ان عملية التوزيع ربما تتعرض الي مشكلات جمة في حالة تفاقم النزاع بين موسكو وكييف. كما اعلنت كل من بولندا والنمسا عن تناقص ملحوظ في الامدادات وستعقد حكومات من الاتحاد الاوروبي غدا اجتماعا لخبراء صناعة الغاز في بروكسل لمناقشة الازمة وسبل احتوائها.