علي الرغم من أن التعديلات الجمركية التي تمت العام الماضي سوف تؤدي الي تخفيض الايرادات الحكومية في الأجل القصير، إلا أن دراسة حديثة أعدها المركز المصري للدراسات الاقتصادية أكدت الفوائد الكبيرة لها علي الاقتصاد القومي علي الأجلين المتوسط والطويل، واوضحت أنه بمحاكاة الهياكل الجمركية السائدة في المتوسط لدي الدول النامية الأكثر انفتاحا علي التجارة الدولية يتبين ان المزيد من التحرير للتجارة المصرية يمكن ان يساعد علي زيادة الايرادات الحكومية نتيجة للتوسع المتوقع في الطلب علي الواردات، حتي وان كانت هذه الزيادة في الايرادات تعد متواضعة تتراوح بين 03.0% و04.0% من الناتج المحلي 150 200 مليون جنيه وأكدت الدراسة أنه حتي لو أدي تحرير التجارة الي نقص الحصيلة الجمركية في الأجل القصير، فإن المنافع المتوقعة في الأجلين المتوسط والطويل جديرة بالاتجاه اليها وتعظيم استفادة الاقتصاد القومي منها، وذلك مع القيام في ذات الوقت بترشيد الانفاق العام وايجاد مصادر بديلة للايرادات الحكومية. الموقع بين الدول النامية تشير الدراسة التي أعدتها الدكتورة أمنية حلمي في مقدمتها إلي ان الاقتصاد المصري مازال اقل انفتاحا علي التجارة الدولية بالمقارنة بالمتوسط السائد لدي الدول النامية الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، وأوضحت أنه بالرغم من أن تحرير التجارة يساعد علي حماية المستهلك المصري والارتقاء بمستوي الأداء التصديري وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية والإسراع برفع معدل النمو الاقتصادي الا انه يثير المخاوف من تناقص الايرادات خاصة أن العجز الكلي في الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2004/2005 يقدر بحوالي 10% من الناتج المحلي الاجمالي. وكشفت الدراسة التي تحمل عنوان اثر تحرير التجارة علي الايرادات الحكومية في مصر أنه رغم ان لتحرير التجارة تكلفة اقتصادية خلال الفترة الانتقالية الا ان لها منافع خلال الأجلين المتوسط والطويل سوف تتحقق للاقتصاد القومي تفوق هذه التكلفة ومن أهم هذه المنافع: تحسين الرفاهة الاقتصادية للمستهلكين ورفع الكفاءة الانتاجية للموارد الاقتصادية حيث يؤدي تخفيض معدلات التعريفة الجمركية علي الواردات الي تخفيض اسعار السلع في السوق المحلية وتوفير سلع مرتفعة الجودة وأكثر تنوعا كما يساعد تحرير التجارة علي إعادة تخصيص الموارد الاقتصادية بعيدا عن القطاعات المحمية التي تنتج بدائل الواردات ونحو الأنشطة الأكثر انتاجية التي تتمتع فيها الدولة بمزايا نسبية. وتتمثل ثاني المنافع في الحد من التحيز ضد الصادرات فبالرغم من أن تخفيض معدلات التعريفة الجمركية قد لا يؤثر بشكل مباشر علي المصدر الا انه يحد من أرباح الشركات المحلية المنتجة لبدائل السلع المستوردة وبالتالي يزيد من جاذبية التصدير. أما المنفعة الثالثة فهي رفع معدل النمو الاقتصادي من خلال قنوات عديدة كالتخصيص الأكثر كفاءة للموارد الاقتصادية وفقا للمزايا النسبية والاجتهاد في مواجهة الضغوط التنافسية الشديدة مع انفتاح السوق المحلية علي المنافسة العالمية. عملية متكاملة وأشارت الدراسة الي ان تحرير التجارة قد يؤدي الي تناقص الحصيلة الجمركية ولكنه في نفس الوقت قد يساعد في تخفيض معدلات التعريفة الجمركية وتقليل عدد فئاتها والحد من تشتت المستوردين علي الالتزام بسداد الضرائب المستحقة علي بضائعهم المستوردة وعلي التبديد والتقييم السليمين لها مما ينعكس في زيادة معدل تحصيل الضرائب الجمركية. وذكرت الدراسة أن أهم الأسباب التي أدت لاجراء التعديلات الجمركية الأخيرة تمثلت في ارتفاع المتوسط العام البسيط لمعدلات التعريفة الجمركية.. حيث كان المتوسط قبل التعديلات 21% وهو أعلي بكثير من المتوسط السائد سواء في الدول النامية الأعضاء بمنظمة التجارة العالمية "15%" أو في تلك الدول الأكثر انفتاحا علي التجارة العالمية حيث كان 10%. كما رصدت شدة التشتت بين معدلات التعريفة الجمركية فقد اتسم هيكل التعريفة الجمركية في مصر بالثبات الشديد بين معدلات التعريفة الجمركية المطبقة علي السلع المختلفة المستوردة في مصر، واوضحت ان كثرة عدد فئات التعريفة التي كان قد وصل عددها في مصر الي 27 فئة في حين أن متوسط عدد الفئات في الدول النامية الاعضاء بمنظمة التجارة العالمية 6 فئات وقد أدت كثرة عدد الفئات الجمركية الي صعوبة في التينيد السليم للبضائع المستوردة والاعتماد بدرجة كبيرة علي السلة التقديرية لرجال الجمارك في تحديد الضريبة الجمركية التي خضعت لها هذه الواردات مما نتج عنه في كثير من الأحوال انخفاض في معدل تحصيل الضريبة الجمركية وكثرة المنازعات بين التجار والإدارة الجمركية. الاستجابة المتوقعة وقالت الدراسة إن التعديلات الجمركية الأخيرة سوف تؤثر علي الايرادات الحكومية حيث تؤدي الي تناقص الحصيلة الجمركية كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي بمقدار "6.0%" وهو ما يعادل حوالي "3" مليارات جنيه وذلك بافتراض عدم استجابة الطلب علي الواردات للتغيرات في أسعارها النسبية الناتجة عن تخفيض معدلات التعريفة الجمركية. أما في حالة الاستجابة المتوقعة للطلب علي الواردات للانخفاض النسبي في أسعارها فسوف يتم تعويض هذا النقص في الحصيلة جزئيا بحيث يصبح في حدود "3.0%" من الناتج المحلي الاجمالي أي "5.1" مليار جنيه مصري تقريبا وخلصت الدراسة الي انه بالرغم من التعديلات الجمركية عام 2004 سوف تؤدي الي تخفيض الايرادات الحكومية في الأجل القصير الا ان الزيادة المتوقعة في الواردات نتيجة لانخفاض اسعارها سوف تساعد علي الحد من تناقص الحصيلة، وأكدت أن المنافع المتوقعة من تحرير التجارة في الأجلين المتوسط والطويل جديرة بالعمل علي تحقيقها وتعظيم استفادة الاقتصاد القومي منها.