تسوية الديون المتعثرة، هي الشغل الشاغل لمعظم البنوك العاملة في مصر في الفترة الأخيرة وبالفعل فقد تم إبرام عدة تسويات بمبالغ ضخمة مع عدد كبير من العملاء حتي أن التسويات شملت بعض العملاء الهاربين في الخارج. وعلي الرغم من اتفاق البنوك مع عملائها المتعثرين علي الخطوط العريضة للتسوية وبنودها إلا أن بعض هؤلاء المتعثرين لا يلتزمون بسداد الأقساط بالكامل، مما يؤكد أن تلك التسويات تنقصها بعض الإجراءات المكملة أو الشروط التي تضعها بعض البنوك عند التسوية؟ وهل تقوم بعدم احتساب الأقساط التي سددها العميل في حالة توقفه عن سداد باقي الأقساط؟ ومن جانبهم أكد مسئولو الديون المتعثرة بالبنوك أنه لكي تتم التسوية بنجاح حتي النهاية لابد أن تراعي إمكانيات العميل المادية ومدي تدفقاته النقدية التي تمكنه من سد الأقساط بالكامل ولا تكون التسوية لمجرد الخروج من موقف أو مأزق ما، مؤكدين أن نجاح السداد حتي النهاية أهم من إبرام التسوية، كما استبعدوا في الوقت ذاته عدم احتساب الأقساط التي سددها العميل في حالة توقفه عن السداد، مؤكدين أن في مثل تلك الحالات تحرم البنوك هؤلاء العملاء من التنازلات التي تقدمها لهم بعدم احتساب جزء من الفائدة أو كلها أو التنازل عن جزء من أصل الدين في بعض الأحيان، وأشاروا إلي أن ذلك تنص عليه التسوية وشروطها التي يلتزم بها الطرفان معاً (البنك والعميل). بعض التسهيلات يقول هشام الشلقاني نائب الرئيس التنفيذي لبنك المؤسسة العربية المصرفية ABC مصر إن البنوك في ظل حرصها علي استفادة أموالها من المتعثرين لإعادة توظيفها تقدم بعض التسهيلات لهؤلاء العملاء كتخفيض الفائدة المحتسبة علي أصل الدين أو الإعفاء منها كلياً أو التنازل في بعض الأحيان عن جزء من أصل الدين، حيث تضع البنوك في اعتبارها أن أكثر من 70% من حالات التعثر تكون لظروف خارجة عن إرادة العملاء والقليل منهم هم الذين يدعون التعثر، لذلك تظل البنوك تدعم عملاءها ليتجاوزوا كبوتهم ويستعيدوا نشاطهم. وأشار الشلقاني إلي أن مشكلة التعثر ليست طارئة أو جديدة علي القطاع المصرفي حيث ترجع بجذورها إلي أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات حيث الانفتاح الاقتصادي والتوسع في منح الائتمان، مؤكداً أن البنوك هي الخاسر الأكبر من جراء التعثر حيث يتسبب في ضياع البعض من حقوقها المادية لدي العملاء المتعثرين نظير التنازلات التي تقدمها لهم، كما تتسبب في حدوث انكماش حاد في الائتمان وبالتالي صعوبة توظيف أموال وودائع عملاء البنوك ومن ثم قلة الأرباح، لذلك تحرص البنوك قبل العملاء علي اتمام التسوية ومن ثم اتهامها بالتعسف والتعنت ضد المتعثرين هو أمر عار تماماً من الصحة وخير دليل علي ذلك منحها تسهيلات ائتمانية لبعض العملاء المتعثرين وهم الجادون ومن لديهم ضمانات وتدفقات نقدية تضمن سداده للقرض الجديد حيث إن حال العميل المتعثر لا ينصلح إلا بمنح الائتمان. ويستبعد الشلقاني أن تقوم البنوك باسقاط ما سدده العميل المتعثر من أقساط بعد التسوية في حالة توقفه عن السداد، مؤكداً علي احتسابها بالكامل وإن كان يخضع ذلك لشروط التسوية المبرمة بين العميل والبنك وأشاد الشلقاني بلجان التوفيق والتحكيم التي يتولاها البنك المركزي حيث تفتح تلك اللجان ذراعيها للعميل والبنك ويكون دور لجان التوفيق هو تقريب وجهات النظر بين الطرفين من خلال الجلسات الودية ومن بعدها يأتي دور لجان التحكيم، وهذا بدوره يغني عن الإجراءات القانونية وتعقدها خاصة أنها أداة غير فاعلة في استرداد أموال البنوك، كما يعيد الثقة بين البنوك وعملائها من خلال الثقة في إدارة السياسة النقدية بصفة عامة.