كان هذا شعار المجلس العسكري خلال الفترة الماضية منذ 13 فبراير 2011 وحتي 25 يناير الماضي 2012 صدر عن المجلس العسكري 3 إعلانات دستورية، 45 مرسوما بقانون، 43 قرارا منظما.. هذا هو حصاد العام في الفترة التي لم يتواجد مجلس الشعب ليمارس مهمته في إصدار القوانين وتعديلها حتي أن البعض كتب ليتساءل هل هي قوانين «مسلوقة»؟ بدءا من القانون الصدمة «منع التظاهر والتجمهر وختاما بقانون الانتخابات الرئاسية وهل هذه القوانين هي لصالح الوطن أم ماذا؟ وهل يحق لمجلس الشعب إعادة النظر فيها بصفته الجبهة التشريعية الآن؟، وما أهم البنود والقوانين التي تحتاج بالفعل لإعادة النظر؟» خبراء قانونيون سيجيبون عن هذه الأسئلة بعد عام علي المراسيم.. «إحنا فين بالظبط؟» بدءا فصحة الإعلان الدستوري أعطي الحق للمجلس العسكري في استصدار ما يراه من قوانين باعتباره الرئيس الفعلي للبلاد. قانون الغدر يؤكد حمدي الأسيوطي - المحامي بالنقض والحقوقي وأمين حريات التجمع سابقا - أن المادة الأولي من قانون الغدر الذي أصدره المجلس في 21 نوفمبر الماضي بتعديل رقم 131 لسنة 2011 للقانون رقم 344 لسنة 1952، تخلو من أي تحديد واضح لمعني «إفساد الحكم أو الحياة السياسية» أو معني الإضرار بمصلحة البلاد أو التهاون فيها فكلها عبارات عامة مجهلة لا تحديد لها أو وضوح واقتصر التعديل الجديد في مادته الثانية في العقوبات في الفقرة أ علي العزل من الوظائف العامة «القيادية» بينما كان قانون الغدر يجازي بالعزل من الوظائف العامة شاملة.. أيضا في المادة الثانية عدل مدة الحرمان من حق الانتخاب لأي مدان سواء كان مجلس الشعب أو الشوري أو المجالس الشعبية أو المحلية فجعل منه الحرمان لحد أقصي 5 سنوات من تاريخ الحكم بينما قانون الغدر كان ينص علي الحرمان لمدة أقلها خمس سنوات من تاريخ الحكم؟! الكارثة الأكبر فيما ورد في المادة الثالثة من تعديل القانون إلغاء الفقرات التي كانت تحدد الجرائم التي يعاقب عليها القانون وهي البنود ج، ه والتي وصفت جرائم استغلال النفوذ بطريق الإيهام للحصول علي فائدة أو ميزة ذاتية لنفسه أو لغيره من أي سلطة عامة أو أية هيئة أو شركة أو مؤسسة، فيري أن هذه التعديلات التي أجراها المجلس علي قانون الغدر في حقيقته تعديلا أخلي قانون الغدر من مضمونه. يذكر أن مرسوم تعديل أحكام قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر برقم 4 لسنة 2012 (رقم 8 لسنة 1997) اشتمل أيضا تعديلات وإضافات اعتبرها البعض «كارثية» حيث اشتمل إضافة مادتين جديدتين برقمي 7 مكرر و66 مكرر والتي تنص علي أنه يجوز التصالح مع المستثمر في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، واشترط لإجراء التصالح أن يرد المستثمر كل الأموال أو المنقولات أو الأراضي أو العقارات محل الجريمة أو ما يعادل قيمتها السوقية وقت ارتكاب الجريمة إذا استحال ردها العيني علي أن يتم تحديد القيمة السوقية بمعرفة لجنة من الخبراء يصدر بتشكيلها قرار من وزير العدل وفي حال صدور حكم نهائي بإدانة «المستثمر» يشترط للتصالح إضافة إلي ما سبق إتمام وفائه بكامل العقوبات المالية المقضي بها ويحرر بالتصالح محضرا يوقعه المستثمر أو وكيله بموجب توكيل خاص يبيح له ذلك وممثل عن الجبهة ويعتمد من الوزير المختص بعد العرض من رئيس الهيئة العامة للاستثمار وتخطر جهات التحقيق أو المحكمة المختصة بمحضر التصالح المعتمد لوقف تنفيذ العقوبة. الترخيص ويعلق عصام الإسلامبولي - المحامي بالنقض والناشط الحقوقي - علي بعض القوانين التي أصدرها المجلس العسكري خلال الفترة الماضية قائلا: هناك بعض القوانين التي تنال اهتماما خاصا لإثاره الخطيرة منها.. قانون الأحزاب السياسية، قانون مجلسي الشعب والشوري، قانون الغدر «إفساد الحياة السياسية»، قانون الانتخابات.. ويبدأ بقانون الأحزاب السياسية والذي لم يقم علي فلسفة الإخطار بتكوين حزب وهو الوضع الطبيعي لقيام أي حزب أن ينشأه ثم يخطر الجهة وفي حال اعتراض الجهة الرسمية للدولة علي الحزب تلجأ للقضاء، ولكن القانون الصادر أخذ بفكرة «الترخيص» بعد التقديم، وهذا يعني أن الشباب الذي قام بالثورة وكان ينبغي أن تمهد له السبل لتكوين الأحزاب لممارسة الحياة السياسية لن يمكنه ذلك فحتي عدد أعضاء الحزب المنشأ اشترط القانون أن يصلوا إلي خمسة آلاف عضو وأن يتم نشر أسمائهم في جريدتين يوميتين بما يتكلف أموالا كثيرة لا يستطيع الشباب عليها وبدلا من جعل التوثيق في أي مكان حكومي جعله برسوم وتدفع تكاليفه إضافة إلي شراء مقرات ونتج عن ذلك كما يري الإسلامبولي أن أصحاب القوي المادية سواء كانوا رجال أعمال، فلولا، إسلاميين هي التي أنشأت الأحزاب. أيضا يتطرق الإسلامبولي لتعديل بعض أحكام القضاء العسكري التي أعلنها المجلس العسكري وهما تعديلان غريبان بينهما أيام بسيطة فقد صدر مرسوم بقانون 45 لسنة 2011 حيث أضاف مادة تقول: القضاء العسكري يختص دون غيره بالفصل في الجرائم المنصوص عليها في جرائم العقوبات 62 لسنة 1975، الكسب غير المشروع وجعل جرائم الكسب غير المشروع التي تقع من أحد أفراد القوات المسلحة القضاء العسكري هو المختص بها فقط وكأنه يؤمن لأعضاء المجلس العسكري وأي شخص داخل القوات المسلحة العقاب وجعلها إدارة تابعة لوزارة العدل.. فما هو الحرص من اختصاص القضاء العسكري بها إذا كان القانون العام ينظمها؟ أيضا مرسوم 47 لسنة 2011 الصادر في 12 يونيو 2011 بجعل القضاء العسكري هيئة قضائية مستقلة وكأنه يخلق قضاء موازيا وهي مسألة خطيرة لأن ما حدث من تجاوزات المجلس العسكري في الأحداث السابقة بدءا من مسرح البالون مرورا بكشوف العذرية ومحمد محمود ومجلس الوزراء والداخلية يحقق فيها القضاء العسكري فلا نعرف ما يجري ولا تنظر مدنيا. مجلس الشعب أما قانون مجلسي الشعب والشوري فقد أعاد المجلس العسكري تنظيم بعض الأمور التي هي محل خلاف شديد منها علي سبيل المثال رقم 108 لسنة 2011 الخاص بمجلس الشعب بعد الأخذ بالنظام الفردي والقوائم معا اشترط أن من يرشح في الانتخابات علي مقعد «فردي» ألا ينتمي لأي حزب سياسي ويشترط استمرار عضويته دون الانتماء لأي حزب وبعدها بفترة أصدر عليه تعديلات سمح للحزبيين بالترشح علي القوائم، ويري الإسلامبولي أنه هنا بعد هذا التغيير أصبح التعديل مشوبا بعدم الدستورية لأنه لم يخلق فرصا متكافئة بين المنتمين للأحزاب وغير المنتمين. أما قانون الانتخابات الرئاسية فطريقة إصداره التي وصفت ب «المريبة» حيث تم وضعه بعد تكوين مجلس الشعب بالفعل لأنه قدم بتاريخ 19 يناير والدليل علي ذلك أنه عرض علي المحكمة الدستورية يوم 17 وأبدت رأيها ثم عرض علي المجلس الأعلي ثم نشر هل كل ذلك تم خلال يوم واحد؟ أما تفاصيل القانون نفسه فقد ضم مادتين متتاليتين في منتهي الغرابة وهما عن تشكيل اللجنة المشرفة علي انتخابات الرئاسة «المادة الخامسة» تقول: «في حالة ما إذا وجد مانع لدي رئيس المحكمة يحل محله أقدم نواب الدستورية العلياواللجنة تجتمع من رئيسها ولا يكون اجتماعها صحيحا إلا بحضوره وثلاثة من الأعضاء والسؤال ماذا يحدث مثلا إذا توفي رئيسها؟ ألا يكون الاجتماع قانونيا أيضا فتح باب الترشح للرئاسة يوم 10 مارس وطبقا للدستور تحديد الموعد يسمي إعلان بفراغ موقع رئيس الجمهورية وطبقا للأعراف الدستورية يجب إشغال الموقع خلال 60 يوما فقط وبهذا يكون أقصي حد لوجود رئيس في أول مايو وليس نهاية يونية؟ أيضا يعلق علي قانون الغدر والذي كان يحتاج فقط لتعديل بسيط هو تشكيل المحكمة فبدلا من محكمة بمستشارين مهنيين وبعض أفراد القوات المسلحة تكون مدنية فقط إلا أن التعديلات التي طالته كانت سيئة حيث الأفعال المسندة كانت أشد وأفضل بمنعه من تولي الوظائف العامة أو أي منصب قيادي «يؤثر علي الناس» أو التدريب داخل الجامعة أو الظهور حتي علي شاشة التليفزيون، لم يضع هذا ضمن التعديلات وجعل تحريك الدعوي عن طريق «النيابة» ليأخذ شكلا تقليديا بطيئا مما قد يجعل المفسد لا يتعجل حتي يصدر الحكم. ويعول عصام الإسلامبولي في تعديل هذه القوانين علي مجلس الشعب الذي عادت له مهمة التشريع ويحق له إعادة النظر في هذه القوانين. ويري د. حسام عيسي - أستاذ القانون بجامعة عين شمس - أن قانون انتخابات رئيس الجمهورية ما هو إلا تطبيق للدستور ولا يمكن تعديله في مجلس الشعب، وهو في رأيه نص سيئ بقرار محض لا يطعن فيه القضاء أما باقي القوانين فيجوز بالطبع لمجلس الشعب إعادة وضعها أو تعديلها. وهو ما أكدته أيضا د. فوزية عبدالستار - أستاذ القانون الجنائي - والتي تؤكد أن قانون انتخابات الرئاسة تم عرضه علي المحكمة الدستورية العليا وأبدت رأيها في تعديلات وقد تمت بالفعل. التجمع يرفض يذكر أن حزب التجمع قد انفرد برفض العمل بقانون الغدر الصادر بمرسوم بقانون رقم 344 لسنة 1952 والمعدل بالقانون رقم 173 لسنة 1953 منذ طرح مجلس الوزراء العودة للعمل به في شهر أغسطس الماضي، وجاء هذا الرفض رغم التعديلات الإيجابية التي طرحها مجلس الوزراء علي القانون والتي تناولت العقوبات الجنائية والتأديبية واختصاص محكمة الجنايات دون غيرها بالنظر في دعاوي الغدر والفصل فيها، وقصر رفع دعاوي الغدر علي النيابة العامة، ويعلق حسين عبدالرازق عضو المجلس الرئاسي بحزب التجمع أن أول الأسباب أن قانون الغدر قانون استثنائي من حيث طبيعة الجرائم والعقوبات التي يفرضها علي هذه الجرائم ومن حيث أثره الرجعي يحتوي علي عبارات مطاطة يصعب تحديد محتواها وعلي جرائم غير محددة المعالم مثل «إفساد الحياة السياسية» و«التدخل الضار بالمصلحة العامة» وتتأكد استثنائية هذا القانون بالنص علي تطبيقه بأثر رجعي فالمادة الأولي من القانون تعاقب علي جرائم الغدر التي ارتكبت منذ سبتمبر 1939 ورجعية القانون أمر يرفضه الفقه الدستوري ويتعارض مع الإعلان الدستوري المعمول به حاليا، كما أن اللجوء لإصدار قوانين استثنائية للعزل السياسي بعد الثورات والانقلابات أمر بالغ الخطورة كما تؤكد تجارب البلاد المختلفة.