مزج بين الإبداع الأدبي والإبداع العلمي..يمتلك بصيرة نافذة، وقدرة هائلة علي التحدي.. ويمتلئ بالحيوية والتفاؤل.. آمن بثورة 25 يناير، انه الباحث المتميز في المعلوماتية والمكتبات، والقاص والروائي المبدع الدكتور زين عبد الهادي -ولد في مدينة بورسعيد عام 1956- تخرج في كلية الآداب جامعة القاهرة عام 1979 بتقدير جيد جدا، ونال درجة الدكتوراه عام 1998 في علم المعلومات. قال عنه النقاد "إنه روائي حقيقي، لكنه ضيع فرصة كبيرة في أن يكون من الكتاب المعدودين، لو أخلص جهده لهذا الفن، ولم يشرك به حياة العلم والبحث والتأليف". صدر له أكثر من عشرة كتب علمية منها: "النظم الآلية في المكتبات"، "مصادر معلومات المكتبات علي شبكة الإنترنت"، "صناعة خدمات المعلومات"، بالإضافة لخمس روايات من بينها: "المواسم"، "مرح الفئران"، "دماء أبوللو"، "أسد قصر النيل"، وغيرها. ويشغل د.زين منصب رئيس قسم المكتبات والمعلومات بكلية الآداب جامعة حلوان منذ 2004. كما شغل منصب مستشار المعلومات وتطوير النظم بالمنظمة العربية للتنمية الإدارية. والآن يشغل منصب رئيس مجلس إدارة دار الكتب والوثائق القومية. ولديه العشرات من المشروعات التي شرع بالفعل في تنفيذها. في الحوار التالي تحاول «الأهالي» التعرف علي خطته للنهوض بدار الكتب والوثائق، وتصوراته لملامح المرحلة القادمة وآفاق المستقبل الثقافي. في مدخل دار الكتب وجدنا مئات وربما آلاف الكتب والمخطوطات والوثائق التاريخية التي أتت عليها النيران بالمجمع العلمي، ويقف علماء ومتخصصون في الترميم في محاولة لإحياء تلك الكنوز مرة أخري.. سألناه حول رؤيته لسبل الحفاظ علي التراث الثقافي والوثائق والمخطوطات المصرية المهمة من الحرائق والسرقات؟ قال: للأسف كل المؤسسات الثقافية في مصر لا يوجد بها أدني اهتمام بالمعايير العالمية لنظم الأمن، والتعامل مع الحرائق والزلازل والسرقات، فضلا عن غياب المعايير الخاصة بالفهرسة والترميم وعدم الالتزام بالقوانين، والمدهش أيضا أن أغلب القوانين في مصر وجدت لترسيخ السرقات، واختراق كل المؤسسات، ولا تعمل علي حماية التراث!! لذا نجد حالة من الفوضي تسيطر علي جميع المؤسسات، ما جعل المواطن يفتقد الثقة في تلك المؤسسات. إلي متي سيظل قانون الوثائق مرفوعا من الخدمة؟ قانون الوثائق معطل منذ عام 2000، لأن أصحاب المصالح وبعض الجهات السيادية وقفت عقبة أمام إصداره، فقد قدمته الدار حينئذ ولم تتم الموافقة عليه، ثم قدم عام 2003، 2006، 2010، ولم يوافق عليه، والآن نستعد لرفع القانون المقترح لوزير الثقافة د.شاكر عبد الحميد، لتقديمه لمجلس الشعب لمناقشة القانون واستصداره والعمل به فورا، فهو ينص علي خضوع جميع المكتبات في مصر لإشراف دار الكتب، كما سيساعدنا في الحصول علي وثائق وزارة الداخلية المتعلقة بالبوليس السياسي، ووثائق ثورة يوليو، ووثائق حرب 1973 مرورا بكل الأحداث التاريخية المهمة التي عاشتها مصر. أؤكد انه بعد صدور قانون الوثائق سيتاح لدار الكتب ملاحقة من يتلف الوثائق عمدا، وسوف نقوم بتجميع كل قوانين الوثائق والمخطوطات، وحماية المؤلف والنشر في مجلد واحد، وسوف يتم توزيعه علي جميع الهيئات والجامعات والمؤسسات الصحفية، ليراه الجميع كي نقف بالمرصاد أمام عمليات السرقة أو الإتلاف. في ظل شفافية المعلومات هل هناك وثائق سرية لا يجب الاطلاع عليها؟ قانون الوثائق في داخله يؤكد عملية تصنيف الوثائق وفقا لدرجة سريتها وزمن الاطلاع عليها، لذا ستشكل لجانا تضم مجموعات من العاملين في المؤسسات السياسية، والعاملين في دار الكتب والوثائق لمناقشة تلك القضايا، خاصة أن هناك بعض الوثائق الخاصة برئاسة الجمهورية، ووثائق خاصة بالأمن القومي قد لا يسمح بالاطلاع عليها قبل خمسين عاما. هل تتفق مع ما يراه البعض بأن حرق المجمع العلمي ما هو إلا محاولة لتشويه الثورة وأبطالها؟ بصراحة لم تتعرض ثورة في العالم للتشويه مثلما تعرضت الثورة المصرية!! بكل الطرق الإعلامية والثقافية والطائفية، نعم هناك محاولات مضنية لتشويه الثورة وصناعها عبر اتهامهم بحرق المجمع، وهذا كلام عار من الصحة، بل وتنفيه الحقائق، فلم يكن للثوار يد في حرق المجمع، فأنا كمسئول كنت في قلب الحدث، ورأيت بأم عيني الأيادي العابثة وهم يدمرون ويحرقون ويرقصون، ولا استبعد أن يكون الحزب الوطني وأعوان النظام السابق وراء حرق المجمع العلمي. في ضوء ذلك هل تعتقد أن هناك محاولة لاستهداف التراث المصري؟ بكل تأكيد.. وما يدلل علي صحة ما أقول أن حريق وسرقة المتحف الفرعوني، وكذلك حريق محكمة الأزبكية، وحريق محكمة الإسكندرية، وغيرها من المحاكم، ما يؤكد أن هناك يد عابثة ومدركة لما تفعل، فهي تستهدف في المقام الأول وأد الثورة، وإلحاق الضرر بالتراث الثقافي والحضاري. ما خطتك لتطوير دار الكتب والوثائق القومية؟ دار الكتب والوثائق القومية تمتلك نحو أربعة ملايين كتاب،ومائة وعشرة آلاف مخطوط، ومائة وستين ألف مجلد من الدوريات، وتسعة وثلاثين ألف مادة صوتية موسيقية، ونحو مائة مليون وثيقة تصور تاريخ مصر السياسي والاقتصادي والاجتماعي منذ العصر الفاطمي وحتي سبعينيات القرن الماضي.. لذا وضعنا إستراتيجية ترتكز علي عاملين أولهما تنمية العامل البشري من الناحية الاقتصادية والثقافية والقانونية والأخلاقية، بمفهوم أدق سوف أسعي لإعادة بناء الهيكل التنظيمي، ورفع رواتب العاملين، وإتاحة الدورات التدريبية لهم في مجالات الإدارة وتكنولوجيا المعلومات، وضرورة الالتزام بالمعايير العالمية في التعامل مع المخطوطات والكتب النادرة والدوريات العلمية والبرديات العلمية التي تحويها الدار، وسنعمل علي ربط دار الكتب بالمؤسسات العالمية، وسوف نبني أربعة معاهد تتبع الدار في مجالات الرقمنة، والترميم، والمكتبات الرقمية، أما العامل الآخر فهو إعادة بناء الصورة الذهنية لدار الكتب، عبر تبني مشروع لإعادة تصميم مبني الدار علي كورنيش النيل بما يعكس التراث الحضاري للمصريين. وأعد أن هذه الإستراتيجية سوف يتم تحقيقها خلال خمس سنوات، أي في شهر ديسمبرعام 2016. وما أبرز التحديات التي أمامك؟ بالإضافة للتحدي الخاص بترميم مخطوطات المجمع العلمي، هناك تحديات خلقتها الظروف والفساد الذي ساد المجتمع المصري في السنوات الماضية، والتحدي الأول في نظري يتعلق بتطبيق القانون داخل الهيئة، والتحدي الثاني يكمن في إعداد دار الكتب كي تصبح نموذجا لمؤسسة حكومية يمكنها العمل بأساليب القطاع الخاص، علي أن تكون عنصرا فعالا في صناعة الثقافة، حتي تصبح دار الكتب أهم مؤسسة ثقافية في مصر أمام المجتمع والرأي العام. في إطار ما يسمي باقتصاديات الثقافة كيف يكون للثقافة عائد مادي؟ مصر تمتلك نحو 70% من الثروات الثقافية في العالم، علي الرغم من ذلك فشلنا في أن تكون لدينا صناعة للثقافة، علما بأن الدخل الثاني في بريطانيا يأتي من صناعة الثقافة والتراث، فالمتحف البريطاني بمفردة يدر عائدا ماديا جبارا، الحال ذاته في فرنسا من خلال كنيسة نترودام، ومتحف اللوفر، وبرج إيفل، في حين أن مصر تمتلك ثلث آثار العالم ويمكنها أن تكون من أغني دول العالم، لو اهتمت بعلم صناعة الثقافة. ما موقفك من تعرض مخطوطات وأعمال الأديب العالمي نجيب محفوظ للسرقة، وعرضها في مزاد علني بانجلترا؟ قبل أيام تقدمت ببلاغ للمستشار كمال سمير مساعد النائب العام، يتعلق بما تم في قاعة المزادات الشهيرة "سوذبي" في بريطانيا، فقد عرض ثماني مجموعات من الوثائق والمخطوطات بخط يد الأديب نجيب محفوظ، يعود أقدمها لعام1927، لذا قررت اتخاذ جميع الإجراءات القانونية التي تكفل حقوق دار الكتب التي أكد عليها القانون رقم لسنة2009، وإعمالا لقانون حق المؤلف، والحفاظ علي التراث الصادر عن اليونسكو في السبعينيات من القرن الماضي.