دائما ما يتم تعريف وزارة الثقافة بأنها لمسئولة عن إكساب الشخصية المصرية تعريفا بتاريخها وصيانة مقدرات هذا الوطن من تراثه ورعاية مكتسباته الإبداعية، وهو تعريف ينم إلي حد كبير عن مدي أهمية تلك الوزارة التي جاء ميلادها الشرعي بعد ثورة يوليو تحت اسم «وزارة الإرشاد القومي» والتي استقلت عن الاختصاصات الأخري عام 1965 ليأتي د. ثروت عكاشة أول وزير لها بعد أن كان نائبا لرئيس الوزراءوخلفه بدرالدين أبوغازي عام 1970 ثم الأديب يوسف السباعي لمدة سنتين فقط من 1973 وحتي 1975، ويتوالي علي مسئولية تلك الوزارة فيما بعد جمال العطيفي وعبدالمنعم الصاوي ولكن يسجل التاريخ أن ثروت عكاشة أكثر من ترك بصمته داخلها لأنه آمن بالتجديد والتغيير وكان صاحب الفضل في مبادرة إنشاء معاهد السينما والمسرح والباليه وتشييد دار الكتب والوثائق القومية وأيضا قصور الثقافة ليحول الثقافة من النخب إلي الجماهير، لتنتعش بعدها الحركة الثقافية ويبدع الجميع، ورغم قصر فترته للوزارة ولأن الشئ بالشئ يذكر ففترة الوزير السابق فاروق حسني حملت الكثير من علامات الاستفهام حول الثقافة المصرية واختزلت دورها في مجرد الترشح علي كرسي ثقافي عالمي وخوض معارك من أجله.. نحاول أن نلقي الضوء علي المطلوب من الوزارة الحالية وأهم ما يفكر فيه مثقفونا.. والمطلوب من الوزير الحالي د. عماد أبوغازي.يقول الكاتب، الروائي يوسف قعيد إننا بحاجة إلي استعادة دور مصر الثقافي في العالم العربي وهو ما يعتبره أهم كثيرا من مطالب أخري تعلن الآن وتحاول تفتيت الوزارة منها فصل دار الكتب أو المجلس الأعلي للثقافة عنها، ولذا يري قعيد أن الأهم هو استعادة الدور الذي فقدته مصر ثقافيا بعد تراجع دورها السياسي أيضا ويضع في اعتباره أن الوزارة الحالية هي لتسيير الأعمال فقط أي «مؤقتة» لهذا فهناك حاجة في رأيه لجمع شتات الوزارة عند خطة حقيقية واضحة داخل مصر، ويقترح قعيد العودة لتنظيم «مؤتمر المثقفين» والذي كان مفترض عقده قبل ثورة يناير ويري أننا في حاجة ماسة له الآن، ويضيف أن أهمية وزارة الثقافة هو في كوننا نحتاج لعصر جديد وهو ما يشير إلي الاهتمام بوزارة الثقافة وأيضا التربية والتعليم والتعليم العالي والأوقاف والإعلام حيث يعتبرها معنية «بالعقل» ويقترح عمل هيئة خاصة لها تتولي التنسيق فيما بينها لإعداد العقل المصري جيدا. تنشيط المبدعين وتري الكاتبة فريدة الشوباشي أن الاهتمام بالثقافة يحتاج إلي تنشيط وتفعيل مبدعيها وإعطاء الفرصة للموهوبين ومنع احتكار البعض للمشهد الثقافي كما حدث من قبل، حيث يحتاج أصحاب الموهبة الحقيقيين أن تسنح لهم الفرصة للتعبير عن أنفسهم وإفادة المجتمع، وتضيف الشوباشي أن جلوس الوزير السابق لربع قرن علي كرسيه أدي لحالة من الركود الثقافي وخفوت نجم المبدعين الذين تميزت بهم مصر طوال تاريخها «القوة الناعمة» والذين لهم شعبية في العالم العربي بما يقدمونه من إبداع وسينما وثقافة، وتري أن الوزارة الجديدة عليها الاهتمام بتلك الطاقات لتخرج إلي النور خاصة بعد تيار ظلامي سابق وجد دعما من الدولة اختزل المعركة إلي «الحجاب أو عدمه» يتراجع المشهد الثقافي وتستشهد فريدة بالنقلة «العبقرية» علي حد تعبيرها والتي قدمها الراحل ثروت عكاشة في الثقافة المصرية والارتقاء بصورة مصر. فيما يختزل د. حسن طالب العهد البائد في «المجاملات» التي كانت أولي اهتمامات الوزير السابق وبالتالي تهميش الثقافة وجعلها آخر اهتماماته مما يجعله يطالب د. أبوغازي بوضع هذا في الاعتبار فيري «طلب» أن المنابر الثقافية أصبحت في فترة ما «هبة» من الوزير ولهذا يطالب أبوغازي أولا بتنقية الوزارة من آثار هذا العهد ومنها رؤساء تحرير صحف ليس لها أهمية من وجهة نظره وإعادة الاعتبار لمبدأ «الكفاءة» ويؤكد طالب قدرة أبوغازي علي فعل ذلك بعد الاستماع لأصوات المثقفين في بناء ثقافة حقيقية ويقترح أيضا أن تشرف لجنة جيدة علي مكتبة الأسرة لتقديم أعمال جادة ونافعة ولا يترك الأمر لشخص واحد، ويطالب بالإضافة إلي هذا بألا تخشي وزارة الثقافة حرية الإبداع وتعمل علي تدعيمه فلا ثقافة بلا حرية تعبير. مناخ ثقافي أما الكاتبة فتحية العسال فتطالب أبوغازي بأن ينظر أولا إلي جميع الملفات ليهيئ مناخا ثقافيا يجمع مثقفي مصر ولهذا تدعوه إلي عمل مؤتمر معهم لطرح أفكار جديدة وتهيب العسال بفشل الحكم الفردي الذي يؤدي إلي «التخلف» وأهمية الحكم الجماعي وبقدر فرحها كما تقول بتولي أبوغازي الوزارة بقدر ما تأمل في تقديم أفضل ما لديه لتقديم برنامج جيد للثقافة في مصر فالثقافة هي المشكلة لوجدان المصريين ولهذا تطالب بانحيازها لمبادئ التحرر والحرية لبناء عقول مفيدة. ويؤكد الشاعرحزين عمر أهمية إزالة بقايا الفساد التي خلفها الوزير الأسبق فاروق حسني والذي يتجسد في الفساد الإداري وجلب الكثيرين من غير «الأكفاء» وتوزيع المناصب عليهم بينما يشير أيضا لفساد آخر يختص بإهدار المال العام والمخالفات الجسيمة في بناء قصور الثقافة وفي مجال ترميم الآثار وأشار حزين إلي المخالفات التي حدثت داخل دار الكتب علي مدي سنوات طويلة والحاجة إلي كشفها ويطالب الوزير الجديد بالنظر إلي المثقفين الوطنيين الذين تم نفيهم من كل وقائع الوزارة التي ينبغي أن تخدمهم فلم يحصلوا علي جوائز الدولة ولم ينالوا حقوقهم وأيضا يطالب حزين بإعادة هيكلة وصياغة المجلس الأعلي للثقافة فيقترح أن يتم انتخاب جميع أعضائه من المثقفين بشكل ديمقراطي حر يتيح فرصة التداول بين الأعمار. ويؤكد الروائي الكبير بهاء طاهر أنه علي ثقة كاملة في د. عماد أبوغازي لأنه علي اطلاع تام بكل الملفات الثقافية ويري أن تطلعات أي مثقف مصري حول «الثقافة». مدي طويل ويرفض أولا الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي تحميل فاروق حسني الوزير الأسبق مسئولية سوء حالة الثقافة في مصر خلال الفترة الماضية ويرجعها إلي المناخ العام السيئ الذي لم يكن يسمح بازدهار حقيقي ويري أن الفترة القادمة تحمل رؤيتين إحداهما علي المدي الطويل تقوم خلالها الوارة بإعداد دراسات وتقديم اقتراحات بما يمكن عمله ويجيب من خلالها د. عماد أبوغازي وزير الثقافة علي الأسئلة التي طرحها المثقفون عليه في ندوة أتيليه القاهرة ومنها ما يتعلق ببقاء الوزارة من عدمه وتبعية المجلس الأعلي للثقافة لها أو عدم تبعيته. ويقترح حجازي أن تضم الخطة طويلة المدي آراء المثقفين وهذه الخطة هي مجرد دراسة لأنه لن يمكن خلال وقت قليل تحويلها لواقع، أما علي المستوي القريب فالأمر يراه حجازي لا يحتمل أكثر من العمل علي قيام المؤسسات الثقافية الموجودة بدورها وبرامجها وإعادة النظر في بعضها إضافة إلي ترتيب بعض الأوضاع الأخري وتغيير من لم يثبت كفاءته.