بعد زيادة البلاغات المقدمة في الفترة الأخيرة والمطالبة بإعادة التحقيق في كثير من قضايا الفساد والتي تم حفظها فيما سبق، وسيل الاتهامات لكبار مسئولي الدولة في كل القطاعات المختلفة، زادت علامات الاستفهام حول الجهات الرقابية والتي من المفترض أن تكون وظيفتها مراقبة هؤلاء وإعداد تقارير بتجاوزاتهم ومنها الجهاز المركزي للمحاسبات، الرقابة الإدارية وغيرها. هل تلك التقارير ما هي إلا مجرد رصد وعدم تخويلها سلطة تحريك الدعوي حولها؟، ما حقيقة ما تقوله تقارير الشفافية أن هذه الجهات لا تكشف إلا 10% فقط من الفساد الجهاز المركزي للمحاسبات الذي يفاجئنا يوميا بتقارير يرسلها إلي النائب العام ما حقيقة صلاحياته خاصة مع تبعيته لرئاسة الجمهورية منذ تاريخ إنشائه عام 1942.. تساؤلات كثيرة حول تلك المؤسسات نحاول الإجابة عنها. هيئة رقابة مستقلة يقول عصام الإسلامبولي - المحامي بالنقض والدستورية العليا: إنه ينبغي إدخال تعديلات علي القوانين المنظمة لتلك المؤسسات الرقابية مثل الجهاز المركزي للمحاسبات والرقابة الإدارية وإدارة الكسب غير المشروع بحيث تأتي هذه التعديلات لتملك هذه الأجهزة إحالة هذه المخالفات مباشرة إلي المحاكمة لأنها فيما سبق تتبع جهات عليا فالجهاز المركزي يتبع رئاسة الجمهورية والرقابة الإدارية تتبع رئاسة مجلس الوزراء والكسب غير المشروع يتبع وزير العدل وبالتالي هي مقيدة بما هو أعلي وقد ترفع تقريرا لا توافق عليه أي جهة من تلك الجهات العليا ولهذا يقترح الإسلامبولي إنشاء هيئة رقابية مستقلة كل جهة منها لا تباشرها أي جهة أخري وبمجرد أن تنتهي من تقاريرها تحيلها إلي المحاكمة أيضا يري أهمية أن يتم انتخاب «النائب العام» وألا يتم تعيينه من رئيس الجمهورية كما هو متبع لأنه يفرض عليه قيودا ولا يكون حرا في قراراته. ويدلل الإسلامبولي علي هذا أن النائب العام الحالي لديه حكم صادر من محكمة جنايات القاهرة بإدانة مستشار وزير الزراعة السابق يوسف عبدالرحمن وطلبت من النيابة خلال الحكم إجراء تحقيق في واقعات يوسف والي ووضع هذا الحكم في الإدراج ولم ينفذ. ويضيف عصام الإسلامبولي أن مشكلة هذه الجهات الرقابية القانون الذي يحكمها والرئيس الذي تتبعه كل جهة بخلاف أن بعض هذه الأجهزة قد أصابها الفساد منها «الرقابة الإدارية» التي اتهم رئيسها بارتكاب مخالفات جسيمة. آلية بينما يري نجاد البرعي الناشط الحقوقي أن تلك المؤسسات الرقابية كانت أكثر فاعلية ولكن الإشكالية كما يقول هي عدم الأخذ بتقارير تلك الجهات والتعامل معها بشكل انتقائي ولهذا يطالب بعمل آلية تضمن الأخذ بالتقارير مأخذ الجدية كتقارير ملزمة للنيابة العامة ويربط البرعي بين الفصل في تلك التقارير وبين الإرادة السياسية لمكافحة الفساد وهي التي لم توجد طوال السنوات الماضية وتسببت في جعل تلك التقارير مجرد رصد. فيما أشار د. نور فرحات - أستاذ فلسفة القانون والفقيه الدستوري - إلي أن فاعلية الأجهزة الرقابية تتوقف علي استقلاليتها وعدم تبعيتها لأي جهاز سلطوي في إشارة لتبعية الجهاز المركزي للمحاسبات لرئاسة الجمهورية والذي أفقده استقلاليته ويفسر فرحات عدم تقديمه - الجهاز المركزي - لتقارير عن فساد المسئولين نتيجة للحسابات السياسية حيث كان المجلس يحجم عن الاشتباك مع كبار النظام وخوفا من بطش السلطة التنفيذية. ولهذا يقترح فرحات استقلالية هذه المؤسسات حتي وإن تبعت ميزانيتها لأي جهة وحتي لا تكون تقاريرها مجرد رصد غير مفيد. وقالت د. فوزية عبدالستار عضو مجلس الشعب السابق إن الأجهزة الرقابية تمثل أهمية كبيرة داخل المجتمع لما عليها من دور في كشف أي خلل داخل المؤسسات الحكومية أو غيرها. وأضافت عبدالستار أنها طالبت في العديد من جلسات مجلس الشعب بنص قانون خاص للجهاز المركزي للمحاسبات بأن يعرض الجرائم التي يكتشفها علي النيابة العامة أو النيابة الإدارية حسب نوع الجريمة ولا يكتفي بعرض تقاريره علي مجلس الشعب لأنه ليس جهة محاكمة وبهذا لا يفرأي شخص من المحاسبة وغير ذلك لا تشكل تلك الجهات الرقابية أي رقابة دون وضع آلية لإلزام الجهات المعنية بالتحقيق.