متابعة النقاشات الدائرة حول انتخابات رئاسة الجمهورية تؤكد أن هناك عدم معرفة لدي كثيرين من الساسة والإعلاميين لسلطات رئيس الجمهورية في الدستور. لقد انهي دستور 2014 النظام الاستبدادي الذي كان قائما في ظل دستور 1971 ودستور 2012، وقبلهما في دستور 1956، وكذلك السلطات المطلقة التي كانت لرئيس الجمهورية في ظل هذه الدساتير. فلم يعد رئيس الجمهورية «يتولي السلطة التنفيذية: كما كانت تنص المادة (137) في دستور 1971، وإنما أصبح «رئيس السلطة التنفيذية» فقط ، طبقا للمادة (139) من الدستور. ولم يعد رئيس الجمهورية هو الذي يختار رئيس مجلس الوزراء ويعفيه من منصبه ويعين نواب رئيس مجلس الوزراء والوزراء ونوابهم ويعفيهم من مناصبهم دون معقب (المادة 141 من دستور 1971)، وإنما اصبح دور رئيس الجمهورية مقصورا علي اختيار رئيس مجلس الوزراء وتكليفه بتشكيل الحكومة «وعرض برنامجه علي مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته علي ثقة اغلبية اعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوما علي الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيسا لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز علي اكثرية مقاعد مجلس النواب» طبقا للمادة (146) من الدستور الحالي. كما نصت المادة (147) فلرئيس الجمهورية اعفاء الحكومة من أداء عملها «بشرط موافقة اغلبية اعضاء مجلس النواب». ولم يعد لرئيس الجمهورية الحق في اصدار قرارات تكون لها قوة القانون في حالة غيبة البرلمان علي أن تعرض علي المجلس النيابي خلال خمسة عشر يوما (مادة 147)، وانما اصبح ملزما بدعوة مجلس النواب لانعقاد طارئ لعرض الأمر عليه». ولم يعد في سلطة رئيس الجمهورية حل المجلس النيابي عند الضرورة (مادة 136 في دستور 1970)، وإنما علق الدستور الحالي حل مجلس النواب علي استفتاء للشعب (المادة 137). ونقل اختصاص رئيس الجمهورية في اصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين ولوائح الضبط (المادتين 144 و145 من دستور 1971) إلي رئيس مجلس الوزراء طبقا للمادتين (170) و(172) من دستور 2014. وحدد دستور 2014 تشكيل المحكمة الخاصة بمحاكمة رئيس الجمهورية في حال اتهامه بانتهاك أحكام الدستور أو الخيانة العظمي أو اي خيانة أخري (مادة 159) بينما ترك دستور 1971 تشكيل هذه المحكمة للقانون (مادة 85)، ولم يصدر هذا القانون ابدا. واستحدث الدستور الحالي مادة تتيح سحب الثقة من رئيس الجمهورية في حال قررت اغلبية الشعب (الناخبين) ذلك، فنص في المادة 161، علي جواز أن يطلب اغلبية اعضاء مجلس النواب سحب الثقة من رئيس الجمهورية وأن يوافق ثلثا اعضائه، وطرح أمر سحب الثقة في استفتاء عام. وتقليص وتحديد سلطات رئيس الجمهورية لا يعني أن الرئيس بلا سلطات حقيقية فقد عهد الدستور للرئيس بسلطات ثلاث رئيسية تتعلق بالدفاع والأمن والعلاقات الخارجية (مادة 151 و152 و154)، كما نصت المادة (150) علي أن «يضع رئيس الجمهورية بالاشتراك مع مجلس الوزراء، السياسة العامة للدولة ، ويشرفان علي تنفيذها». باختصار الدستور ينقلنا من الاستبداد الي الديمقراطية ومن حكم الفرد الي حكم المؤسسات، ويقيم شراكة وتوازنا بين رئيس الجمهورية ومجلس النواب.