باتت الرقابة على المصنفات الفنية، تمثل قيدا واضحا على حرية الإبداع والأفكار، خاصة أن الغالبية العظمى ممن يقومون بالرقابة على الأعمال الفنية غير مؤهلين لتلك الوظيفة، وأن التقييم الفنى هو وظيفة النقاد الفنيين والمتخصصين وحسب. وقد طالب الناقد السينمائى على أبو شادى وهو أبرز من تولوا موقع الرقيب على المصنفات الفنية لعدة سنوات بإلغاء الرقابة فى مصر، حيث تساهم الرقابة فى خلق نوع من الوصاية على المبدع والجمهور معا.. مؤخرا تصاعدت حدة الخلاف بين جهاز الرقابة على المصنفات الفنية برئاسة أحمد عواض من جانب، والمطرب الكبير الفنان على الحجار من الجانب الأخر، بعدما رفض الأول استخراج تصاريح ألبوم الحجار الذى حمل عنوان "م الآخر" ويحتوى على 14 أغنية من بينها: "عيشها متحسبهاش"، "بينا حاجات"، "معلش" ،"م الآخر"، "حبيت من سنة" ،"بقدر ع الدنيا"، وغيرها من الأغنيات. أكد الفنان علي الحجار في تصريحات صحفية انه مندهش من موقف الرقابة على المصنفات الفنية تجاه البومه الجديد "م الآخر" باعتراضها على صيغة التنازلات الخاصة بالمؤلفين والملحنين التي قدمها للحصول على تصريح بتداول الالبوم، وانه قدم كل التنازلات على كل أغاني الألبوم من قبل المؤلفين والملحنين وبذلك يكون قد استوفي كل الأوراق المطلوبة، ليس صحيحا ما يقال حول إن هناك نقصا في الأوراق المقدمة تخص حقوق الملكية الفكرية، الا انه فوجئ برفض الرقابة إجازة الألبوم، وطالبوا بتغيير هذه التنازلات، مؤكدا أن هناك معايير مزدوجة تتعامل بها الرقبة مع الأعمال الفنية، ذلك لأن هذا الالبوم كان مقررا أن تطرحة شركة صوت القاهرة وكان يحمل عنوان "معلش"، وقدم لهم ذات التنازلات ودفع أكثر من 70 ألف جنيه، وبالفعل تم طبع نسبة كبيرة من السيديهات والأشرطة، وبعدئذ قرر الحجار طرح الشريط من خلال شركته الخاصة، موضحا أنه جمع كل التنازلات والموافقات التى أعدتها شركة صوت القاهرة، التى وافقت رقابتها على تنازلات المؤلفين والملحنين.. وحول القيود التى مارستها الرقابة ضده قال: فى السابق كانت صيغة التنازل، على الرغم من انها ورقة بخط اليد وليست موثقة فى الشهر العقارى، كانت تقبل حيث كانت مهمة الرقابة الأساسية هي الحفاظ على الذوق العام " طالما لا توجد أغان إباحية، أو أداء خليعا، أو كلام عن المخدرات والجنس, أو ضد سياسة الدولة أوكل ما يؤذى مشاعر الناس أو يشوش أفكارهم". من ناحية أخرى أوضحت جبهة الإبداع حقيقة خلاف المطرب على الحجار مع الرقابة الفنية حيث أصدرت بيانا جاء فيه: " لا توجد أي ملحوظات رقابية على محتوى الأغاني وتمت الموافقة عليها جميعا بالفعل، وتمت إحالة الملف للشئون القانونية لاستيفاء الأوراق اللازمة للتصريح بصدور الألبوم، وواجهت الإدارة أزمة نقص في استيفاء بعض الأوراق تخص حقوق الملكية الفكرية بخصوص أكثر من أغنية، إحداها كانت لملحن غير مصري وغير مقيم بمصر، ويمكن لصاحب اللحن إما أن يوثق التنازل في القنصلية المصرية للبلد المقيم به، أو أن يقوم منتج الأغاني بالحصول على وثيقة من جمعية المؤلفين والملحنين التي تحل محل التنازل في تلك الحالة وهو ما لم يحدد. عقب ثورة 25 يناير طالبت نخبة من المؤلفين والمخرجين والممثلين والمثقفين وصناع الأفلام، بإلغاء جهاز الرقابة على المصنفات الفنية التابع لوزارة الثقافة تماما، سواء من حيث قراءة النصوص قبل التصوير لإجازتها، أو مشاهدة الأعمال بعد التصوير لحذف ما يتراءى للرقباء حذفه، وشددوا على ضرورة تحويل جهاز الرقابة على المصنفات الفنية إلى جهة متخصصة لتصنيف الأعمال عمريا، بما يتناسب مع حرية اختيار كل مواطن لنوع المصنف الذي سيشاهده سواء في السينما أو التليفزيون أو على الوسائط الجديدة.. ونشر هذه التصنيفات على الجماهير بحيث يصبح كل مشاهد رقيبا على ذاته، لأن المنع من المنبع في هذا الزمن إنما هو تحد لقوانين الطبيعة التي جعلت ذلك مستحيلا، ولا يجوز أن يتعامل المجتمع مع أفراده على طريقة الأسرة التي يجب أن تمنع أبناءها من مشاهدة ما يضرهم.