آثار حكم محكمة القضاء الإداري بإلغاء الحرس التابع لوزارة الداخلية من جامعة القاهرة مشاعر الأمل حول بداية عصر جديد تعيش فيه الجامعات المصرية، وتذكر الطلاب والأساتذة الجامعة المصرية أيام أحمد لطفي السيد وطه حسين، عندما وضع لطفي السيد استقالته أمام أي تدخل من الأمن أو من رئيس الوزراء في شئون الجامعة العلمية أو الإدارية، لكن هذه المشاعر سرعان ما تبخرت أمام محاولات تحالف وزارة التعليم العالي ووزارة الداخلية ورؤساء الجامعات التابعين للحزب الحاكم للالتفاف علي الحكم، للبحث عن ألاعيب قانونية وغير قانونية لإبقاء الجامعات تحت سيطرة الأمن وتحت سيطرة الحزب الحاكم، ليظل الأساتذة والطلاب محاصرين بالأمن وبالقرارات الإدارية وبلوائح تعيين العمداء ورؤساء الجامعات، واللائحة الطلابية لعام 1979 وتعديلاتها في 2007، كلوائح بيروقراطية تمنع الأنشطة الثقافية والسياسية، وتمنع الجامعات من التحول إلي منارات علمية وثقافية وسياسية في المجتمع، وبينما آثار الحكم الآمال عند بعض الأساتذة، باعتباره خطوة نحو تحرر الجامعات واستقلالها، جاءت تصرفات الحكومة ووزير التعليم العالي لتجهض هذه الخطوة وحول حكم الإدارية العليا وتصرفات الحكم وسيناريوهات المستقبل يأتي هذا التحقيق. مخالفة للدستور يقول الدكتور محمد أبو الغار الأب الروحي لحركة 9 مارس لاستقلال الجامعات. يقول إن حكم المحكمة بطرد الحرس الجامعي حكم عادل والحيثيات الواضحة الصريحة لم تطبق شيئاً غير الدستور والقانون، ويتساءل هل ستنفذ الدولة الحكم بالطبع لا وسيتم الالتفاف عليه بكل الطرق ، حتي لو أدي ذلك إلي تغيير قانون تنظيم الجامعات الحالي بقانون جديد لتنظيم الجامعات ينص علي وجود حرس أمن تابع لوزارة الداخلية داخل الجامعات، حيث ستكون هي الأولي في العالم الذي سينص قانون تنظيم الجامعات علي وجود الأمن داخل الجامعة، مخالفا بذلك لجميع القوانين الدولية والدستور المصري. ويشير أبو الغار إلي عدم استقلال الجامعات لأن ضباط أمن الدولة قابعون داخل الكليات، وهم يتصرفون في كل أمور الجامعة حتي الأكاديمية ، من يسافر ومن يحصل علي وظيفة معيد وحتي الترقيات وحصول أي أستاذ علي أي منصب لابد من موافقة أمن الدولة، أما دعوة محاضر من جامعة أخري فهو أمر يخص الأمن، إلا إذا كان المدعو وثيق الصلة بالأمن ولجنة السياسات ، وحتي أمور البعثات العلمية الأمن يحدد من يسافر ومن لا يسافر، وللأسف نجد في مكتب رئيس الجامعة والعميد ممثلا لأمن الدولة هو الذي يقرر كل شيء، ورئاسة الجامعة لا تستطيع أن تحرك ساكنا ولا حتي تحتج للحفاظ علي كرامة أساتذتها وطلابها. ويضيف أبو الغار بأن الجامعة مثل مصر كلها يحكمها الأمن في كل شيء، نحن رفعنا قضية ضد وجود الحرس الجامعي لأنه شيء ملموس وهناك قرار بإنشائه، أما أمن الدولة الجالس داخل مكاتب الجامعة فليس له صفة رسمية، فعلي من نرفع القضية إذن!! البلطجية داخل الجامعات ويوضح أبو الغار أن وزير التعليم العالي يعلم تماما بوجود بلطجية داخل الجامعات ولا يفعل شيئا، ولكنه يتصرف بطريقة غير مفهومة لمجرد أن أساتذة الجامعة يقومون بتوزيع نص الحكم التاريخي بإبعاد الحرس الجامعي وحيثياته وتعريف طلاب الجامعات بحقوقهم، ويتهم الوزير الأساتذة بالاعتداء علي الطلاب ونشر الفوضي في الجامعة، وحسب أبو الغار «لا تعليق». سيطرة الحزب الحاكم ويوضح الدكتور عبد الجليل مصطفي القيادي بحركة 9 مارس لاستقلال الجامعات: يوضح أن قضية استقلال الجامعات ليست بسيطة وفيها كثير من الاستحقاقات التي يتعين تحقيقها، وحكم طرد الحرس الجامعي مجرد خطوة علي طريق الاستقلال يتعين تنفيذه نصاً وروحاً ، واستكمال باقي خطوات استقلال الجامعة العلمي والمالي والإداري، فلن يتم تحقيق استقلال للجامعات إلا باستكمال مكوناته ، حريات أكاديمية للطلبة والأساتذة، وحرية البحث والتعبير والتفكير، وأن توفر الدولة من الموازنة العامة للدولة ميزانية للتعليم الجامعي، وتكفي للارتقاء بالبحث العلمي وبالعملية التعليمية برمتها، وأن يكون هناك حرية للطلبة في تنظيم أنشطتهم الاجتماعية والثقافية والسياسية دون تدخل من أحد.. ويشير عبد الجليل مصطفي أن أهم التدخلات التي يجب التخلص منها لاستقلال الجامعات هي تدخل الدولة وحزبها الحاكم في إدارة شئون الجامعات، وأن ما حدث في جامعة عين شمس فضح جانب من التدخلات في شئون الجامعة وإدارتها لإرهاب الطلبة والأساتذة، وهو تجسيم وتجسيد لحقيقة التدخلات الأمنية في شئون الجامعات، ومن الواضح أنهم ليسوا مسرورين بالحكم، وهم يحاولون التهرب من التفيذ الفعلي لحكم المحكمة.. ويضيف دكتور عبد الجليل مصطفي بأنه لن يكون هناك استقلال للجامعات إلا بميزانية تسمح بتطوير الجامعات، وبقيادات جامعية منتخبة وبحرية أكاديمية للطلاب وللأساتذة، وبرفع يد النظام الحاكم وحزبه عن الجامعات المصرية. حكم ملزم دكتور هاني مصطفي الحسيني الأستاذ بجامعة القاهرة يشير إلي أن استقلال الجامعات يحتاج إلي قوة دفع كبيرة بأن يكون أكبر عدد من أساتذة الجامعات عندهم الوعي بمعني استقلال الجامعة، ولن يتم استقلال للجامعات إلا بتدعيم وانتشار الوعي وسط أساتذة الجامعات، لأن الوضع الحالي للمجموعة التي تدفع وتتحرك من أجل استقلال الجامعات قدرتهم علي التأثير كبيرة لكن قليلة العدد، ويعتبر خروج الحرس الجامعي من الجامعة أيا كانت طريقة تنفيذه، سيحدث تغييرا كبيرا علي الأقل بالنسبة للطلبة فالطالب سوف يأخذ حقه، لأن الطالب لم يكن يستطيع عمل أي نشاط بدون موافقة الأمن وكان الطالب يؤخذ إلي مكتب الحرس ويضرب أو يفصل، أما الآن وبعد الحكم بطرد الحرس ستواجه إدارة الجامعة بقوة القانون لأن العميد ورئيس الجامعة ملزم بتنفيذ القانون. ويضيف هاني مصطفي أن إدارة الجامعة أصبح لديهم شعور بأن خروج الحرس الجامعي سوف يجعلهم كالأيتام، ولكنهم سوف يستخدمون آباء غير شرعيين من أمن الدولة لكي يرعوهم، وأن أحداث جامعة عين شمس كانت تنم عن أن الوزير يبعث لنا رسالة بكيف ستدار الجامعة بعد طرد الحرس بأنه سيتم السيطرة عليها من قبل بلطجية محترفين بدلا من الحرس. خروج الحرس خطوة ويوضح د. هاني الحسيني أن خروج الحرس الجامعي خطوة نحو استقلال الجامعات، ولكن أمن الدولة سيظل داخل الجامعات، لأن خروجهم يعني تعديل قانون تنظيم الجامعات بأن يكون العمداء ورؤساء الجامعات وجميع المناصب الإدارية بالانتخاب، وعلي حسب هاني الحسيني فإنهم يرفضون تعديل قانون تنظيم الجامعات في الوقت الحالي، لأنه سوف يكون تعديلا سيئا لمزيد من دخول رأس المال الخاص للسيطرة علي الجامعات الحكومية وزيادة ما يسمي مجالس الأمناء، ونحن نرفض تعديله في الوقت الراهن. ويؤكد هاني مصطفي بأنهم سوف يواجهون أي تلاعب أو التفاف حول حكم اخراج الحرس الجامعي أو تقيد حرية الطلاب في النشاط بالاحتجاج وممارسة النشاط الطلابي. وتقول الدكتورة ليلي سويف الأستاذ بجامعة القاهرة لأن استقلال الجامعات ليس بيد القضاء، ولكن بأعضاء هيئات التدريس ، لأنهم لابد أن يرفضوا هذه التدخلات العميقة في شأن الجامعة، في التعيينات والترقيات والسفر، لأنه في الأساس يجب أن تكون القيادات الجامعية بالانتخاب، وأن يكون هناك نواد لأعضاء هيئات التدريس منتخبة تدافع عنهم، لأن حل مشكلات التدخل الأمني في شئون الجامعة لن يكون بالقضاء مثل الحرس الجامعي، لأنه لا يوجود قرار بوجود ضباط أمن الدولة داخل مكاتب الجامعة، واستقلال الجامعة لن يكون إلا بأعضاء هيئات التدريس أنفسهم، لأن المشكلة الحقيقية هي قبول أعضاء هيئات التدريس للتدخل الأمني في شئونهم ولا يحتجون ولا يعترضون علي ذلك، بل بعضهم يشجعه ، ويجب علي جميع الأساتذة الوقوف ضد ذلك، وضد الزملاء الذين يقبلون هذه التدخلات، وأن يكون وعي الأساتذة بحقوقهم إيجابيا حتي يتم العمل بشكل جماعي لرفض التدخلات الأمنية في شئون الجامعة.. وتتساءل ليلي سويف كيف يرضي الأساتذة هذا الوضع المهين ولا يحركون ساكنا، ولا يستطيعون الحفاظ علي كرامة الجامعة وأساتذتها، فالأساتذة هم الذين يجب أن يتحركوا للمطالبة بحقوقهم العلمية والأكاديمية والمادية، وعلي حسب ليلي سويف فمعظمهم يلهث وراء البحث عن لقمة العيش لضعف مرتباتهم.. وتعتبر ليلي سويف أن حكم طرد الحرس الجامعي سيكون البداية، وأنهم لن يستطيعوا الالتفاف عليه لأنه حكم أعلي محكمة وواجب النفاذ. سيلتفون علي الحكم الدكتور أحمد دارج الأستاذ بجامعة القاهرة يقول من المفترض أن يتم تنفيذ حكم طرد الحرس الجامعي، ولكنهم سيحاولون الالتفاف علي الحكم، لأن الحرس الجامعي هو غطاء لوجود شخصيات أخري من المفترض عدم تواجدها داخل الجامعات لأن الجامعة في الأساس مؤسسة تعليمية، لأن تواجد أمن الدولة داخل الجامعات معناه أن الدولة تتعامل مع الطلاب والأساتذة باعتبارهم نواة للإرهاب أي مكان لتخريج المجرمين وهذا معناه أن تظل الجامعة مقيدة، وهذه نظرة خاطئة ونظرة أمنية بحتة.. ويشير دراج إلي أن الجامعات لن تؤدي دورها في نهوض المجتمع ونقله من الحالة المتردية في جميع المجالات إلي الأفضل، إلا بالتزام الدولة بحرية الجامعات وطرد حرس الشرطة وأمن الدولة من داخل الجامعات، لأنه منذ فترة ليست ببعيدة تم اختراق القواعد الأساسية التي تكون سببا في اختيار أفضل العناصر ليكونوا أعضاء هيئات تدريس ، وعلي حسب دراج أنه تم ادخال بعض ممن لا يستحقون دخول السلك الجامعي، بعضهم لأنه مقرب من بعض المسئولين وبعضهم بوسائل غير شرعية كالرشاوي، حتي أن بعض الأساتذة يوافقون علي بعض الرسائل دون المستوي أو المنقولة من رسائل أخري، ومن يكتشف هذه الرسائل هو الذي يعاقب وليس من قام بنقل الرسالة.