علي الرغم من أن المجلس الأعلي للثقافة منوط به عدد غير قليل من المهام مثل تقديم نماذج من العمل الثقافي , والتنسيق بين وزارة الثقافة وأجهزتها وكذلك بين وزارة الثقافة وغيرها من الوزارات. ولكن أبرز هذه المهام هي صناعة السياسات الثقافية وصياغتها للوزارة فهل تقوم بهذا الدور حقا وما حقيقة ما يدور داخل اللجان من صراعات وهل حقا تضاءل دور المجلس بعد أنفصال مشروع الترجمة عنه؟ يؤكد دكتور جابر عصفور وزير الثقافة السابق أنه إذا اشتغلت اللجان المتنوعة داخل المجلس الأعلي للثقافة بالاجتهاد المطلوب ستستطيع أن تغير وجه الحياة الثقافية في مصر . وهذا يحدث عندما تؤدي مهمتها من حيث عقد المؤتمرات واصدار الدوريات والكتب وعقد الحلقات النقاشية حول هذه الكتب ومد جسور التعاون مع الثقافة الجماهيرية ستحقق الكثير من الانجازات . ويستطرد عصفور قائلا لقد تغيرت الطرق التي يأتي بها مقررو اللجان أكثر من عشرين مرة وليس لدي علم بالأسس الحالية , ولكن في السابق, كان يختار رؤساء اللجان أمين عام المجلس, ثم يختار رؤساء اللجان أبرز الأشخاص في مجالهم دون إنحيار , علي أن يراعي ثلاثة أشياء بشكل أساسي وهي تمثيل الأجيال و الأقاليم وتمثيل الإتجاهات , ثم تغير هذا النظام في فترة وزارة دكتور عماد أبو غازي الذي طالب بضرورة أن ترشح الجهات بعض الأشخاص وبالفعل حدث هذا. وعن أسباب إصابة المجلس الأعلي للثقافة بضعف في الأداء بعد إنفصال مشروع الترجمة عنه يقول عصفور أولا شخصية الأمين وعلاقاته الثقافية العربية والخارجية وحضوره في الحياة الثقافية هذه كلها عوامل مهمة جدا تجعله يعمل بنشاط كبير . فعندما كنت موجوداً كان لدي علاقات ثقافية بأغلب المثقفين العرب و غير العرب ولذلك استطعنا استضافة دريدا وكبار الروائيين العالميين وكبار الشخصيات العالمية وكنا نتعاون مع العلاقات الثقافية الخارجية والمراكز الثقافية الأجنبية في مصر بدرجة كبيرة من الوعي والنشاط وهذا لم يعد يحدث بنفس القدر . مشروع الترجمة حدوتة ولكن المجلس في حد ذاته لديه أمكانات عمل الخاصة به هائلة وهي عقد مؤتمرات محلية بمعدلات كبيرة جدا لأن لديه 25 لجنة في كل التخصصات ثانيا: يستطيع عقد مؤتمرات عربية في الموضوعات العربية الحساسة الأدبية والفكرية ثالثا: يستطيع عمل مؤتمرات دولية رابعا: يستطيع أن يدعو الشخصيات العالمية المختلفة . وبالتالي يستطيع عمل حراك ثقافي واسع وكثير ليس له دخل بالترجمة . برلمان المثقفين وفي نفس السياق يقول الكاتب المسرحي محمد أبو العلا السلاموني نحن نطلق علي المجلس الأعلي للثقافة « بيت المثقفين « حيث يضم نخبة من المثقفين ولكن تكمن المشكلة في أن جميعهم أتوا بالتعيين ولم يأتوا بالانتخاب عكس ما كنا نطالب به وانا شخصيا طالبت في مؤتمر المثقفين أن يأتي مقررو اللجان بالإنتخاب حتي لاتتردد كلمة « أشمعني» ونعطي فرصة لمن يريد العمل التطوعي داخل المجلس , فالمجلس يعتبر برلمان المثقفين وطالما إنه برلمان المثقفين فما المانع أن تطبق عليه الديمقراطية التي نطالب بها كمثقفين في جميع نواحي الحياة .وقد طبق نظام الانتخاب لمقرري اللجان في فترة دكتور عماد أبو غازي فأنتخب أعضاء كل لجنة رئيسها ولكن لم تتم بقية الانتخابات فكان المفروض أن اعضاء اللجان ايضا يأتوا بالانتخاب. ورئيس المجلس الأعلي للثقافة يأتي بالانتخاب ,ونفصل وزير الثقافة كمنصب عن رئيس المجلس الأعلي للثقافة . فالمفترض أن يكون رئيس المجلس الأعلي للثقافة مننتخبا ووزير الثقافة «معينا « وبذلك نفصل ما بين الجانبين لأن المجلس الأعلي له استقلالية, ومؤتمر المثقفين طالب بإستقلالية المجلس الأعلي للثقافة عن وزارة الثقافة وليس معني إنفصاله عن وزارة الثقافة إنه انفصال تام لا فهذا انفصال يشبه الفصل ما بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لكن هناك علاقة بينهما .فمثلا إذا قلنا أن المجلس الأعلي للثقافة سلطة تشريعية والوزارة هي السلطة التنفيذية تبقي العلاقة بين الاثنين مثل العلاقة بين مجلس الشعب والحكومة وهذا هو ما نطالب به إذا اردنا اصلاح حال المجلس الأعلي للثقافة , وعن ضعف دور المجلس الأعلي للثقافة بعد إنفصال مشروع الترجمة عنه يؤكد السلاموني أن مشروع الترجمة كان فرعا من اعمال المجلس ثم اصبح مشروعا قائما بذاته ونتيجة لاهمية الترجمة أنشيء لها جهاز خاص منفصل تماما عن المجلس الأعلي للثقافة وأصبح كيانا قائما بذاته وهذا افضل بالطبع بالنسبة للترجمة وهذا لا يعني أضعاف المجلس بالعكس فالمجلس هو الذي أعطي قوة للترجمة ومركز الترجمة عندما كبر واصبحت له أهمية انفصل من أجل أن يبني نفسه بنفسه . ويؤكد السلاموني أن الصراعات الموجودة داخل لجان المجلس نتيجة لعدم وجود إنتخاب للأعضاء فاذا اجريت انتخابات ستختفي الصراعات تماما . الأوضاع الخاطئة وعلي الجانب الآخر يشهد الكاتب الروائي يوسف القعيد مقرر لجنة القصة بالمجلس بعدم وجود صراعات داخل لجنة القصة فيقول لدينا أربعة انشطة كل شهر ونستعد لإصدار جديد , كما إنني لا اعتقد ان دور المجلس أن يرسم سياسات لوزارة الثقافة لأن هناك مجموعة لجان كل لجنة تعمل في تخصصها ومجالها وتؤدي عملها وتعقد ندوات وتقيم أنشطة وفي اعتقادي أن رسم السياسة مرتبط بالوزارة نفسها . ثانيا: صعب أن نقول علي اطلاقه إن هناك صراعات في اللجان، ثالثا: الكتب التي يطبعها المجلس تباع لحساب صندوق التنمية الثقافية فالأموال العائدة من بيع الكتب التي ينشرها المجلس تذهب لصندوق التنمية الثقافية وهذا الوضع خطآ لكنه مستمر . ويستطرد القعيد قائلا مشكلة المجلس الأساسية أن منصور حسن سنة 79 , 1980 أقنع السادات بإنشاء المجلس الأعلي للثقافة كبديل لوزارة الثقافة , ووافق السادات وقام بسن التشريع الخاص بإقامة المجلس حينذاك سعد الدين وهبة سنة 80 ,1981 وأقيم المجلس وكان المفروض أن تلغي الوزارة ولكن ماحدث هو إنه جاء محمد عبد الحميد رضوان وزيرا للثقافة وأستطاع أن يقنع مبارك ببقاء الوزارة وبقاء المجلس فالوزارة قائمة والمجلس قائم وهذا يسبب ازدواجية في العمل الثقافي . فإذا كان المجلس الأعلي للثقافة يضع سياسات ثقافية فكيف يستطيع ان يفرضها علي المؤسسات التي ليست تابعة له حيث إن كل المؤسسات تابعة للوزير وليس للمجلس، صحيح أن الوزير يرأس الوزارة والمجلس ولكن الناس كلها تنظر إلي الأمين العام علي انه هو الذي يسير كامل شئون المجلس فهناك لخبطة ناتجة عن هذا الأزدواج الموجود في العمل الثقافي، الشيء كذلك لا يجوز فصل المجلس عن ظروف مصر العامة فمصر تعيش الآن وقت أزمة حقيقية فطبيعي أن هذه الأزمة الحقيقية تكون موجودة في كل شيء بما في ذلك المجلس الأعلي للثقافة . ومشروع الترجمة نشأ فعلا داخل المجلس واستمر سنوات داخل المجلس لكن تم أنشاء المجلس القومي للترجمة وانفصل تماما عن المجلس الأعلي للثقافة . وفي اعتقادي ان المجلس ليس مهمته النشر لأن النشر في وزارة الثقافة كلها مفروض أن تقوم به فقط هيئة الكتاب ولكن لسهولة النشر فيقوم به كل من الثقافة الجماهيرية والمجلس الأعلي للثقافة والمجلس القومي للترجمة ودار الأوبرا وادارة المسرح وادارة السينما , إنما النشر ليس نشاطا جوهريا للمجلس الأعلي للثقافة فهو أحد الأنشطة .ولكن النشاط الجوهري هو ما تقوم به اللجان من عمل وانشطة وتؤدي دورها في عقد الندوات وغيرها وفي آخر العام المجلس هو الذي يمنح جوائز الدولة سواء التشجيعية أو التفوق أو التقديرية أو النيل.