هل تحارب الولاياتالمتحدة الإرهاب ام تدعمه ؟ على الرغم من عدم منطقية هذا السؤال نظرا الى تاريخ الحرب الأمريكية ضد الإرهاب التى اشتعلت منذ هجمات 11 سبتمبر الشهيرة والمستمرة حتى الآن فى أفغانستان واليمن والصومال ومالى ، إلا ان الواقع والتطورات فى الشرق الاوسط وبصفة خاصة فى سورياوالعراق ومصر ، تشير الى ماهو أكثر من فشل وخسارة تلك الحرب ، اذ يتم على ارض الواقع نقل الحرب ضد الإرهاب الى الأماكن التى نشأت فيها الأفكار والتنظيمات الإرهابية ، بعيدا عن أوروبا والولاياتالمتحدة ، وهو ما يفسره توقف العمليات الإرهابية داخل الولاياتالمتحدة وأوروبا ، بل وتدفق آلاف المقاتلين من تلك الدول الى سورياوالعراق للجهاد هناك ، مع تحول آخر فى استراتيجية تنظيم القاعدة والتنظيمات المرتبطة به ، وتحولها الى الجهاد الداخلى وتوقف العمليات فى الخارج ، وترك الحرية لكل التنظيمات المحلية لاختيار العمليات والوسائل التى تتبعها دون انتظار تعليمات وخطط قيادة القاعدة ، التى فقدت فى بعض الحالات السيطرة على توجيه تنظيمات تعمل وفقا لتوجهاتها المحلية . نقل الحرب على الإرهاب الى أماكن ولادتها ، استغرق سنوات طويلة باستخدام وسائل سياسية ومخابراتية وعسكرية ، تضمنت ممارسة ضغوط سياسية مستمرة على الأنظمة العربية بالذات لادماج تيارات التاسلم السياسي المتصاعدة فى الحياة السياسية ، وهو ماحدث فى مصر فى انتخابات 2005 واستمرت حتى ثورة يناير والمساعدة فى إيصال الإخوان الى حكم مصر ، ومحاولة إعادتهم الى الحياة السياسية من جديد بمواصلة الضغط على مصر بكل الوسائل لهذا الغرض . أنصار بيت المقدس منظمة أنصار بيت المقدس التى لم تحارب أبدا من اجل الاسم الذى تحمله ، وإنما أشعلت ولا تزال حربا فى سيناء وتحاول توسعة مجال حروبها الى داخل مصر ، تخدم الهدف الاستراتيجي الأمريكى – الاسرائيلى بتحويل الجيش المصري القوى من جيش تقليدي مجهز لحروب تقليدية ضد الجيوش المعادية ، الى جيش بشكل مختلف يخوض حرب عصابات ضد تشكيلات صغيرة قادرة على توجيه الضربات والاختفاء فى الصحراء بسرعة لاستمرار إنهاك واستنزاف الجيش الضخم والتأثير على معنوياته من خلال توالى العمليات الإرهابية والخسائر التى تحدثها باستمرار . وبدلا من ظهور زعامات وقيادات تخرج من مصر مثل ايمن الظواهرى الذى يقود القاعدة الآن ، ومحمد عطا الذى قاد عمليات 11 سبتمبر 2011 الإرهابية داخل الولاياتالمتحدة ، وغيرهم كثيرون توجهوا لقتال أمريكا فى عقر دارها أو حيث تتواجد قواتها فى أفغانستانوالعراق ، تحولت الجماعات المتطرفة الجهادية والتكفيرية للعمل فى الداخل ، وساهمت فى إيصال الإخوان الى الحكم عبر دعم غزوة الصناديق وغيرها ، كما تساهم الآن فى الحرب على ثورة يونيو التى أطاحت بالإخوان . وهذه الثورة ضربت الخطة الأمريكية فى مساعدة الإخوان على حكم مصر واحتواء كل التنظيمات الإرهابية باعتبارها شريكة لنظام الإخوان ، وهو ما يحقق الهدف الاستراتيجي الأمريكى فى شغل تلك التنظيمات بالصراعات المحلية والاستحواذ على السلطة بدلا من محاربة أمريكا فى حرب غير متكافئة لن تكسبها أبدا تحت اى ظرف من الظروف. المالكى يحارب القاعدة الفشل الأمريكى فى صياغة الأوضاع المصرية وفقا لاستراتيجياتها ، يمتد الى سورياوالعراق بشكل خاص ، حيث يقوم تنظيم داعش الدولة الإسلامية فى العراق والشام بشن حرب مستمرة فى البلدين أدت الى إرباك المشهد السياسي قبل مؤتمر جنيف 2 الخاص بسوريا ، والتأكيد على فشل الخطط الأمريكية تجاه العراق ، بعد عودة داعش للسيطرة على معظم محافظة الأنبار ، والانتقام لطردها من الأنبار على يد القوات الأمريكية وقوات الصحوة. وفيما تقوم الولاياتالمتحدة بضرب القاعدة فى اليمن والصومال بالطائرات بدون طيار فإنها لا تقوم بنفس الدور فى العراق ، حيث تجد نفسها مشلولة خوفا من الدخول فى المعارك المذهبية فى العراق ، مع دعم ايران لحكومة المالكى ودعم السعودية لسنة العراق ، وجزء من هذا الدعم يصل الى داعش وجماعات متطرفة تقوم بهجمات ضد الشيعة . ويعترف الكثير من المسئولين الأمريكيين بمسئولية الولاياتالمتحدة عن استمرار الحرب والصراعات فى العراق ، والمساعدة فى إطلاق الحروب الطائفية وتفتيت العراق الى ثلاث دويلات على الأقل . وعلى صعيد التطور لحل الازمة الأمريكية – الإيرانية بالذات ، فان الملف النووى ليس الملف الوحيد محل الخلاف ، اذ تسعى الإدارة الأمريكية الى ضمان ترتيب الأوضاع فى العراق عبر التفاهم مع ايران ، والتوصل الى صيغة لا تغضب المملكة السعودية على وجه الخصوص ، وعدم السماح بان تسيطر الطائفة الشيعية على العراق بالكامل ، وتحافظ على نفوذ كبير للسنة فى حكم الدولة الموحدة . والأسد يحارب الإرهاب وفى سوريا وصلت لعبة خلط الأوراق الى حد ان الرئيس بشار الأسد يظهر أمام العالم الآن وهو يحارب الإرهاب، فيما الإدارة الأمريكية تظهر مرتبكة ولا تملك صيغة مقبولة لحل الازمة السورية ، بعد ان ذهبت مساعداتها العسكرية والمالية الى المنظمات التكفيرية ، وانهار جيش سوريا الحر أمام قوات داعش التى تقيم إمارات إسلامية فى عدة مناطق . وتحولت سوريا فى نفس الوقت الى ساحة للجهاد الدولى ، توجه إليها أكثر من ألف مقاتل من بريطانيا ودول أوروبية أخري . لنتيجة ان الولاياتالمتحدة بدلا من مواجهة الإرهاب ، تقوم بتغذيته فى الدول العربية على وجه الخصوص ، سواء بدعم ثورات الربيع العربي وفتح الطرق أمام تنظيمات الاسلام السياسي ، أو باستخدام القوة فى الحالتين العراقية والليبية ، والمساهمة فى تفتيت الجيوش العربية وجعلها تخوض حروبا داخلية مستمرة ، ووحدة الجيش المصري الذى نجا من هذه المصيدة ، على الرغم من استمرار انشغاله بالأوضاع الداخلية والحرب ضد الإرهاب فى سيناء ، وهذا هو السبب الحقيقي للغضب الأمريكى ، بعد ان فشلت الخطة الأمريكية لتقديم مصر هدية صداقة للإخوان وجماعات التطرف والتكفير