باتت هجمات تنظيم «القاعدة» وفروعه المختلفة فى الدول العربية تمثل أحد أخطر التهديدات الإرهابية لتقسيم المنطقة العربية، وانشغال جيوشها وأجهزتها الأمنية بمحاربة تلك الفصائل. وبعد الجيل الأول الذى أنشأ التنظيم وقاده إلى هجمات 11 سبتمبر والجيل الثانى الذى خاض الحرب فى العراقوأفغانستان، ظهر الجيل الثالث للتنظيم مع انطلاق الربيع العربى، وأصبح له قواعده فى العديد من الدول العربية مستفيدا من الفوضى والحالة الأمنية الرخوة واستمد السلاح، واكتسب المزيد من الأرض فى اليمن وسورياوالعراق وليبيا. غزة.. مركز تصدير «الجهاديين» جاء تعاظم الجهاد العالمى فى قطاع غزة نتيجة الضعف النسبى لحركة حماس، بسبب القيود التى فرضتها على نفسها فى مواجهة إسرائيل بموجب اتفاقات التهدئة المبرمة بين الجانبين. فشعر الكثير من ناشطى حماس وجزء من أعضاء الجهاد الإسلامى والجبهة الشعبية بأن التنظيمات الكبيرة تخلت عن المقاومة ضد إسرائيل، فراحوا يبحثون لأنفسهم عن فرص للعمل لصالح تنظيمات جديدة. وقبل الربيع العربى، كان قطاع غزة هو قبلة الكثير من الشباب العرب الباحثين عن جبهة لمحاربة إسرائيل. ووصل المئات منهم القطاع، وكانوا أقل التزاما بمصلحة حماس والإخوان فى عدم التصعيد ضد إسرائيل. وعلى هذا الأساس اندلعت مواجهة بين حماس وتنظيمات الجهاد العالمى، التى بلغت ذروتها عام 2009، بسيطرة حماس بعد اشتباكات بالأسلحة على مسجد فى رفح، سقط فيها 24 شخصا، من بينهم عبد اللطيف موسى، الذى كان يوصف بأنه «زعيم القاعدة فى غزة».المزيد سوريا.. صراع نفوذ بين أبناء التنظيم شهدت الأشهر الأخيرة ظهوراً قوياً وعلنيا لتنظيم القاعدة فى العراقوسوريا متمثلا فى تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش)، لكن ما لبث أن دخل التنظيم مع تنامى نفوذه فى صراع على الجبهتين مع مقاتلى المعارضة والجماعات الإسلامية المسلحة فى سوريا، وكذلك الجيش العراقى والقبائل السنية المسلحة فى محافظة الأنبار. فى أبريل 2013، أعلن أبوبكر البغدادى زعيم تنظيم «دولة الإسلام فى العراق»، توسع التنظيم ليشمل سوريا، وأسس ما يعُرف حاليا بتنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش). وخلال الفترة من أبريل إلى نوفمبر 2013، حارب تنظيم «داعش» بجانب «الجيش السورى الحر» ضد قوات الرئيس السورى بشار الأسد، ولكن سرعان ما تحول التحالف إلى «عداء» ضد التنظيم الذى بدا أنه عزز تواجده فى سورياوالعراق مع تنامى طموحاته فى إحياء دولة «الخلافة الإسلامية».المزيد «أبوبكر البغدادى».. الابن الضال ربما يفتقر إلى «الكاريزما» التى تميز بها مثله الأعلى زعيم تنظيم القاعدة الراحل، أسامة بن لادن، لكنه أصبح فى فترة قصيرة أحد أبرز قادة الحركة «الجهادية» العالمية.. هو الدكتور إبراهيم عوَّاد إبراهيم البدرى السامرائى، الملقب ب«أبودعاء» و«أبوبكر البغدادى»، أمير تنظيم «دولة الإسلام فى العراق والشام» (داعش)، الذى بات الذراع الأخطر لتنظيم «القاعدة». وتصف صحيفة «ديلى تليجراف» البريطانية البغدادى بأنه «منظم جداً، ولا يعرف الرحمة»، وبأنه «القوة الدافعة الجديدة وراء صعود القاعدة فى جميع أنحاء سورياوالعراق». ولد البغدادى عام1971، فى مدينة سامراء، شمال العاصمة العراقية بغداد، ودرس فى الجامعة الإسلامية فى بغداد، وحصل منها على شهادتى الماجستير والدكتوراه. وبحسب تقارير إعلامية، اعتقلت القوات الأمريكية «البغدادى» عام 2005، وأودعته معتقل «بوكا» جنوبى العراق، الذى كان يضم عدداً من عناصر تنظيم «القاعدة»، الأمر الذى أكسبه الفكر المتشدد، لكن رواية أخرى تقول إنه كان متشدداً منذ عهد الرئيس العراقى الراحل صدام حسين، ويبدو أن تلك النظرية تدعمها تقارير الاستخبارات الأمريكية لعام 2005، والتى تعرّف البغدادى ك«رجل القاعدة فى مدينة القائم».المزيد شمال أفريقيا.. أقوى وأغنى فروع التنظيم فى العالم يتنامى تنظيم «القاعدة» دائماً فى المناطق التى تشهد غياباً لمركزية الدولة وانتشاراً لمظاهر الفوضى والاقتتال، وهو ما ظهر فى العديد من دول شمال أفريقيا فى الآونة الأخيرة، ما أهل فرع التنظيم لأن يكون «أغنى فروع تنظيم القاعدة وأشدها تسليحاً فى العالم». وبدأت ظاهرة تنامى قوة تنظيم «القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى» مع بداية التسعينيات من القرن الماضى مع عودة المجاهدين من أفغانستان، حيث كان الكثير منهم من بلدان المغرب العربى ولاسيما الجزائر والمغرب، ثم تجددت تلك الظاهرة فى أعقاب عودة المقاتلين من العراق بعد مشاركتهم فى مواجهة القوات الأمريكية. وأتت الثورة الليبية لتشكل «الموجة الثالثة» بعد أفغانستانوالعراق بالفرصة الذهبية ل«القاعدة» لكى تزدهر، فتوافد مقاتلو التنظيم إلى الدولة بعد بدء المواجهات العسكرية بين الثوار ونظام القذافى، وأثبتوا قدرات كبيرة فى القتال مما سمح لهم بالتواجد «الشرعى» فى ليبيا لفترة قبل أن تسمح لهم الصراعات المسلحة بين الدولة الليبية الناشئة والمسلحين من تدعيم موقعها وزيادة تواجدها. واستطاعت «القاعدة»، وفقا لما نشرته تقارير أمنية غربية، أن تحصل على أموال طائلة فور انهيار النظام الليبى، خاصة فى ظل ميل نظام القذافى للاستحواذ على كميات كبيرة من الأموال السائلة تحت تصرفه.المزيد محرمات «ولايات القاعدة»: التدخين والغناء والإنترنت من هدم الأضرحة، بحجة أنها بدعة إلى محاربة التراث الثقافى، وتطبيق الحدود بشكل انتقائى، إلى منع التدخين والحفلات والأغانى والإنترنت، تحاول التنظيمات الجهادية التنظيمات التابعة للقاعدة فى أماكن مختلفة، فرض فكرها على المناطق التى تسيطر وتعلنها «ولايات إسلامية». وقرأت سيدات مدينة الرقة السورية، هذا الشهر، منشورات وزعها تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش)، وتقول «على أى أخت فى الشارع الالتزام بالأخلاق الإسلامية ولبس الحجاب الشرعى الكامل المكون من العباءة الفضفاضة والحجاب والنقاب والقفازات وعدم رفع الصوت، وعدم المشى فى ساعة متأخرة من دون محرمها» فى شوارع المدينة بعدما أعلنت تحويلها إلى «ولاية إسلامية»، حيث فرض التنظيم قيوداً واسعة على الحريات الشخصية هناك. وبعدما فرض مقاتلو التنظيم، سلطتهم العليا فى الصراع المحتدم مع تنظيمات إسلامية مقاتلة أخرى فى الشريط المحاذى للحدود مع تركيا، منعوا التدخين، والأغانى، وفرضوا النقاب، وهدموا الأضرحة، وأمروا بإغلاق المحال قبل الأذان وخلال الصلاة.المزيد فرع «جزيرة العرب» يتحول إلى حركة تمرد فى اليمن يمثل تردى الأوضاع الأمنية، واستمرار الصراعات السياسية، وضعف الدولة العسكرى والاقتصادى- عوامل ساهمت بقوة على مساعدة تنظيم «القاعدة فى جزيرة العرب» ومقره اليمن، وحركة شباب المجاهدين فى الصومال، على توسيع أنشطتهما الإرهابية لتصبح أخطر التنظيمات الإرهابية على الدولتين. وتزدهر فروع «القاعدة» فى الدولة الفاشلة، مثل الصومال، أو القريبة من الفشل مثل اليمن، ولكن فى اليمن تفادى التنظيم أخطاء الجهاديين فى العراقوأفغانستان، فأصبح أكثر خبرة، بعقده اتفاقات مع الحركات السياسية المحلية، بالإضافة إلى بناء دعم شعبى له، ليتحول إلى ما يشبه حركة للتمرد بينما يحتفظ بجذوره الإرهابية. ونشأ فرع القاعدة فى الجزيرة العربية عام 2009 بعد اتحاد فرعى التنظيم فى اليمن والسعودية، تحت قيادة أنور العولقى الذى قتل فى غارة أمريكية لطائرة دون طيار عام 2011، وخلفه ناصر الوحيشى، ثم سعيد الشهرى الذى قتل العام الماضى، ثم خلفه قاسم الريمى.المزيد