وفي الوقت الذي يحدد فيه المجلس القومي للأجور مبلغ 400 جنيه فقط للأجور نكتشف أنه بالاضافه إلي تدني هذا المبلغ بجانب ارتفاع الأسعار فان حجم التفاوت وعدم العدالة في توزيع الأجور كان وما زال السمة الرئيسية لسياسات الحكومة فبمراجعة الأرقام والاحصائيات الخاصة بهذه القضية لوحظ حجم التفاوت في الأجور بين القطاعات الحكومية المختلفة، و ذلك وفقاً لموازنة وزارة المالية خلال السنوات الماضية : ففي موازنة عام 2008/2009 بلغ نصيب الجهاز الاداري نحو 38.8 مليار جنيه مقابل 31.34 مليار جنيه للمحليات، مقابل 8.9 مليار للهيئات الخدمية ، أما في موازنة عام 2007/2008 فقد استحوذت المحليات علي النسبة الغالبة من الأجور المدفوعة للعاملين بالقطاع الحكومي، حيث وصل ما يحصل عليه هؤلاء الي 26.5 مليار جنيه ، مقابل 25.8 مليار جنيه للجهاز الاداري و 7.9 مليار للهيئات الخدمية، أما في موازنة عام 2006/ 2007، فبلغ نصيب المحليات نحو 24 مليار جنيه ، مقابل 20.1 مليار للجهاز الاداري ، و 7.1 مليار للهيئات الخدمية ، وفي موازنة عام 2005/2006 ، فبلغ نصيب المحليات نحو 21.7 مليار جنيه مقابل 18 مليار جنيه للجهاز الاداري ، و 6 مليارات جنيه للهيئات الخدمية ، كما أن الحد الأدني لأجر العامل في الحكومة أعلي من القطاع الخاص، اذ يصل متوسط الأجر الشهري للذكورالعاملين في القطاع العام الي 684 جنيها مقابل 576 لدي القطاع الخاص، وبالمثل يصل هذا الرقم للاناث العاملات في القطاع العام الي 684 جنيها مقابل 444 جنيها لدي القطاع الخاص. وفي دراسة حديثة لمنتدي البحوث الاقتصادية للدول العربية وتركيا وايران اشارت الي ان الفرق بين متوسط أقل وأعلي أجر شهري في الجهاز الحكومي المصري وصل الي 30 ضعفا، حيث بلغ متوسط الأجر الشهري لموظفي شركات قطاع الأعمال العام 7156 جنيها في حين لا يزيد متوسط الأجر الشهري لنظرائهم في وزارة الأوقاف علي 235 جنيها فقط ويرتفع قليلا الي 408 في وزارة القوي العاملة بينما يصل الي 432 جنيها في وزارة الري ويقفز هذا الأجر ليصل الي 5283 جنيها في المجلس القومي للمرأة وينمو بشكل كبير في وزارة الخارجية ليبلغ 6059 جنيها في الشهر.وأشارت الدراسة الي أنه علي الرغم من تطبيق مصر لبرنامج الاصلاح الاقتصادي منذ عام 1990 والاتجاه نحو خصخصة شركات القطاع العام، فإن عدد موظفي الحكومة في تزايد مستمر مما يستتبعه تضاعف اجمالي الانفاق علي الأجور، وأشارت الدراسة الي أن عدد موظفي الحكومة بلغ 4.7 مليون موظف عام 1998 / 1999 كانوا يحصلون علي نحو 22.6 مليار جنيه من اجمالي الانفاق العام في الموازنة وارتفع هذا العدد ليصل الي 5.1 مليون موظف في عام 2004 / 2005 بلغ اجمالي الأجور التي يحصلون عليها حوالي 42.6 مليار جنيه. وأرجعت الدراسة تباين الأجور في مصر الي ما يضاف علي الأجر الأساسي، حيث تمثل الاضافات ما يقرب من 75% من اجمالي الراتب الشهري وتتمثل الاضافات في المكافآت التي تستحوذ علي 30.7% من الأجر بالاضافة الي المزايا النقدية 10.4% والمزايا التأمينية 11.5% وبدلات ومزايا عينية أخري 6.8%، وأكدت أن تعدد الاضافات للأجر الأساسي يؤدي الي صعوبة استخدام مؤشرات الأجور في ضبط السياسات الاقتصادية وتحديد التكلفة الفعلية لموازنة الأجور في المشروعات المنشأة حديثا.وطالبت الدراسة باعادة النظر في سياسة الأجور الحالية حتي تتحول الي أداة من أدوات السياسة الاقتصادية في جذب الاستثمارات الجديدة، وشددت الدراسة علي أن يكون تحديد الأجور بناء علي المهارة والكفاءة وليس الأقدمية والدرجة العلمية.