رغم التحديات والصعاب والمحن التي يمر بها الوطن، جاء افتتاح المهرجان القومي للمسرح المصري بمثابة محاولة جادة وضرورية لإحياء المسرح، وضخ الروح فيه مجددا بعد توقفه منذ ثورة ينير وحتي الآن.. متزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي للمسرح، وذكري رحيل النجم أحمد زكي والفنان القدير محمد توفيق.. وذلك من خلال 30 عرضا تقام علي مختلف مسارح الدولة.. ترأس المهرجان في دورته السادسة الفنان أحمد عبد الحليم، بحضور وزير الثقافة د. صابر عرب، وتستمر فعاليات المهرجان حتي العاشر من ابريل. شارك في الحفل العديد من الفنانين من بينهم: صلاح السعدني، المنتصر بالله، ليلي طاهر، جلال الشرقاوي، أحمد ماهر وغيرهم من النقاد والفنانين، والمهتمين بالشأن المسرحي. المسرح يحتضر تزامنا مع وقائع حفل الافتتاح نظم عدد من المخرجين والمبدعين وقفة احتجاجية أمام بهو المسرح الكبير، وحملوا لافتات تقول: “المسرح المصري يحتضر”، و”لماذا تم استبعاد العروض المسرحية التي تنتقد حكم الإخوان؟”، و”مهرجان بلا جوائز” وغيرها من اللافتات التي تشير إلي غضب عدد كبير من صناع المسرح، ولم يقف الأمر عند الاحتجاج الصامت، لكن حدث هرج ومرج واحتدم الصدام، ووصل الأمر لاستدعاء الأمن ومنع المحتجين من المشاركة في حفل الافتتاح، ومنهم الكاتب الكبير محمد الطوخي، رغم أن أعمالهم مشاركة في المهرجان!! وهو ما أكده لنا المخرج أحمد إبراهيم قائلا: اتهم رئيس البيت الفني للمسرح ماهر سليم بعمل خروق جسيمة، وانه خالف لوائح المهرجان ومنع العروض الجيدة التي لا تتوافق مع رؤي الإخوان، وتم استبعاد العروض التي تحاكي الثورة والواقع الراهن، وأشار إلي أن لجنة مشاهدة العروض لم تكن تمثل عناصر صناعة العرض المسرحي، فلا وجود لمؤلف أو مخرج أو موسيقي أو مهندس ديكور في لجان المشاهدة، ما يعني أن هناك قصورا فاضحا في لجنة التقييم التي ضمت أربعة نقاد وممثل فقط!!.. وأضاف لا يجوز أن تستولي إدارة المهرجان علي كل الميزانية ويحرم صناع العروض من جوائزه المالية. وأعربت الناقدة دكتورة نهاد صليحة عضو لجنة التحكيم عن تعاطفها مع شباب المسرحيين مؤكدة الجهود التي قاموا بها من أجل تقديم أعمال جيدة، وقالت إنه من حقهم أن ينالوا تقديرا ماليا لما قدموا من إبداع، ولتكن جوائز رمزية. وأدان الفنان أحمد عبد الحليم رئيس المهرجان في تصريح خاص ل«الأهالي» تلك الوقفة الاحتجاجية، مؤكدا أن هؤلاء الشباب يريدون إفساد المهرجان، وكان الأجدي بهم مساندته، مؤكدا أن هناك مسائل شخصية وراء تلك الأعمال التي من شأنها إفساد عرس المسرح المصري. الجدير بالذكر أن المخرج الشاب محمد مرسي قد انسحب يضا من المشاركة في المهرجان، احتجاجا علي التجاوزات التي يراها في المهرجان، وعلي معيير لجنة المشاهدة في اختيار العروض المشاركة في المهرجان، وكانت لجنة المشاهدة اختارت عرض “أبو شامة” للمشاركة في مسابقة هذه الدورة، والعرض من إخراجه وتأليف محمود الطوخي لفرقة شركة المصرية للاتصالات، التي أعلنت مشاركتها بالمهرجان رغم انسحاب المخرج. العصر الذهبي بدأ الاحتفال بعرض متواضع يفتقر إلي جماليات المسرح، يحمل عنوان ” ما الدنيا إلا مسرح كبير” لباقة من الشباب قدموا مشاهد من مسرحيات الزمن الجميل في العصر الذهبي للمسرح منها ” إلا خمسة “، ” سيدتي الجميلة “، ” سكة السلامة ” كما احتفي العرض بكبار الفنانين الذين أثروا الحركة المسرحية منهم يوسف وهبي ، نجيب الريحاني ، إسماعيل ياسين ، محمد صبحي ، عادل إمام ، فؤاد المهندس ، شويكار ، ماري منيب ، بديع خيري، العرض من إخراج إسلام نجيب. في كلمته المهمة أكد الفنان أحمد عبد الحليم علي أن المسرح هو الحياة، والحياة هي المسرح، فمنذ ظهوره وهو يعمل علي التعليم والتثقيف والترفيه، هو مدرسة كبري، وركيزة من أهم الركائز التي ينبغي أن تدخل في منظومة المجتمع، ومن شأنه تنمية المجتمع، فمجتمع بلا مسرح يفتقد الهوية المجتمعية المتحضرة، أن ارض مصر خصبة لاحتضان المسرح، ومن خلال المسرح خرج إلينا أعلام فنانون كبار روي إبداعهم ارض مصر والعروبة، وأصبح لدينا مؤسسات فنية وأكاديمية تضخ كوادر ومبدعين، مضيفا أنه كان من الممكن إلغاء هذه المناسبة لكن إصررنا علي إقامة هذا المهرجان كتحد كبير، ليكون حافزا للمبدعين، واستمرارا لفن أصيل لن تتخلي عنه مصر أبدا. لحظة وفاء تضم لجنة تحكيم المهرجان القومي للمسرح في دورته السادسة، الناقدة والكاتبة وأستاذة الدراما التي مثلت مصر في العديد من المحافل الدولية والعربية الدكتورة نهاد صليحة (رئيسا) بعضوية كل من الكاتب المسرحي بهيج إسماعيل، والناقد حازم عزمي، والكاتب المغربي د.عبد الرحمن بن زيدان، وأستاذة المسرح ورئيسة قسم الديكور د.عيدة علام، والفنانة المتميزة سلوي محمد علي، والفنان القدير محمود الألفي، وأستاذة التعبير الحركي والرقص الحديث الفنانة كريمة منصور. قام وزير الثقافة ورئيس المهرجان بتكريم عدد من رموز الفن في المجالات المختلفة الذين قدموا أعمالا فريدة للمسرح وفي مقدمتهم الفنانة التشكيلية ومهندسة الديكور التي أثرت الحركة المسرحية بإبداعها وتألقها، وهي رائدة المسرح الفنانة القديرة سكينة محمد علي، والتي ستبقي أعمالها محفورة في الوجدان وفي ذاكرة المسرح، كذلك الفنان نبيل الحلفاوي، والموسيقار علي سعد، والفنان كمال ياسين، والراحل الفنان هناء عبد الفتاح. صناعة المسرح بمناسبة إعادة افتتاح الفرع الإقليمي لمنظمة الأممالمتحدة للعلوم والثقافة قالت الناقدة والفنانة نورا أمين، برغم كل التحديات، الا أننا نؤمن بقدرة المسرح علي زعزعة السائد وإخراجه من مركزيته ، فالمسرح له دور أصيل في تخيل مستقبلنا الإنساني المشترك ، فقد توحدت الجهود لإعادة إحياء المركز المصري في تلك اللحظة الفارقة، آملين في أن يصبح تكتلا أهليا يتعامل مع متغيرات الداخل ويساهم في إثراء صناعة المسرح المصري، وأن يكون في الوقت ذاته جزءُاٌ أصيل وفعالا من منظومة المعهد الدولي للمسرح، وشددت علي استلهام روح التحرير وثورة مصر، مضيفة إلي التطلع لتحرير العقول والإبداع والأجساد والمسرح من كل فكر قديم، ومن كل تراث مقيد للخيال والأحلام باسم العادات والمعتقدات. مفهوم الهوية تضم فعاليات الدورة السادسة للمهرجان القومي للمسرح ندوتين رئيسيتين، الأولي تحمل عنوان “أزمة مفهوم الهوية والتيارات المسرحية الجديدة في ضوء السلطة الثقافية ” يشارك فيها د. محمود نسيم ، د. عزة هيكل ، د حسام عطا و يديرها المخرج عبد الرحمن الشافعي، تتناول أزمة تأثير ودور السلطة الثقافية في المنح والمنع عندما تتبني مشروعا مسرحيا ، كما تلقي الضوء علي التحولات التي طرأت علي المسرح المصري مع حلول الألفية الثالثة. وتحمل الندوة الثانية عنوان ” الدراماتورج و آليات الإنتاج ” وتتناول مفهوم الدراماتورج وهو الدور الغائب في المسرح المصري، بمشاركة المستشار سعد مسعود ، والناقدة عبلة الرويني والناقد مهدي الحسيني، والكاتب السيد محمد علي، ويديرها الناقد د سيد الإمام.