محافظ أسيوط يستقبل مساعد وزير الصحة ويتفقدان مستشفى بني محمديات بأبنوب    جامعة قناة السويس تصنف من أفضل 6.5 % جامعة عالميا وفقا لتصنيف CWUR 2024    حالات الحصول على إجازة سنوية لمدة شهر في قانون العمل الجديد    تباين أسعار العملات الاجنبية في بداية تعاملات اليوم الخميس 16 مايو 2024    الكيلو ب 285 جنيها.. تموين جنوب سيناء يوفر لحوم طازجة بأسعار مخفضة    وزير الإسكان: توصيل التيار الكهربائي وتشغيل محطة الصرف الصحي ب«بيت الوطن»    نزع ملكية قطعة الأرض رقم «27س» لإقامة جراج متعدد الطوابق عليها    تداول 10 آلاف طن و585 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    «الري»: إعادة تأهيل وتشغيل الممر الملاحي لترعة الإسماعيلية بالتعاون مع «النقل» (تفاصيل)    أستاذ طب وقائي يحذر من زيت الطعام المستعمل: مادة خطيرة تدخل في تبييضه    البحيرة: توريد 188 ألف طن قمح للشون والصوامع حتى الآن    رمزًا للحضارة والتاريخ.. «قصر الصخير» مقر انعقاد القمة العربية ال33    رئيس حكومة سلوفاكيا لا يزال في حالة «خطيرة»    بوتين وشي جين يعتمدان بيانا مشتركا حول تعميق علاقات الشراكة    إعلام فلسطيني: شهيد ومصابون في قصف إسرائيلي استهدف وسط مدينة رفح الفلسطينية    في غياب ميسي.. أورلاندو سيتي يوقف انتصارات إنتر ميامي    أخبار الأهلي: موقف الأهلي من التعاقد مع أحمد حجازي في الصيف    صدام جديد مع ليفربول؟.. مفاجأة بشأن انضمام محمد صلاح لمعسكر منتخب مصر    قائد مانشستر يونايتد يكشف حقيقة رحيله عن الفريق    جدل الامتحانات.. مرادفات محيرة في اختبار اللغة العربية لطلاب الشهادة الإعدادية    «مترو الأنفاق» يُعلن انتطام حركة القطارات بالخط الثاني    السجن المشدد 3 سنوات وغرامة 50 ألف جنيه لمتهمين بحيازة 6 طرب حشيش في الشرقية    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الخميس 16 مايو    فرقة فاقوس تعرض "إيكادولي" على مسرح قصر ثقافة الزقازيق    يسري نصر الله يحكي تاريخ السينما في مهرجان الفيمتو آرت الدولي الثالث للأفلام القصيرة    الأحد.. الفنان عمر الشناوي حفيد النجم كمال الشناوي ضيف برنامج واحد من الناس    «الرعاية الصحية»: حل 100% من الشكاوي التي وردت من المنتفعين بالتأمين    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان مشروع إنشاء مستشفى منفلوط المركزي    اليوم.. انطلاق الملتقى التوظيفي لزراعة عين شمس    القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير 4 مسيرات للحوثيين في اليمن    مواعيد مباريات اليوم الخميس 16 مايو 2024 في الدوري المصري والبطولات العالمية    ياسمين عبدالعزيز تنشر صورة مفاجئة: زوجي الجديد    «الإفتاء» تحسم الجدل حول مشروعية المديح والابتهالات.. ماذا قالت؟    تطور جديد في قضية سائق أوبر المتهم بالتحرش بفتاة التجمع    شوبير يكشف موقف محمد صلاح من معسكر المنتخب    طريقة عمل دجاج ال«بينك صوص» في خطوات بسيطة.. «مكونات متوفرة»    تنظيف كبدة الفراخ بمكون سحري.. «هيودي الطعم في حتة تانية»    حلم ليلة صيف.. بكرة هاييجي أحلى مهما كانت وحلة    «سلامتك في سرية بياناتك».. إطلاق حملة «شفرة» لتوعية المجتمع بخطورة الجرائم الإلكترونية    توقعات الأبراج وحظك اليوم 16 مايو 2024: تحذيرات ل«الأسد» ومكاسب مالية ل«الحمل»    غارات إسرائيلية على منطقة البقاع شرق لبنان    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 16-5-2024    إبراهيم عيسى: "في أي لحظة انفلات أو تسامح حكومي البلاعات السلفية هتطلع تاني"    محمود عاشور يسجل ظهوره الأول في الدوري السعودي    نجمة أراب أيدول برواس حسين تُعلن إصابتها بالسرطان    قدم الآن.. خطوات التقديم في مسابقة وزارة التربية والتعليم لتعيين 18 ألف معلم (رابط مباشر)    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟ أمين الفتوى بجيب    ارتفاع حصيلة العدوان على مدينة طولكرم بالضفة الغربية إلى 3 شهداء    بوتين يصل إلى الصين في "زيارة دولة" تمتد ليومين    4 سيارات لإخماد النيران.. حريق هائل يلتهم عدة محال داخل عقار في الدقهلية    رسميا.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya جميع الشعب مباشر الآن في محافظة القليوبية    منها البتر والفشل الكلوي، 4 مضاعفات خطرة بسبب إهمال علاج مرض السكر    «فوزي» يناشد أطباء الإسكندرية: عند الاستدعاء للنيابة يجب أن تكون بحضور محامي النقابة    الدوري الفرنسي.. فوز صعب لباريس سان جيرمان.. وسقوط مارسيليا    كم متبقي على عيد الأضحى 2024؟    مباشر الآن.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya في محافظة القليوبية    قصور الثقافة تطلق عددا من الأنشطة الصيفية لأطفال الغربية    حسن شاكوش يقترب من المليون بمهرجان "عن جيلو"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الملف ..بعد ازدياد معدلات الفقر..رعايا الحكومة يتسولون الحياة!
نشر في الأهالي يوم 04 - 03 - 2020

أعد الملف: نجوى إبراهيم – فاطمة يحيى- منى السيد – محمد مختار- ليلى العبد

فى مقابل أقلية تنعم بالمستورد فى جميع أمور حياتها من مأكل وملبس وأثاث, ثمة أغلبية مطحونة تعيش حياة صعبة وقاسية بحثا عن لقمة العيش.أناس حالها أغلب من الغلب.. تعيش فى فقر وجوع ومرض..غاب الأمل واسودت الدنيا فى عيونهم بعد أن كسر الشقا ضلوعهم.. هؤلاء المواطنون نجدهم فى كل مكان حولنا.. نراهم نايمين تحت الكبارى فى عز البرد, أو فى الشوارع يتسولون بحثا عن الرزق, أو عمال جالسين فى الميادين منتظرين الفرج, أو عايشين مع الأموات فى المقابر.. وغيرهم كتير وكتير.. هؤلاء هم الناس المنسيًة أو بمعنى أدق الساقطون من حسابات الحكومة..!!.
وبعيدا عن الأرقام والدراسات والاحصائيات التى تخرج علينا لتقول إن أكثر من 32,5% من الشعب المصرى يعيشون فى فقر منهم 6,2% منهم يعيشون فى فقر مدقع, وتارة تقول إن أكثر من 60% يعيشون تحت خط الفقر.. “كل ده مش مهم .. المهم اننا حاول أن نقترب من الناس الفقيرة دى.. الفواعلية والصنايعية والكناسين والخادمات, وبائعات المناديل, والمتسولين, وماسحى الأحذية…!! عايزين نسمعهم ونفتح لهم صدورنا وقلوبنا قبل صفحاتنا.. ايه مشاكلهم.. وعارفين يعيشوا ازاى فى ظل الارتفاع الرهيب فى أسعار السلع والخدمات؟.. ونسأل الحكومة هل بتفتكر الناس دول .. أوحتى بتفتكر توجيهات الرئيس بتوفير الحياة الكريمة لهؤلاء المطحونين ؟!”.
عمال المخابز: حقنا ضايع فى البلد
“فئة مهمشة” كما وصفوا أنفسهم ولكنهم سبب وجود رغيف الخبز الذى لا يستطيع أحد الاستغناء عنه، فمن أمام طاقة النار يخرج العجين رغيفاً ولكن الذى يخرجه لا يعلم عن شئونه أحد .
يبدأ يومه بعد صلاة الفجر مباشرة, يخرج من منزله ويرمى همومه على الله يذهب الى الفرن يشغل العجانة ويعجن بأيده ويخمر العجين, ويشغل طاقة النار, ثم يبدأ فى الخبيز والتسوية,عمله يستمر لأكثر من 10 ساعات يوميًا, يعانى من مشاكل صحية عديدة بسبب الوقوف أمام النار لساعات طويلة.
” مجدى السيد” عامل فى مخبز بلدى، يعانى مثل الكثير من زملائه بالمهنة من تدهور صحته وضعف نظره, يعمل فى هذه المهنة بدون أدنى رعاية صحية ولا تأمينات اجتماعية رزقه يوم بيوم, عندما نظرت إلى وجهه لم استطع تحديد عمره فالشقا والبؤس يسيطر على ملامحه، اقتربت منه ,الأيام عند “عم مجدى” تشبه بعضها فهو يخرج فى الصباح الباكر يعمل بالفرن، فيقول بنشغل العجانة ونعجن بأيدينا، ونقف نشغل طاقة النار ونبدأ نخمر العجين ونجهزه للخبز، ثم التسوية فى الفرن، بشتغل أكثر من 10 ساعات، لكن مشاكلنا كثيرة من صحة بتدهور بسبب الحرارة الشديدة والمجهود البدنى والعصبى، ونظر بيضعف بالتدريج بسبب حرارة الفرن، خصوصا لما بقف على طاقة النار، يوم كامل واقف على رجلى، مشاكلنا كعمال فى الأفران كثيرة ولكن أهمها مشكلة التأمين، خلال السنوات الماضية كانت مطاحن الدقيق بتأمن على العمال، لكن مع صدور القانون الجديد أصبح الفرن هو الذى يؤمن على عماله ولذلك أصبحنا بلا تأمين .وأوضح “مجدى” أن كل صاحب مخبر وخصوصا المخابز التى تقدم الخبز المدعم مطلوب منه يؤمن على عماله وهامش الربح الصافى له لايسمح بالدفع، لأن مبلغ التأمين كبير وفى هذه الحالة مطلوب منى كعامل إنى أدفع المبلغ التأمينى الخاص بى وهو حوالى 287جنيها شهريا، أنا كعامل لا أستطيع العمل فى الفرن أكثر من 20 يوما، فالعمل يحتاج لمجهود بدنى وعصبى، أجرى اليومى ما بين 100 و150جنيها يعنى فى 20 يوما مرتبى من 2000 إلى2500، أدفع إيجار 700جنيه وكهرباء ومياه 300جنيه أنبوبة البوتاجاز 75جنيها فى حالة تغيرها مرة واحدة فى الشهر، لدى طفلين فى التعليم “أجيب منين أدفع تأميناتى”، بجانب إنى لا أحصل على خدمات التأمين الصحية لا فى الكشف ولا العلاج، غير بعد بلوغى سن المعاش 65سنة .
وأضاف “مجدى” حتى من يدفع التأمينات من العمال، لا يستطيع الانتظام بالدفع،لأن شغلنا مش ثابت وممكن أقعد فى البيت فترة من غير شغل وتزيد التأمينات وبدفعها بفوائدها، “هنجيب منين, أحنا بنروح بيوتنا نترمى من التعب والمجهود، يا ريت الدولة تهتم بينا إحنا مش موظفين ومش متعلمين”.
الخادمات: إهانة وبهدلة وأكل العيش مر
يعتبرها البعض مخلوقة من الدرجة الثانية.. تعمل طوال النهار وأحيانا تُضرب وتُسب وليس من حقها أن تقول حتى الآهة.. أجبرتها الظروف والضغوط والهموم والفقر الطاحن الذى ينهش كل من يحاول أن يقف أمامه على الخدمة فى البيوت.. إنها الخادمة، التى لم تتغير نظرة المجتمع لها بل اتجهت إلى الأسوأ فرغم أن العاملات بهذه المهنة فقيرات إلا أن المجتمع يصفهن دائمًا بالقنابل الموقوتة.
«ربنا يتوب علينا من الخدمة فى البيوت.. أكل العيش مر..هاعمل إيه لازم اتحمل علشان اعرف اربى العيال وأجيب لقمة العيش”.. ساعات كتير كنت بحلم ان يكون ليه عمل تانى اصرف بيه على عيالى بعد موت جوزى بدل الخدمة فى البيوت لكن هاعمل ايه ولا شهادة ولا صنعة, يعنى مفيش غير الخدمة» بهذه العبارات الدالة على حجم المأساة الكاشفة عن مدى الإهانة والبهدلة التى تتعرض لها هذه الفئة بدأت “أم محمود49 سنة أرملة وأم لأربعة أولاد” حديثها معى عن مهنتها كخادمة فى البيوت.
تقابلت مع أم محمود، فى إحدى دور الحضانة بحى الظاهر تأتى أسبوعيا لمسح سلالم العمارة التى تقع بها الحضانة فعندما توفى زوجها لم تجد بديلا عن الخدمة فى البيوت ومسح سلالم العمارات أى حاجة تجيب فلوس لكى تستطيع تربية أبنائها, فزوجها كان “راجل على باب الله لا تأمينات ولا معاشات”, وليس لها اى دخل, وتعمل طوال اليوم والاجر يتراوح من 100 إلى 120 جنيها, ومعظم زبائنها موظفات وهى تذهب لتنظيف المنزل وطهى الطعام، ولكنها ترفض المبيت حتى ترجع لأولادها بما يحتاجون إليه.
وعندما سألتها لماذا لا تأخذ قرضا من وزارة التضامن؟ أجابت بسرعة قائلة: قرض ايه.. لا الخدمة فى البيوت أحسن من السجن, «لو معرفتش اسدد القرض ها تسجن اسيب ولادى لمين ساعتها!».
“أم رحمة” 35 سنة زوجها بواب وهى تساعد سكان العمارة فى تنظيف الشقق وغسيل الأطباق أو السجاد مقابل 50 أو 60 جنيها تقول “بروح اخدم ولاد بعض السكان بس الأجرة مش على اد التعب الواحد بيطلع عينه من صباحية ربنا, ده غير الشخط والاهانة وكل واحدة مش عاجبها الشغل وعايزانى اعيد تنظيف تانى وكأنها اشترتنى بالخمسين جنيها, وحول عدد ساعات العمل قالت مفيش ساعات محددة انا بفضل اشتغل فى الشقة لغاية ماخلص وبعدين الست تحاسبنى وساعات بتعب وبحرج اقولها تزودنى شوية”.
وتعليقا على أوضاع الخادمات، أشارت رحمة رفعت، محامية بدار الخدمات النقابية، إلى أن هناك 3 نقابات عمالية خاصة بعمالة المنازل جاهزة للتسجيل، ولكن لم تتمكن من إتمام العملية بسبب عدم وجود صفة عمالة المنازل بالبطاقة.
وقالت رغم أن قانون العمل المصرى رقم 12 لسنة 2003 وفقا للمادة الثالثة منه يعتبر القانون الموحد الذى يحكم علاقات العمل الا انه يستثنى خدم المنازل من نصوصه صراحة، موضحة أن العلاقة بين أفراد هذه الفئة وأصحاب المنازل تخضع لإرادة الطرفين, كما استمر هذا التجاهل والاستبعاد فى مشروع قانون العمل الجديد.. الأمر الذى يجعل وضع خدم المنازل وخاصة الخادمات لا يختلف عن وضع العبيد ويجعلهن عرضة للاستغلال والاتجار بهن.
وطالبت، بضرورة أن يتضمن أى مقترح لحماية هذه الفئة التعريف الدقيق للعمل المنزلى ولخدم المنازل بما يتوافق مع اتفاقية العمال المنزليين الصادرة عن منظمة العمل الدولية 1989, وتحديد ساعات العمل كما جاء فى قانون العمل 12لسنة 2003 كذلك تحديد الاجازات، والتى تتضمن اجازة الوضع للعاملة, تحديد المخاطر المهنية المتمثلة فى حوادث العمل والأمراض وكيفية توفير الحماية اللازمة لها, وأن يشمل الآليات المطلوبة للتأمين على العاملة, والعقوبات المناسبة لمخالفة شروط العقد وكيفية تطبيقها.
ومن جانبها، أكدت النائبة “نشوى الديب” أنها تقدت بمشروع قانون من أجل توفير حماية تشريعية لعاملات المنازل، موضحة إن مشروع قانون العمالة المنزلية الذى تقترحه جاء بعد إغفال مشروع قانون العمل الجديد لعاملات المنازل، وأشارت إلى أن مشروع القانون يتكون من 40 مادة مقسمة على 8 أبواب.
وأضافت “الديب” أن نسبة المرأة العاملة فى القطاع غير الرسمى تصل نحو 70%، وهؤلاء فاقدون لكل أشكال الحماية، حيث لا توجد عقود ولا تأمينات تحميهم، موضحة أن مهنة خدم المنازل محترمة جداً ولكن المجتمع قاسٍ جداً.
المتسولون الجدد: “الزمن جار علينا.. وملناش دية”
لم تجد سوى الشارع لبيع المناديل، فبعد موت زوجها وجدت كريمة 33 سنة نفسها مسئولة عن 3 أبناء صغار لم تستطع توفير نفقات المأكل والملبس، فهى ضحية ظروف المجتمع القاسية فزوجها لم يكن له معاش، الأمر الذى دفعها لنزول الشارع بحثا عن الرزق وعلى قلبها ابناؤها الثلاثة.
عندما اقتربت من هذه السيدة وسألتها هل تتقاضى معاشا من وزارة التضامن قالت: “تم قطع المعاش من حوالى 3 شهور وروحت كذا مرة إدارة الشئون عشان اعرف السبب ومافيش فايدة قالوا قدمى ورق جديد, وبعدين المعاش كله 350 جنيها ما بيكفوش حتى ايجار البيت اللى قاعدة فيه أنا وولادى”.. ولم تسلم كريمة كغيرها ممن يقفون على باب الله من مضايقات الشرطة ورجال الأمن حيث تريد الشرطة دائما إخلاء الشوارع من القنابل الموقوتة التى اشعلها الفقر والحاجة وضيق ذات اليد.
نظرة للغلابة يا بلد.. “مش معقول راجل كبير فى السن ده يتبهدل كده” هذا لسان حال عم محمد، الذى يأتى يوميا من المرج إلى الاسعاف ليجلس على الرصيف بجوار محطة المترو ينتظر عطف المارة حتى يعود لزوجته المسنة بما يكفى حد الكفاف الى جانب 350 جنيها شهريا ايجار الغرفة التى تؤيهما.. نفسه ان الناس تشوف حل للبلد اللى بتيجى على الغلابة فرغم تجاوزه ال60 عاما إلا أن معاش الضمان الذى كان يتقاضاه اتقطع, ويشكو من حال البلد “اللى الغلبان فيها يزداد غلبا”, وعندما سألته عن أبنائه قال “أنا عندى بنتين ورثوا الفقر منى, مقدرتش اعلمهم وجوزتهم علشان مش قادر اصرف على اكلهم وشربهم”.
سيدة أخرى، لم تجد أمامها سوى عربات مترو الأنفاق لتطلب من الركاب مساعدتها ومد يد العون لها حتى تستطيع مواصلة الحياة .
ففى محطة مارى جرجس، صعدت عربة السيدات سيدة فى الخمسين من عمرها خاطبت الراكبات قائلة “ياريت ياجماعة تسعدونى، أبوس على أيدكم، تدونى حاجة لله، الدنيا بهدلتنى وذلتني، والله ياجماعه عندى السرطان ومش معايا فلوس أجيب علاج”.
استوقفنى حديث تلك السيدة بالمناجاة والتوسل، خاصة بعد أن قامت بنزع الحجاب الذى كانت ترتديه ليظهرامرأة قد أخفى الكيماوى ملامح وجهها، وطمس على وجنتيها، ولم يظهر منها أى شىء يميزها كامرأة، تعاطف معها الجميع, وعندما اقتربت منها وسألتها عن أهلها أو زوجها انهارت بالبكاء وقالت إنها اضطرت ان تتسول عندما تخلى عنها الجميع وكل املها انها تقدر تعالج ابنها المريض بهذا المرض اللعين, وتحكى “زينب مصطفى رضوان”، ظروفها التى اجبرتها على مد يدها للناس قائلة: “أنا أم لخمسة عيال جوزى مات, وكان على باب الله, ومحدش سأل فينا لا قريب ولا غريب , معاش الضمان مبيكفيش العيش الحاف, وكنت بشتغل فى البيوت لحد ما جالى المرض الوحش, ما بقتش اقدر على شغل, وبعدين ابنى برضه تعبان, هاعيش منين واصرف على عيالى وعلى علاجى انا وابنى منين, حتى صاحب البيت اللى كنا عايشين فيه طردنى انا وولادى علشان مش عارفة ادفع الايجار وروحت سكنت فى اوضة فى الجيزة , نزلت اشحت واطلب الإحسان من الناس, علشان اقدر اربى العيال وادفع ايجار الاوضة بدل ما ننام فى الشارع”.
وتابعت: “الحكومة عاملة نفسها مش شيفانا البوليس كل يوم وتانى يقبضوا علينا ويجرونا للقسم ويعملوا محضر تسول وبقدم كل الورق اللى يثبت انى مريضة ومعنديش دخل بس محدش بيسأل بخرج بغرامة ويعملوا كانهم مش شايفين, حتى معهد الاورام ساعات بنقعد باليوم والاتنين علشان ناخد العلاج او جلسات الكيماوى بس لازم ندفع فلوس”.
عمال الصرف الصحى .. مهددون بالأمراض المهنية
تخيلوا أحوال القاهرة، اذا خلت من عمال الصرف الصحى, واذا اضربوا جميعا عن العمل! كيف ستكون احوال الشوارع فى جميع احياء العاصمة , بما فيها الاحياء المحظوظة التى يسكن فيها الاثرياء؟!.
آلاف العمال فى هذه المهنة الشاقة, والخطيرة يعيشون ألوانا متعددة من المعاناة.. تبدأ بنظرة الاحتقار لمهنتهم التى يواجهونها من الجميع, مرورا بالإهمال فى وسائل الأمن الصناعى, بما يعرضهم لمخاطر عديدة منها أمراض المهنة أو الاختناق.. ويصل الأمر أحيانا إلى الموت فى آبار المجارى.. بالإضافة إلى الأجور الهزيلة.
إنها مهنة الأمراض المباشرة كما يقول عم “عبد الستار” أحد العمال, فشبكة المجارى غير مجهزة للمرور فيها, أو بوسائل للتهوية, ويضطر العمال للنزول بأنفسهم داخل البالوعات لعدم وجود أجهزة حديثة, فالوسيلة الشائعة هى الخرازنة.
وطوال 23 سنة امضاها العامل محمود حسين فى الهيئة, فإنه لم ير عمالا يرتدون الزى المخصص للعمل العفريتة والحذاء إلا فى حالات التطهير, أما فى حالات التسليك العادى فالعامل يرتدى ملابسه العادية, أما الأقنعة الواقية من الغازات الخانقة فالعمال لا يعرفون عنها شيئًا, ولا يستخدمونها, وتكون الحالة خطيرة إذا كان العامل عند فتح البير فى مهب الغازات والروائح الكريهة، خاصة إذا كان البير مكتومًا, فإن الغازات تخنقه وتشده إلى أسفل وتعرض حياته للخطر.
ويتعرض عمال الصرف الصحى للعديد من الأمراض، فى مقدمتها الوباء الكبدى الذى ينتقل إليهم عبر الغازات والروائح الكريهة النافذة من البالوعات, وتتعدد حالات الموت أثناء العمل فى المجارى.. فقد شهدت السنة الماضية أكثر من حادث وفاة, ففى مركز مطوبس، بمحافظة كفر الشيخ، توفى احد العمال اثناء عمله فى بير صرف صحى بإحدى محطات الصرف الحكومية، وعلى مدار عدة سنوات شهدت نفس المحطة سقوط 3 عمال آخرين، وفى سفاجا لقى 4 عمال مصرعهم بإحدى بالوعات الصرف الصحي، أثناء تأدية عملهم.. وهذه الحوادث متكررة ولهذا لا تندهشوا من انقراض مهنة الغطاس كما يقول العامل “أمين محمد ” نتيجة لما يتعرضون له من مخاطر.
ويعانى “أمين” من نظرة الناس له فالكل ينظر له من فوق لتحت, حتى عسكرى المرور بيبهدل العمال اذا وقفوا فى الشارع لاصلاح بالوعة, ويأمرهم بالسرعة لاغلقها لانهم يعطلون المرور, حتى الانتقال من مقر العمل الى مكان الشكوى يتم سيرا على الاقدام , كما يقول أحد العمال – رفض ذكر اسمه- حيث لا تتوافر وسيلة انتقال اثناء العمل, واذا ركب العمال اتوبيسات النقل العام الركاب لا يطيقونهم, وتابع “ياريت الحكاية على قد كدة ولكن المشكلة ان محدش بيفكر فى حقنا, ومحدش بيسأل عننا، لا لينا لبس نلبسه واحنا بنشتغل, ولا بدل لبس ولا حاجة بنشتغل بهدومنا، وكل اللى بنشتغل بيه هى اسلاك حديد للتسليك ومفيش اى ادوات للسلامة بناخدها, حتى واحنا نازلين البالوعات نسلكها بنخلى حد يمسكنا عشان بنخاف نقع جوه البلاعة”.
نساء بلا مأوى!!
الطرد والحرمان من شقة الزوجية.. بعد عشرة العمر وتعب السنين
مئات السيدات يتم طردهن من بيوتهن بعد الطلاق مباشرة لأنهن لم يعدن حاضنات او انتهت فترة حضانتهن لذلك فقدن شقة الزوجية ويصبحن بلا مأوى.
مشكلة تتعرض لها أكثر من 10% من السيدات من المطلقات والأرامل.. من اللائى لم ينعم الله عليهن بنعمة الانجاب.. أو اللاتى تخطى أطفالهن سن الحضانة.. او اللائى طردن من منزل الزوجية لأن الزوجة الثانية ستحل مكانها أو الزوجة التى توفى زوجها وكانت تقيم فى منزل اسرته.
هذه المشكلة.. أو المأساة تعيشها نساء فقيرات، فهناك سيدات تزوجن منذ عشر أو عشرين عاما وخدمن بيتوهن وازواجهن وربين اولادهن حتى تخرجوا وتزوجوا وشغلوا المناصب المهمة ولكن عندما وصلت اعمارهن الى 50 و60 سنة تركهن أزواجهن وتم الطلاق وذهبت عشرة السنين وتلك السيدات ليس لهن اى حق فى مسكن الزوجية بحجة انتهاء فترة الحضانة.. فربط شقة الزوجية بالحضانة وحرمان المرأة وطردها منها عدم إنصاف لها.
حالات عديدة تلجأ إلى الجمعيات الأهلية، المهتمة بقضايا المرأة فقد تلقت جمعية نهوض وتنمية المرأة، حالات لسيدات تعرضن للطرد بعد انتهاء الحضانة ليعود إليها الزوج مع زوجته الجديدة, ويقوم بطردها من منزل الحضانة، إحدى السيدات تروى قصتها بأنها لم تنجب وعاشت مع زوجها 17 عامًا وفى النهاية طردها وطلقها ليتزوج باخرى وتعيش حاليا فى مسكن اخيها وتضطر الى ان تجوب بالشارع طوال النهار بعد خروجها من عملها لان زوجة اخيها فى شجار دائم معها, وسيدة اخرى اضطرت للزواج من رجل غير متعلم لتخدمه مقابل اكلها ونومها هى وابنها لانها لم تجد مكانا تعيش فيه بعد انتهاء فترة حضانتها.
وهناك مأساة السيدة نجاح عمر، إحدى السيدات التى لجأت لإحدى دور استضافة المرأة لحماية المعنفات التابعة لوزارة التضامن، طردها زوجها هى وأولادها الأربعة دون سبب وأغلق باب الشقة وسافر البلد عند أهله, وتقول “قعدت شوية عن الجيران, وبعدين عند أهلى بس محدش كان بيطقنى أنا وولادى, وروحت لمكتب شكاوى المرأة علشان يحلوا مشكلتى, وبعتونى لدار ضيافة المرأة ولكن الدار استقبلتنى أنا وولادى الصغار أما ابنى الكبير عنده 12 سنة قاعد عند الجيران , ورفعت قضية تمكين من شقة الزوجية وكسبتها ولكن زوجى رفض التنفيذ, واستأنف الحكم وادعى أن الشقة ملك لأخيه.. ومش عارفة أعمل ايه ؟!.
مأساة أخرى، ترويها مطلقة تقول “رفعت دعوى لتمكينى من شقة الزوجية لانى حاضنة, وكسبت القضية بس اهل زوجى رفضوا تنفيذ الحكم وبعد تسليمى الشقة قاموا بضربى أنا ووالدتى وطردونى من الشقة, وأنا دلوقتى معنديش مكان أعيش فيه انا وولادى فأمى تعيش عند اختى الكبيرة , وانا قاعدة معاها”.
وفقًا لقانون الأحوال الشخصية 2 لسنة 2000 المعدِّل للقانون رقم 100 لسنة 1985 تنتهى حضانة النساء ببلوغ الابن 15 عامًا، والابنة 17 عامًا، ويجوز للقاضى بقاء الابنة مع الحاضنة حتى الزواج، أما إذا امتدت الحضانة بعد السن المذكور، يسترد الزوج منزل الزوجية أو مسكن الحضانة.
حاولت وزارة التضامن مواجهة هذه المشكلة بتوفير بعض الاماكن البديلة لهولاء السيدات اللائى يتم طردهن من بيتوهن وليس لهن مأوى الا ان هذه الاماكن يطلق عليها مراكز لاستضافة وحماية النساء من العنف وتشترط عدة شروط لقبول النساء منها سداد رسوم يتم تحديدها وفقا لدخل السيدة اذا كان لها دخل أو تحديد ذلك وفقا لما يسفر عنه البحث الاجتماعى, وتكون مستوفاة لشروط اللياقة الصحية والخلو من الامراض وان تكون قادرة على خدمة نفسها , وتتم استضافتها من 3 الى 6 شهور وتحاول فى هذه الفترة حل مشكلاتها , وانشأت وزارة التضامن 8 مراكز بمحافظات القليوبية، الإسكندرية، بنى سويف، الدقهلية، المنيا، الفيوم، الجيزة و6 أكتوبر.
اشكاليات القانون
ومن جانبها، اكدت “ميرفت ابو تيج” المحامية ورئيس جمعية أمى لحقوق الانسان، ان كثيرا من السيدات المصريات يساعدن ازواجهن فى تحمل الاعباء المادية والانفاق على الاسرة , فضلا عن عملهن طوال سنوات الزواج الا ان الشقة “مسكن الزوجية” ملك الرجل لانه هو الذى احضرها, وهذا عدم انصاف للمراة نظرا لمساهمتها فى حياتها الزوجية حتى ولو لم تعمل بأجر خارج المنزل فهى تقوم برعاية الاطفال وبالاعمال المنزلية .
وتشير الى اننا كجمعيات أهلية نطالب بتغيير هذا القانون الذى يربط شقة الزوجية بحضانة الاطفال بحيث تحتفظ الزوجة بشقة الزوجية اذا تم الطلاق بدون رغبتها, فضلا عن ضرورة اتخاذ كافة الضمانات التى تضمن حقوقها ويتم الاتفاق عليها مع الزواج كالمهر وقائمة المنقولات ومؤخر الصداق.
واقترح”ياسر عبد الجواد”المحامى، ورئيس المكتب العربى للقانون بتقسيم الثروة بين الزوجين اى تقسيم المبلغ والعقارات التى تتكون اثناء قيام العلاقة الزوجية نظير عمل الزوج او الزوجة وان كانت ربة منزل لتحقيق العدالة وحتى يفكر الزوج ألف مرة قبل أن يطلق زوجته ويشرد أطفاله.
واشار الى ان تقسيم الثروة لا يوجد تنظيم له فى القانون الحالى وان كانت المادة 33 من لائحة المأذونين المضافة فى 2005 تتيح للطرفين الاتفاق بشأنها فى شروط وثيقة الزواج, لافتا الى ان تقسيم الثروة يحل اشكالية عدم وجود مسكن للزوجة فى حالة طلاقها وهى ليست حاضنة ولا يهدر حقوقها بعد خدمة زوجها وتربية الابناء خاصة اذا كانت ربة منزل .
وأعد مركز قضايا المرأة المصرى مشروع قانون لتعديل قانون الاحوال الشخصية عالج فيه هذه الاشكالية حيث نص على ان للزوجة التى طلقها زوجها بشكل تعسفى ولم ينص عقد زوجها على الاخذ بنظام الثروة المشتركة, كما تقدم اتحاد نساء مصر بمشروع قانون لتعديل قانون الأحوال الشخصية الجديد نص فى احد بنوده على أن تكون الشقة من حق الزوجة حتى بعد انتهاء فترة حضانة الأطفال وهو سن 15 عاماً.
نظرة لعمال الفحم .. معاناة عمال النار
شبورة سوداء ودخان كثيف يملأ المكان، وأكوام من الأخشاب المتفحمة والمرصوصة بشكل فنى وعمال فى كل مكان لرفع الخشب ورصه وحفر الأرض وإشعالها بالخشب، السواد من شدة الحرارة يكسو وجوهم وأيديهم مشققة من السخونة والحركة وأعينهم مكسورة بفعل الحرارة، أنهم عمال “مكمورة الفحم”.
معاناة عمال النار، يرويها”إسماعيل المشد ” عامل مكمورة فحم قائلا:”أعمل بالمكامير منذ 15عاماً لا يهمنى غير توفير لقمة العيش الحلال لاولادى وأسرتى، لا أجيد القراءة والكتابة وليس لى اى مهنة أخرى، رغم معرفتى بمشاكلها الصحية وامراض التنفس وضعف النظر من شدة الحرارة ، وضعف المقابل إلا إننى لا أمتهن غيرها، وأوضح “المشد” أن فترة المكمورة 15يومًا، يومية العامل 70جنيها وبتحتاج 20 عاملا ما بين رص الخشب 4 أيام، وإشعال نار 16يوما، ثم هز الفحم .
موضحاً، أن فتح اى مشروع يتكلف الكثير حتى لو محل بقالة لكن فتح المكمورة بسيط جدا كل ما احتاجه مكان وسط الزراعة وخشب شجر، إحنا بنجيب الأشجار التى انتهى عمرها الافتراضى ونصنع منها الفحم، ويعتبر شجر البرتقال أفضل إنتاجية فى الفحم يليه شجر المانجو ثم الجازورين الذى غالبا ما تستخدمه محال الأطعمة، وفى مكامير كبيرة ومعروفة بتصدر الفحم للدول العربية لكن إحنا بنوزعه على القهاوى ومحلات الشوى .
وأضاف “المشد” “المقابل المادى ضعيف جدا لكنها المهنة المتاحة، إحنا على طول تعبانين بس لو كنا لقينا شغلانة تغنينا عن السؤال كنا اشتغلناها لأن أكل العيش صعب دلوقتى،غير أننا معندناش تأمين يعنى مفيش معاش ولو اشتركت فى اى نظام جديد وادفع اشتراكى يعنى مطلوب منى ادفع 500جنيه كل شهر..أجيبهم منين، ونظرى أصبح ضعيفا بسبب الحرارة ، ومع ذلك عايز اشتغل، لكن لايوجد اى عمل غيرها، غير أن المكمورة مش مرخصة والبيئة بتغلق المكامير لأخطارها البيئية والصحية، طيب احنا كفئة هنشتغل ايه؟ موافقين على غلقها ولكن على الدولة أن توفر الطعام لاولادنا ومصاريف دراستهم”.
جربت مرة تنام فى المدافن؟:سكان المقابر.. يحلمون بالحياة الكريمة
هل جربت مرة أنك تنام وتحتك جسد لشخص ميت؟ أو أن ابنك يصحى فى عز الليل بيصرخ من الخوف والرعب لأنه ينام وبجواره ميت لسه مدفون؟ هل تخيلت انك تحسد الميت اللى فارق الحياة وتتمنى انك تكون مكانه لان حاله أفضل من حالك؟..هذه بعض ملامح الحياة التى يعيشها سكان مقابر عزب الباجور بعرب غنيم بحلوان.
تقابلت “الأهالى” مع عدد من سكان مقابر الباجور.. ففى بداية دخولك المكان تجد صمتا مريبا يخيم على أرجاء المكان, تقطعه أصوات الأطفال الصغار، ونرى أيضا بقايا أبواب خشبية متهالكة يجلس أمامها اناس عيونهم حائرة تراقب كل من يقترب .
“احنا العشوائيات اللى محدش حاسس بينا..عايشين فى المنفى وسط الاموات والحكومة عاملة ودن من طين وودن من عجين.. رزقنا على الله..”.. هذه العبارات جاءت على ألسنة بعض السكان هناك.
معاناه حقيقية وحياة غير آدمية يعيشها أناس تقاسموا مع الموتى كل شىء المكان والنوم والمعيشة.. حياة اعتادوا عليها، وتعايشوا معها وكأنهم فى دنيا خارج الدنيا.. احلامهم بسيطة لا تتجاوز الحياة الكريمة التى يجدوا فيها قوت يومهم واستقرار أولادهم .
تفترش نوال السيد، سيدة فى الخمسين من عمرها، امام بيتها بضاعة عبارة عن أكياس بسكويت وشيبسى وحلوى للصغار، تحدثنا معها فقالت: “أنا هنا من 30 سنة زوجى متوفى وباخد معاش ابويا، حوالى الف جنيه، بس ما بيكفيش علشان كدا بجيب شوية حاجات بقعد بيها علشان اعرف اصرف على العيال, نفسى أعلم ولادى عندى رحمة فى اولى ابتدائى ومحمد 17 سنة وفاطمة مش غاوية تعليم بتساعدنى فى البقالة”، تابعت “بسترزق وابيع للى جايين يزوروا، بطالب الحكومة بأنها تنظر لحالنا، معنديش تلاجه ولا حتى دولاب، هنعمل ايه لما ربنا يفرجها عايشين تبع الفرج”. وتقول أم إسلام: “اتولدت هنا وكبرت وتزوجت فى نفس المكان، زوجى مريض روماتويد صعب يتحرك، عاوز علاج كل عشرة ايام ب 500 جنيه غير اولادى اثنين فى التعليم عاوزين دروس ب 600 جنيه كل شهر، الحياة غالية والمصاريف كتير ومحدش بيسأل فينا، انتخبنا السيسى وابسط حقوقنا نعيش زى البنى أدمين، وتابعت “بناكل يوميا فول وطعمية ويوم بنقضيها جبنة وبطاطس، هنجيب منين نشترى فراخ ولحمة، ربنا بيرزقها من الناس اللى بتزور وحماتى عايشة معانا فى بيت أوضة فوق أوضة وبتساعدنا بمعاش زوجها”.
“إحنا العشوائيات اللى محدش حاسس بينا إحنا عايشين فى المنفى” كلمات استهلت بها الحاجه صباح عبد السلام حديثها، حماة أم إسلام، “خرجت علينا تستند على عصا او عكاز تقطع حديث زوجة ابنها، معبرة عن غضبها من العيشة، قائلة: “الغلاء تعبنا ونفسى اشوف ولادى مرتاحين، بنحمد ربنا على السراء والضراء، عيشتنا وسط الأموات بتخلينا نحس برحمة ربنا علينا، والكبار اللى ماسكين البلد مش حاسين بينا، وتابعت” بتعالج من كله عندى ألم فى المفاصل وعندى القلب والضغط، هنعمل ايه يابنتى ادينا عايشين، بتعالج تبع التأمين لكن العلاج بيكلفنى بصرف 300 جنيه علاج فى الشهر، هنحيب منين هنصرف على الأكل والشرب ولا تعليم الأولاد ولا العلاج؟!”.
ويقول سيد، 55سنة، العيشة فى المقابر وسط الأموات محتلفة عن العيشة برة، احنا هنا اهل بعض وعارفين بعض، الغريب عننا مالوش مكان بنا، معظم الناس هنا شغلانتها حراس المقابر وبندفن ونسقى الزرع، وبنسترزق من “الرحمة” اللى بيوزعها زوار الموتى، سواء كانت فاكهة او كحك وممكن فلوس 2 او 5 جنيهات، وتابع: “عندى ولدين فى التعليم، عايشين اسرتين فى بيت أوضه فوق أوضة، ممكن يوم فى ويوم مفيش ربنا اللى بيبعت، عاوز معاش اعيش بيه، عندى إصابة فى رجلى بعد وقوعى من على السقالة عندما كنت أعمل مبيض محارة لكن دلوقتى بحرس المقابر من البلطجية والمدمنين، خصوصا ان حوادث السرقة للأبواب الحديد كترت ومفيش أمن”.
“إحنا فى وادى وباقى الناس فى وادى تانى” بهذه الكلمات وبكل ألم عبر عبد العزيز عن غضبه تجاه الحكومة، قائلاً: “محدش بيبص للغلابة، مالناش ظهر، ولا وظيفة ولا معاش، بقالى 40 سنة فى المكان محدش بيسأل فينا، عندى 56 سنة وثلاثة أولاد، الحال اتغير والدنيا بقت غالية ومحدش لاقى، مالناش معاش ولا شغلانة.. الكبير بيخدم الناس اللى من أهله بس لوظيفة أومعاش واحنا مالناش هنعيش ونموت ومحدش حاسس بينا”.
ووفقا لآخر إخصائية للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، فقد وصل عدد سكان المقابر الى 5 ملايين مواطن يعيشون مع أسرهم بين الأموات داخل 25 محافظة ويبلغ عددهم فى اقليم القاهرة الكبرى الذى يضم محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية نحو 1,6 مليون مواطن .
ومن جانبه أوضح د.حسن الخولى “استاذ علم الاجتماع بجامعه عين شمس”، ان اغلب سكان المقابر نازحين من مناطق ريفية ومحافظات الصعيد، جاءوا للبحث عن فرصة عمل واضطرتهم الظروف الاقتصادية وضيق اليد نظرا للفقر الشديد ان يعيشوا فى المقابر .
واضاف، أن هناك اسبابًا عديدة ادت الى زيادة اعداد سكان المقابر من ضمنها ارتفاع تكاليف السكن وارتفاع الاسعار والغلاء. ولفت الى انه من الطبيعى أن تخرج هذه البيئة أجيالاً من ذوى الأمراض النفسية والمجتمعية الخطيرة التى إن لم تهدد المجتمع فإنها بلا شك ستؤثر على حياة اصحابها.
ويحذر د.حمدى عرفة “أستاذ الإدارة وخبير تطوير العشوائيات” من زيادة أعداد سكان المقابر،مؤكدا أن المنحرفين والخارجين عن القانون يأخذون من المقابر مأوى لهم الامر الذى يمثل خطرًا على المجتمع. واشار إلى أنه طالب من وزيرة العشوائيات منذ عام 2014 عندما كانت هناك وزارة للتطوير الحضرى والعشوائيات، ان تضع ملف سكان المقابر على خطتها، مطالبا الدولة بأن تولى اهتمامها بهذا الملف وتدرج سكان المقابر ضمن العشوائيات الخطرة ويتم نقلهم إلى مساكن آدمية.
الأيدى الشقيانة.. معاناة تبحث عن الأمان الوظيفي
“وليد”: ب”ألمع الأحذية” والرزق يحب السعي
عمال التراحيل: لو القطر فاتنا شغلوا ولادنا
فئات متعددة من العمال مازالت تعانى من تدهور أوضاعهم المعيشية، وعدم وجود وظيفة ثابته تساعده على العيش وتلبية احتياجات أسرته، وينتشرون فى الشوارع، وبالعديد من القطاعات، فهم ضحايا لمنظومة تعليم متدهورة على مدار العقود الماضية غير قادرة على إخراج شباب يستطيع اقتحام سوق العمل وإيجاد مهنته وحرفته التى يجب أن يكون تدرب عليها خلال مراحل تعليمه بسهولة، وهم ضحايا لسياسات تشغيل يسيطر عليها الرأسمالية والقطاع الخاص وينعدم فيها الأمان الوظيفى ومن السهل جدًا أن يجد العامل نفسه مفصولا تعسفيًا وحقوقه مهدرة وليس أمامه إلا أرصفة الشوارع هى المتاحه لديه.
«الأهالى» رصدت معاناة عدد من الفئات الكادحة، والسماع للقصص الموجعة لهذه العمالة، والتى تندرج تحت ما يسمى العمالة غير المنتظمة، المنتشرة فى أرجاء الجمهورية، ومن الصعب إيجاد إحصاء رسمى لهذه العمالة نظرًا لعدم وجود كيان رسمى يمثلهم، ولكن التقارير تشير إلى أن العمالة غير المنتظمة فى مصر تقدر بالملايين، يعملون فى العديد من الأنشطة.
ويروي، سعيد علي، 39 عاما، عامل بمحل أغذية بوسط البلد، معاناته ل”الأهالي، قائلا، إنه متزوج منذ 8 سنوات، ورزقه الله بخمسة أطفال، ثلاثة منهم فى التعليم الأساسي، مستطردًا أن والده والدته يعيشون معه فى شقته، ويعانان من أمراض مثل الضغط والسكر وغيرهما، مضيفًا أنه فى ظل ارتفاع سعر الدواء، أصبح عليه ضغط كبير عليه.
وتابع سعيد، أنه يتقاضى من صاحب المحل، 1200 جنيه شهريًا، قائلا “يعملوا ايه دول وانا عندى 5 عيال بصرف عليهم، وكمان أبويا وامى بيتعالجوا”، مضيفًا “الحياة بقت غالية، والمصاريف زادت، والبيت والعيال مش بيبطلوا طلبات، وانا أجيب منين ومرتبى مش بيكفى”، ولما العيال بتتعب بنضطر نستنى الصبح، ونروح الوحدة الصحية، ماهو مش معايا تمن تذكرة الدكتور فى العياة، وكمان الدوا اللى بقى غالى جدا”.
وحول وجود مظلة تأمينات له، قال العامل بمحل أغذية، “أنا بعتبر شغال أرزاقى وعلى الله، ومعملتش تأمين صحي، وصاحب المحل مقلناش هاتوا الورق بتاعكوا”.
وطالب سعيد، بوظيفة يتقاضى منها راتب يسد احتياجات أسرته، متابعًا “من نص الشهر والبيت مش بيبقى فيه فلوس، ولولا معاش أبويا هو اللى بيصرف على البيت لحد ما أقبض، كان زمانى بشحت فى المترو زى الناس الكتير اللى بيعملوا كدا وبتشوفهم فى المترو”.
مظلة تأمينات
وفى شارع محمود بسيوني، بمنطقة وسط البلد، يوجد،”عم وليد”، كما ينادوه المواطنون، 50 عامًا، عامل أحذية، يجلس على أحد النواصي، ينادى على المارة أمامه ليمسح لهم الحذاء.
يقول وليد، أنا أجلس فى هذا الشارع منذ اكثر من 20 عامًا، وانا صغير قمت بالعمل فى عدة مهن، ولكننى لم استمر فى أى منها، ولم أجد أمامى إلا الشارع، لأكسب منه قوت يومي، وأصرف على أسرتي.
يتابع وليد قصته، ” أنا من البحيرة، وعندى أربعة عيال، بيشتغلوا فى الأنفار، فى المزارع الموجودة بالمحافظة، مضيفًا “جيت القاهرة وانا عيل صغير وجربت شغل كتير، وملقتش قدامى إلا الشغلانة دى، وأهو بنعتمد على كرم الزبون واللى بيدفعه”.
واستطرد “تزوجت فى قريتي، وبسافر يومين أو تلاتة كل شهر، وبرجع القاهرة تاني”، مضيفًا أن عمله شاق جدًا قائلاً “فى عز الشمس والحر ببقى قاعد مكاني، وكمان فى المطرة والجو البرد، ولما الدنيا بتبقى هادية ومفيش زباين بقوم وألف على القهاوى والمكاتب الكتير اللى موجودة فى الشارع والرزق بيحب السعي”.
وطالب وليد، بمعاش يساعده على تلبيه احتياجاته، قائلاً: “انا تعبت من القاعدة فى الشارع كل السنين دى، وعاوز أرجع بلدي، بس هصرف منين، مطالبًا بمظلة تأمينات اجتماعية وصحية له”.
عمال التراحيل
عمال التراحيل، ليس لهم تأمين صحى ولا أمان وظيفى.. بيشتغلوا يوم وباقى الأسبوع عاطلين.. عمال التراحيل مشكلة كبيرة تواجه مصر.. يتركوا بلادهم لكى يفترشوا أرصفة المدن الجديدة بحثًا عن عمل، هذا ما يؤكد عليه دائما المعنيون بهذا الملف، موضحين أن وزارة القوى العاملة أكدت أنها قامت بإنشاء مكاتب للعمالة غير المنتظمة لمساعدة مثل هذه الفئات، ولكن لا توجد آلية واضحة لعمل هذه المكاتب أو دور ملموس فى مساعدة هؤلا العمالة والتخفيف من معاناتهم، على الرغم من الميزانية الكبيرة التى تم رصدها لهذه المكاتب، إلا أنها لم تتطرق لعمال التراحيل، موضحين أن هذه المكاتب يستفيد منها مقاولو القطاع العام فقط، ولا يعود ذلك بالنفع على القطاع الخاص.
وحتى هذه اللحطة، يصعب على المعنين إيجاد آلى لحصر هذه الفئة والتى تعد قنلة موقوته، والعمل على تخفيف معاناتهم، حيث إن وجود حصر دقيق لهم، يساعد الدولة فى استهداف هذه الفئة بأيه مساعدات أو خدمات كتامين صحى لهم ولأسرهم.
عاطل بلا شغل.
يوسف سعيد 56 عامًا، ولا يمنعه كبر السن من حمل معداته الثقيلة والانتظار فى ميدان المطرية، عقب شروق الشمس وحتى نهاية اليوم، انتظارًا للعمل كما بدأ كلامه، فيقول لدى 6 أبناء استطعت تعليمهم، ولكن لم استطع توظيف من أنهى تعليمه منهم، حتى يكونوا قادرين على تحمل مسئولية أنفسهم ومساعدتى بعد أن وصلت الى هذا العمر ولم أعد استطيع العمل فى هذه المهنة، ولذلك تقدمت لأكثر من مرة لوزارة التضامن لحصولى على معاش لوصولى لهذا العمر ولكن الرد كان دائمًا أننى لا استحقه.
وأضاف، أنا من سوهاج فى الصعيد، وقد سافرت أنا وعدد من أبناء قريتى للعمل فى ليبيا وكانت الأمور مستقرة، وأرسل ما أوفره من أموال لأسرتى، ولكن بعد الثورة، والأحداث المأساوية التى يمر بها هذا البلد من أعمال إرهابية وغيرها، رجعنا إلى قريتنا لنجد أنفسنا عاطلين بلا شغل ولا أموال نصرف بها على أسرنا، متابعًا، فلم أجد أمامى إلا السفر إلى القاهرة، وبعد رحلة كبيرة من البحث عن وظيفة لم أجد إلا ميادين القاهرة الواسعة لاجلس فيها منتظرا الفرج.
وتابع، “ولادى مش لاقين شغل، وانا مش عاوزهم يجوا يقعدوا قعدتى فى الشارع، والشغل اللى بيبقى فى الاعلانات مرتباته صغيرة جدا متكفيهوش، والشباب عاوز يتزوج ويفتح بيت، وهيعمل دا ازاى بالمرتبات دي”.
عمال المخابز
طالب العديد من القيادات العمالية بضرورة تعديل قانون التأمينات الاجتماعية الجديد، موضحين انه يتسبب فى الإضرار بفئة كبيرة من القطاعات العمالية.
وابرز العمال التى ستتضرر من هذا القانون، هم عمال المخابز، حيث ألغى القانون، دعم الدولة لرعاية هؤلاء العمال تأمينيًا واجتماعيًا، وسيجرى بمقتضاه، زيادة أعباء المعيشة بتحملهم اشتراكات التأمين الاجتماعي، فى ظل تحايل أصحاب المخابز فى الضغط على تلك العمالة، لتحمل عبء حصة العامل، وصاحب العمل معا، كشرط لتشغيله فى المخبز.
كيف نحمى هؤلاء من الفقر؟
يمن الحماقى: ضرورة التمكين الاقتصادى للأسر الفقيرة
هانى الحسينى: الحكومة لا تطبق العدالة الاجتماعية
سامية قدرى: توفير الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية
كامل السيد: شهادة أمان المصريين ليست معاشًا تأمينىًا
أغلب المهمشون..المطحونون.. الذين تحدثنا معهم وعنهم يواجهون مشكلات متعددة اهمها الفقر, وتناقص فرص العمل.. واذا وجدوا فرصة عمل فأنهم يعملون دون تأمينات او معاشات او رعاية صحية او تعويضات فى حالة اصابات العمل.. والسؤال هل هناك وسيلة للتأمين عليهم..هل يجب أن توفر لهم الدولة معاشا كريما يحميهم من غدر الزمن؟!.
رغم أن الحكومة أطلقت مجموعة من برامج الحماية الاجتماعية خلال السنوات الماضية للتخفيف من حدة الاصلاح الاقتصادى على الفقراء، وشملت هذه البرامج كلا من “تكافل وكرامة، ومبادرة حياة كريمة”، إلى جانب دعم السلع التموينية الا أن هذه البرامج ليست كافية لمواجهة الفقر؟! وذلك بشهادة أغلب الحالات التى تقابلنا معها .
ومن جانبها اكدت د.”يمن الحماقى” استاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن اقل الطرق كفاءة لمواجهة الفقر فى هذه المرحلة الانتقالية هو الدعم النقدى لانه اسلوب ثبت فشله, مشيرة الى أن التمكين الاقتصادى للاسر الفقيرة من الاجراءات الحمائية المطلوبة فى الوقت الراهن, وهو اهم كثيرا من المنح المؤقتة والبرامج الاجتماعية, فيجب وضع خطة واضحة للتمكين الاقتصادى لابناء الطبقة الكادحة بمعنى توفير فرص عمل لهم ومساعدتهم على عمل مشروعات لها عائد مضمون وتمكنهم مستقبلا من الاعتماد على أنفسهم, وشددت على ضرورة الاهتمام بقطاع الصناعة والزراعة لانهما من القطاعات التى تعطينا فرصا لتنوع هيكل الانتاج, مشيرة الى أن جميع الدول الناجحة فى مواجهة الفقر ركزت على التمكين الاقتصادى للنهوض بالاسر الفقيرة وحل المشكلة من جذورها .
وأكد د.”هانى الحسينى”القيادى بحزب التجمع والخبير الاقتصادى, أن الحكومة لم تتبنى مبدأ العدالة الاجتماعية الواجبة من اجل حياة كريمة لكل المواطنين, ولكنها تركز على الحماية الاجتماعية, وهناك فرق كبير بين العدالة الاجتماعية والحماية الاجتماعية، مشيرا إلى أن مبدأ العدالة الاجتماعية يعنى تحمل الاغنياء للجزء الأكبر من الاعباء الاقتصادية , وحصول الفقراء على نفس الحقوق التى يحصل عليها الاغنياء كالعمل والتعليم والصحة وهذا ليس موجودا فى مصر, فالمواطن الفقير هو الضحية للاجراءات الاقتصادية الصعبة التى انتهجتها الحكومة, ولذلك تسعى الحكومة لحمايته اجتماعيا حتى لا يزداد فقرا وذلك عن طريق تحويل دعم نقدى مؤقت ومشروط مثل برنامج تكافل وكرامة .
وتابع، أن الدولة تحاول التوسع فى هذه البرامج الحمائية, وفى نفس الوقت تتجه الى تقليص الدعم الحقيقى الموجه للمواطن الفقير.. مشيرا الى أن هذه البرامج تأتى تنفيذا لنصائح صندوق النقد الولى والبنك الدولى, والتى يوصى بها لضمان عدم حدوث توترات اجتماعية بعد تنفيذ اجراءات الإصلاح, أى أن الهدف منها سياسى وليس هدف اقتصادى اجتماعى, واضاف ان مواجهة تزايد معدلات الفقر تتطلب برامج عدالة اجتماعية تتمثل فى تكافؤ الفرص فى توزيع معدلات النمو, ووضع برامج شاملة لمحاربة البطالة وتوفير فرص عمل دائمة وليست مؤقتة, وارساء قواعد هدفها تحسين مستوى المعيشة وخفض الاسعار. وتابع: أما برامج الحماية الحالية فهى مجرد مسكنات للازمة, ويخشى “الحسينى” تفاقم الاوضاع وزيادة الشعور بالحرمان فى حالة عدم اتخاذ اجراءات العدالة الاجتماعية وهو الامر الذى ينذر بكارثة حقيقية.
أما د.”سامية قدرى”استاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، فأوضحت انه عند مواجهة الفقر لابد العمل على نوعين من الفقر وهما فقر القدرة والفقر المادى, مشيرة، الى أن فقر القدرة يعنى عدم عدم امتلاك القدرات التى تمكن الافراد الخروج من دائرة الفقر، مثل ملكية بعض الأصول، كالأرض أو المسكن أو التعليم والمهارات الفنية، والمستوى الصحى الملائم , اما الفقر المادى هو عدم قدرة الفرد على توفير الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية من الطعام والمسكن والملابس وخدمات التعليم والصحة والمواصلات, ومواجهة الفقر المادى يتطلب تحسن دخل الفرد حتى يستطيع تلبية احتياجاته الاساسية, وبالتالى تحسين مستوى معيشته, اما مواجهة فقر القدرة فيجب العمل على توفير الخدمات الصحية والتعليم الجيد وتوفير بيئة نظيفة ووسائل مواصلات باسعار مخفضة واماكن للسكن ملائمة.. وبالتالى فدور الدولة أن تعمل على محورين لمواجهة الفقر الاول: توفير فرص عمل للمواطنين لتحسين الدخل, وتحسين مستوى المعيشة, اما المحور الثانى تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.
اما فيما يخص وثيقة أمان التى اصدرتها الحكومة للتأمين على المصريين الفقراء غير الخاضعين لاى نظام تأمينى، فأكد “”كامل السيد” الخبير التأمينى أن شهادة أمان المصريين ليست معاشا تأمينىًا فهى تصرف فى حالة الوفاة فقط دفعة واحدة أو تستبدل بمعاش شهرى لمدة 5 سنوات أو 10 سنوات حسب الاختيار دون تغطية باقى المخاطر مثل الشيخوخة والعجز والإصابة التى ينتج عنها عجز جزئى أو عجز كامل ودون أن تكون لوزارة التضامن مسئولة عن هذه الوثيقة .
وكشف”كامل السيد” أن معاش المواطن وفق هذه الشهادة سيبلغ 83،5 جنيه شهريا إذا رغب الورثة فى صرفه لمدة 10 سنوات ويبلغ 167 جنيها شهريا إذا رغبوا فى صرفه على 5 سنوات وفقا للشهادات الإدخارية التى يصدرها البنك لمشترى تلك الشهادات.
ويدفع الخاضعون لكل شهادة 500 جنيه وبحد أقصى 5 شهادات بإجمالى 2500 جنيه على مستوى جميع البنوك المختصة واشتراكا شهريا أربعة جنيهات لمدة 3 سنوات دون أن يدفع صاحب العمل أية اشتراكات أوتكون عليه أى التزامات تجاه العمال الذين يستخدمهم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.