“المتفورمين، شيتوكال، أبلكس ” مواد مجهولة المصدر، صنعت بعيدا عن وزارة الصحة، وانتشرت في الآونة الأخيرة بشكل كبير عبر برامج طبية مختلفة عن طريق ظهور أحد الأطباء على شاشات التليفزيون، يروج لشراء هذه المنتجات، الأمر الذي وصفه المتخصصون ب ” تجارة الموت “، ورغم صدور قوانين تحمي المواطن من أن يقع فريسة لطبيب يهدف إلي تحقيق منفعة مالية، إلا أن تلك القوانين تظل خارج الخدمة، الأمر الذي يعد خطرا جسيما يهدد صحة المواطنين. تفتح ” الأهالي ” ملف “فوضى الإعلانات سواء بظهور الصنف الدوائي نفسه، أو ظهور الطبيب في أحد البرامج الطبية، للترويج عن نفسه، في محاولة لإلقاء الضوء على أبعاد هذه الظاهرة وسبل وضع الحلول اللازمة لها . فقالت أسماء محمد، تبلغ 27 عاما، وقعت ضحية طبيب مشهور يظهر باستمرار علي القنوات الفضائية، معلنا أثناء ظهوره عن أرقام وعناوين عيادته الخاصة ليوجه المشاهدين إلي الذهاب إليه، وهو ما أقدمت عليه، وبالفعل تواصلت معه الضحية وكانت تعاني من آلام في الظهر، نتيجة لانزلاقها عليه، فأخبرها الطبيب أنها بحاجة إلي جراحة لتثبيت الفقرات القطنية. وأوضحت أنها خضعت للجراحة، لكنها تعرضت لمضاعفات داخل غرفة العمليات عبارة عن ثقب ولم يتطلع الطبيب إلي معالجة ذلك في الحال وأنهي العملية دون سد الثقب وهو ما أصابها بعد ذلك بوجود سائل في النخاع الشو كي، قائلة : ” وثقت في الطبيب، اعتقادا منى أنه مشهور وشاطر في مجاله، ولأنه يظهر في التليفزيون ويعلن نفسه، لكني سقطت ضحية لقلة خبرته وضعف مهارته ” . فكيف لطبيب أن يظهر في برنامج تليفزيوني ويعلن نفسه ويجذب المشاهدين لعيادته الخاصة، دون تأكد القناة من هوية الطبيب ودرجته العلمية وأنه يتحدث في تخصصه، ويحمل ترخيص من النقابة أو الوزارة، للخروج في البرامج التليفزيونية، وتقديم معلومات طبية دقيقة؟ . آداب المهنة ومن جانبه أكد الدكتور إيهاب الطاهر، الأمين العام لنقابة الأطباء، أن لائحة آداب المهنة تمنع الطبيب من الترويج عن نفسه في وسائل الإعلام أو السوشيال ميديا وإلا يتحول ظهوره الإعلامي من توعية للمواطن إلي دعاية، موضحا أن الترويج يشمل إعلان أرقام علي الشاشة للتواصل مع الطبيب أو عيادته . وأشار، إلى أنه بالرغم من ترويج الطبيب لنفسه عبر البرامج التليفزيونية، يعد مخالفة واضحة للائحة آداب المهنة إلا أن النقابة لا تملك معاقبة الطبيب علي هذه المخالفة إلا إذا تقدم أحد من المواطنين بشكوى في النقابة أو أي من أعضاء النقابة في هذه الحالة، تستدعي النقابة هذا الطبيب للتحقيق معه . وأوضح أن وزارة الصحة يمكنها أيضا التحقيق مع هذا الطبيب المخالف ولكن في حال تقدم أي من المواطنين بشكوى ضده وذلك طبقا لنص المادة رقم 18 من الدستور، والتي تنص علي أن الوزارة هي المعنية بالرقابة علي الإعلانات الصحية، ولكن لا تطبق، مشددا أنه بالرغم من هذا النص الدستوري، إلا أن شاشات التليفزيون، في تزايد مستمر بالبرامج، التي تقدم الأطباء، ليعلنوا عن أنفسهم مقابل مبلغ من المال يدفعه الطبيب لإدارة القناة، وبالتالي فأن ظهوره بهذا الشكل، هدفه ” البيزنس ” وشراء مواطنين لتوجيههم إلي عيادته الخاصة وليس بهدف تقديم التوعية لهم . وأضاف، أن الطبيب الذي يظهر علي الشاشة هو طبيب مجهول الهوية بالنسبة للمواطنين، فلم يعد يملك هذا المواطن القدرة علي التأكد من أن هذا الطبيب ذو كفاءة عالية في التخصص الذي يتحدث فيه لكنه يثق فيه، بسبب ظهوره علي شاشة التليفزيون وهو ما يضع القنوات الفضائية في مقدمة تحمل مسئولية قلة خبرة هذا الطبيب، لأن القناة هي من تسمح له بالظهور وهي من تقدمه للمواطنين، وبالتالي هي المسئولة عن المحتوي المقدم وما إذا كان المحتوى المقدم علميا دقيقيا أم غير ذلك . قانون بلا لائحة أما الدكتور خالد سمير، أمين صندوق نقابة الأطباء الأسبق، فقال أن القانون لم تصدر له لائحة حتى الآن، وذلك بسبب وجود مشكلتين الأولي عدم وجود جهة رقابية للبحث عن المخالفات وضبطها والثانية عدم تناسب العقوبة مع الفعل. وتابع أن القانون ينص علي تشكيل لجنة تقوم بمنح ترخيص للطبيب قبل ظهوره في الإعلام، حتى يتم التأكد من هويته ودرجته العلمية قبل ظهوره في التليفزيون حفاظا علي حياة المواطنين الذين يتلقون منه المعلومة، وبدون وجود هذا الترخيص سيجد الطبيب عائقا في الظهور بأي من البرامج التليفزيونية . وأوضح أن هذا الترخيص يحارب من بعض رجال الأعمال أصحاب المصالح، خاصة أن أغلب القنوات الفضائية ملك لرجال أعمال وظهور الطبيب في أي من القنوات، يحقق له أرباحا طائلة، لأن ظهوره يعتبر فقرة إعلانية مدفوعة الأجر وفي حال تطبيق القانون 206 وضبط ظهور الأطباء الإعلامي، سيخسر أصحاب القنوات أجر ظهورهم الذي يتقاضونه بآلاف الجنيهات، لذلك فإن القانون معطل وتشكيل اللجنة معطل بسبب مصالح عليا . وأشار إلى أن النقابة العامة للأطباء تقدمت بشكوى للمجلس الأعلى للإعلام طالبت فيها أن يخاطب المجلس جميع القنوات الفضائية بألا يستضيفوا أي من الأطباء ولا يسمحوا له بالظهور الإعلامي إلا بعد تقدمه بالتصريح الذي يحصل عليه من اللجنة المشكلة بموجب ” القانون 206 ” ، غير المفعل حتى الآن، لكن المجلس لم يرد علي الشكوى . كما استغلت الشركات غير المرخصة، هوس المواطنين بتحقيق أحلامهم “التخسيس” دون أي معاناة، وذلك عبر قيام بعض القنوات الفضائية في الترويج للعديد من أدوية التخسيس السريع مصحوبة بكلمات براقة وتجارب لشخصيات وهمية، تحققت أحلامهم بمجرد تناول الكبسولة أو كيس من الدواء . فتلك الشركات تروج هذه السموم، على أنها مجموعة من الأعشاب الآمنة، التي تساعد على الإحساس بالشبع السريع دون الحاجة للحرمان من الطعام أو ممارسة الرياضة الشاقة، حيث يقوم المواطن بشراء تلك الأدوية، لتحتل تجارة بيع “وهم التخسيس”، والتي تمثل وفقا لمنظمة الصحة العالمية نحو 10 مليارات جنيه، وهو ما يمثل 10 % من حجم مبيعات الدواء بها، وستصل بحلول عام 2020 إلى 17 مليار جنيه. أضرار خطيرة هوس التخسيس دفع العديد من المواطنين، لخوض تجربة تخفيض الوزن، ودون النظر إلى الآثار الجانبية، التي تترتب عليها من أمراض قد يتعرضون لها، وهو ما أكدته الدكتورة ملك صالح، خبيرة التغذية وأستاذ بالمعهد القومي للتغذية، بأن أدوية التخسيس مرفوضة تماما لخطورتها البالغة، مهما كانت طبيعية، لأنها تؤثر على أشياء كثيرة في الجسم، وأيضا كل الجراحات المتعلقة بشفط الدهون أو تصغير حجم المعدة، مرفوضة تماما، وله أضرار خطيرة ولا يأتي بنتائج حقيقية. وأضافت أن تناول أدوية التخسيس بعيدا عن استشارة الطبيب، يؤدى إلى زيادة الوزن، مبينة أن الأدوية التي تعمل على فقدان الشهية، أشد ضررا على الإنسان، وتجعله أكثر شراهة للأكل وتخزينا للدهون بمجرد تركه للدواء، بالإضافة إلى أن هذه الأدوية تسبب العصبية، والاكتئاب وزيادة سرعة ضربات القلب، وجفاف الجسم وسوء التغذية والصداع والتعب والإمساك والدوار وفقدان الشعر وفقدان العضلات، أما الأعشاب تكون في الغالب من نباتات مجهولة يمكن أن تسبب الضرر للكلى والكبد. وحذرت من تناول عقار “المتفورمين” لخفض الوزن، بسبب خطورته البالغة، لأنه من أدوية خفض السكر في الدم، مما قد يسبب أضرارا على الإنسان، موضحة أن الأساس في القضاء على تجارة هذه الأدوية هو التوعية وتغيير ثقافة المواطنين، فهي تحقق مكاسب خيالية على لأصحابها، فسعر المنتج الواحد يتجاوز ال500 جنيه. وأكدت أن كل الأدوية المعلن عنها من خلال الإعلانات التليفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي غير آمنة وبالغة الخطورة، لذلك لا يمكن الاعتماد عليها في خفض الوزن، مشددة أن الريجيم الصحي يعتمد على تناول وجبات صحية، تساعد في زيادة الحرق وتقليل نسبة الدهون مع ممارسة الرياضة. وهم وتضليل كما قال الدكتور على عوف، رئيس شعبة الأدوية بالغرف التجارية، أن ما يعرض من منتجات التخسيس على شاشات التليفزيون ” وهم وتضليل “، حيث أن دواء مثل ” شيتوكال ” للتخسيس، يعتمد على إخراج الدهون من الجسم دون الامتصاص، ويتسبب في اضطراب المعدة والشعور بالغثيان والإمساك، وكذلك الأعشاب مثل ” أبلكس ” فهي مواد مجهولة المصدر وتعد منتجات غير قانونية، ومصنعة بعيدا عن إشراف وزارة الصحة، ولا ينصح باستخدامها . وأشار إلى أن إدارة الغذاء والدواء في أمريكا، حذرت من استخدام المنتجات التي تحتوى على ” Garcinia Cambogia “، لما لها من تأثير على صحة الكبد، كما أنه يتفاعل مع أدوية الربو والحساسية وأدوية السكر وأدوية الحديد الخاصة بعلاج الأنيميا وأدوية خفض الكولسترول . وأكد أن أدوية التخسيس مجهولة المصدر والمنتشرة على بعض القنوات الفضائية، لها 4 آثار جانبية أساسية بشكل عام، وهى التأثير على الكبد، ومشاكل الجهاز الهضمي، ومشاكل المسالك البولية، وارتفاع مستوى البولينا في الدم، وكذلك حساسية على الجلد مما يؤثر على الجهاز المناعي. عدم تطبيق القانون وعن دور نقابة الصيادلة في السيطرة على هذه التجارة، قال الدكتور مصطفى الوكيل، وكيل نقابة الصيادلة ، إن أي دواء طالما كان غير مسعر أو مسجل بوزارة الصحة فهو يعتبر دواء فاسدا وغير صالح للاستخدام الآدمي بنسبة 100 % ومجهول المصدر، ومن يدعى الحصول على تراخيص من الوزارة، فهو كاذب، لذلك لا يتم الإعلان عن رقم الترخيص على شاشات التليفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي، مطالبا الدولة بضرورة التحرك السريع لضبط الفوضى الإعلانية على شاشات التليفزيون. وأشار إلى أنه تم إقرار قانون في عام 2017 بالتعاون بين النقابة ولجنة الصحة بمجلس النواب، لتنظيم الإعلان عن المنتجات الصحية، وتضمن كيفية الإعلان وجهات الرقابة عليه وفحص الدواء قبل الإعلان عنه، مؤكدا عدم تطبيق القانون حتى الآن، رغم التصديق عليه من رئيس الجمهورية، وتم إرسال استفسار لرئاسة الوزراء، لمعرفة مصير القانون وعدم تطبيقه . وتابع أن المواد المصنع منها أدوية التخسيس المتداولة على الشاشات غير معلومة المصدر ومدى فعاليتها كونها تصنع بعيدا عن أعين الرقابة، ولا نضمن سلامتها عند استخدامها وقد تسبب كوارث تؤدى للوفاة، فهي مجرد أدوات نصب على المواطنين في وهم الشفاء والتخسيس، فالنقابة لا يوجد لديها حصر بهذه الأدوية كونها مجهولة المصدر وغير مرخصة، موضحا أنه من السهل على المواطن التأكد من أن الدواء مرخص من خلال الرقم المكتوب على العبوة .