فى ظل تنفيذ خطط الدولة للإصلاح الاقتصادى والتى كان آخرها رفع النسبة المقررة من دعم المواد البترولية وزيادة سعر تذكرة المترو، وما تبع ذلك من ارتفاع أسعار فى جميع أسعار السلع والمنتجات، فقد ذكر تقرير حديث لوكالة "موديز" للتصنيف الائتماني، أن الأجور الحقيقية للعاملين بمصر قد شهدت تراجعاً كبيراً خلال العام الماضي، موضحًا أنه بالمقارنة بين نمو الأجور الأسبوعي الأكبر خلال عام 2017 عند مستوى 11.5%، ومتوسط معدل التضخم ب30.7% خلال نفس الفترة، فأن ذلك يشير إلى تدهور حاد فى الأجور الحقيقة بمصر خلال العام الماضي. وأوضحت الوكالة، أنه وفقاً لتحليل أثر الفقر، والذي أصدره البنك الدولي مؤخراً، فإن زيادة أسعار الوقود على مستوى العالم ستستحوذ على 5.5% من نفقات الأسر فى المتوسط، وذلك قبل اتخاذ أي تدابير تخفيفية. ونوهت "موديز"، إلى تطبيق الحكومة ضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات بنسبة أولية 13% فى أغسطس 2016، لترتفع ل14% بشهر يوليو الماضي، مشيرة إلى أن ارتفاع أسعار المحروقات، جاء عقب زيادة مماثلة فى شرائح أسعار الكهرباء، وإقرار تعريفة جديدة للاستهلاك المنزلي من مياه الشرب. وقالت "موديز"، أنه على الرغم من ذلك، فأن نظرة الوكالة للاقتصاد المصري مشرقة، فى ظل تنفيذ الإصلاحات الجديدة، ومن خلال تسليط الضوء على فوائد تلك الإجراءات، بعد مرحلة تعديل حتمية. ويرى الخبراء أن الأزمة تكمن وبصورة أكبر بالنسبة للعاملين بالقطاع الخاص، التى تمثل غالبية الأيدى العاملة، حيث أنه إلزام أصحاب الأعمال بالالتزام بالعلاوات المقررة، وحتى الحد الأدنى للأجور عند إقراره سيشهد صعوبة كبيرة، فضلا عن العمالة غير المنتظمة والتى ليس لديها صاحب عمل ثابت. ضبط الأسعار يرى، د. رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والسياسية، والخبير الاقتصادي، أن الدخل الحقيقى فى ظل هذه الزيادات المتعاقبة فى الأسعار، أصبح لآ يلبى وحدات الخدمات وأصبحت القوة الشرائية لرواتب العاملين فى انخفاض ملحوظ، موضحًا أن خفض دعم الطاقة وما صاحبها من إجراءات كان له تأثير وبصورة مباشرة على المستوى المعيشى للمواطنين. وتابع، أن العلاوات التى أقرتها الدولة تعد خطوة أولى على الطريق لتخفيف العبء عن المواطنين، ولكن لآ يمكن الاعتماد على هذه الإجراءات فقط بصورة كلية، ولآبد من فرض الرقابة على الأسواق وهى الخطوة الأهم، وإصدار عدد من الإجراءات الصارمة للمخالفين تصل إلى سحب تراخيص التجار المخالفين، أو عمل قامة سوادء لهم، ومتسائلا، أين ذهبت اللجنة التى تم تشكيلها لتحديد هامش ربح للتجار، وذلك بالتنسيق مع اتحاد الغرف التجارية والجهات الأخرى المعنية؟، مطالبًا بتفعيل عمل هذه اللجنة وتحديد هامش ربح وليس تسعيرية جبرية، وخاصة فى ظل وجود حكومة جديدة. وأضاف عبده، أنه يجب على وزارة التموين التعاقد مع الفلاحين بصورة مباشرة وإلغاء دور الوسيط مما يساعد على خفض الأسعار، فضلا عن تعظيم دور الشركة القابضة للصناعات الغذائية فى توفير السلع الغذائية للمواطنين بأسعار مناسبة لمنافسة القطاع الخاص وإجباره على خفض أسعاره، مشيرًا إلى أنه رفع الحد الأدنى للأجور لن يكون له تأثير دون تثبيت مستوى أسعار السلع. الإنفاق الحكومى وأكدت د. يمن الحماقى، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن قرارت الإصلاح الاقتصادى التى تتم تتطلب من الدولة اتخاذ مزيد من الإجراءات لمواجهة الظروف الحالية، موضحة أن أسعار المحروقات هى المتحكم فى عملية نقل السلع، وبالتالى سنشهد موجة كبيرة من ارتفاع الأسعار، لآفتة إلى أن هناك مشكلة تتمثل فى أن جميع برامج الحزمة الاجتماعية غير كافية لمواجهة غلاء الأسعار. وأضافت استاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن معدلات الفقر فى زيادة مستمرة، وذلك نتيجة ارتفاع الرهيب فى الأسعار، قائلة " أن تكاليف الإنتاج تقلقنا، ولا بد أن تراقب الحكومة مصاريف الإنتاج للمنتجين". وقالت الحماقى، إنه كلما قلت الكفاءة فى أداء الحكومة تضطر إلى الوسائل السهلة مثل رفع الأسعار، وعلى الرغم من وجود إسراف فى الإنفاق الحكومي وفساد كان لا بد من مواجهته قبل رفع الأسعار، لكن ذلك لا يحدث، مضيفة، أن ما يفعله الرئيس السيسي هو تصحيح أخطاء 60 سنة. بيانات عاجلة وقال خالد عبد العزيز شعبان، عضو لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، إنه تمت المطالبة بإلقاء بيانات عاجلة خاصة بزيادة أسعار السلع والخدمات، موضحًا أن هذا الأمر قوبل بالرفض من قبل رئيس المجلس، وذلك خلال انعقاد الجلسة العامة مطلع الأسبوع الحالى. وأضاف عضو لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، أنه إذا أرادت الدولة تطبيق اقتصاديات السوق الحر بصورة كاملة، فيجب عليها أن تطبق منظومة أجور طبقا للأجر العالمى، مضيفًا أن خط الحد الأدنى للفرد على مستوى العاملة تم تحديده تقريبا ب 240 دولارا للأسرة، وهو ما يوازى 4300 جنيه تقريبًا، لأفتًا إلى أن هذا الرقم يجب أن يكون هو الحد الأدنى للأجور، حيث أنه تم تحرير أسعار جميع الخدمات، مضيفًا أن العاملين بالقطاع الخاص يواجهون أزمة الأن وهو كيفية تطبيق حد أدنى لهم وإجبار صاحب العمل على ذلك. تدخل الدولة وفى نفس السياق، أكد عبد المنعم الجمل، عضو ساب فى المجلس الاعلى للاجور، أن الدولة تعكف خلال الفترة الحالية لاتخاذ عدد من الإجراءات الحمائية للتخفيف على المواطنين، ولكنها ليست بالقدر الكافى التى تجعل المواطنين يواجهون هذه الزيادة الضخمة فى جميع السلع والخدمات، لآفتًا إلى أن منظومة التموين ومنظومة تكافل وكرامة والعلاوات الخاصة إحدى برامج الحماية الاجتماعية، ولكن يجب أن يكون هناك المزيد. ولفت رئيس النقابة العامة للعاملين بالبناء والأخشاب، إلى ضرورة إعادة النظر فى الحد الأدنى للأجور، موضحًا أن يجب وضع حد أدنى للأجر الأساسى، وعندما تم وضع مبلغ 1200 جنيه كحد أدنى قبل البدء فى إجراءات الغاء الدعم وتحرير سعر الصرف لم نوافق على هذا الرقم، ولذلك وطبقًا للظروف الحالية فإن وضع حد أدنى يتماشى مع الظروف الحالى أصبح أمر بديهى، ويتم حساب معدلات التضخم بشكل دقيق وليس بصورة عشوائية ليست مرتبطة بالواقع. توفير بدائل وقال القيادى العمالى وعضو حملة الدفاع عن الحقوق والحريات النقابية، صلاح الأنصارى، إن الحركة النقابية يقع عليها دور كبير فى العمل على توفير بدائل تخفف من عبء زيادة الأسعار على جميع العاملين، وكذلك منظمات المجتمع المدنى، فضلا عن الدور الرئيسى للأحزاب السياسية، وذلك من خلال عرض بدائل لطرحها على الحكومة وجميع المسؤولين تساعد فى النهوض بالمستوى المادى للعامل. وتابع الأنصارى، أنه يجب تطبيق سياسة العدالة الاجتماعية وليس برامج حماية اجتماعية، ويجب تطبيق علاوة للتضخم، حيث يتم زيادة الرواتب طبقًا لمعدلات التضخم، حتى يشعر العامل أن هناك تعويض حقيقى يضاهى ولو بنسبة متوسطة الزيادة فى الأسعار. اجتماع عاجل ومن جانبه، قال شعبان خليفة رئيس النقابة العامة للعاملين بالقطاع الخاص، إن العامل الفقير هو الوحيد الذي يتحمل قرار ارتفاع أسعار المحروقات التي زادت بنسبة 35% تقريبا، وأدت إلى زيادة كافة السلع الضرورية رغم كونهم أقل شريحة فى الدولة تحصل على راتب، مؤكدًا أن العامل المصري البسيط أصبح لآ يتحمل فى الوقت الحالي غلاء الأسعار. وشدد على ضرورة تدخل رئيس الحكومة، لدعوة المجلس القومي للأجور للانعقاد، أعمالا للمادة (24) من قانون العمل 12لسنة 2003م المخاطبين به الأن، وتنص على، يختص المجلس القومي للأجور بوضع الحد الأدنى للأجور على المستوى القومي بمراعاة نفقات المعيشة، وإيجاد الوسائل والتدابير التي تكفل تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار. علاوة استثنائية وكانت الجريدة الرسمية قد نشرت، قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي، بمنح علاوة خاصة وعلاوة استثنائية للعاملين بالدولة، بعد موافقة مجلس النواب، ونصت المادة الأولى من القرار على أن يكون الحد الأدنى لقيمة العلاوة الدورية المستحقة للموظفين المخاطبين بأحكام قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016 المستحقة 1 يوليو 2018 طبقا للمادة 37 منه، مبلغ 65 جنيها شهريا. وتنص المادة الثانية على أن يمنح العاملون بالدولة من غير المخاطبين بأحكام قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016 اعتبارًا من أول يوليو سنة 2018 علاوة خاصة بنسبة 10% من الأجر الأساسي لكل منهم فى 30/6/2018 وفى تاريخ التعيين بالنسبة لمن يعين بعد هذا التاريخ بحد أدنى 65 جنيها شهريًا، وتعد هذه العلاوة جزءا من الأجر الأساسي للعامل، وتضم إليه اعتبارًا من أول يوليو 2018. وتنص المادة الثالثة على أن يمنح الموظفون المخاطبون بأحكام قانون الخدمة المدنية المشار إليه، والعاملون غير المخاطبين به اعتبارًا من أول يوليو سنة 2018، علاوة استثنائية بفئات مالية مقطوعة بواقع 200 جنيه شهريًا للدرجات المالية الرابعة فما دونها، و190 جنيها شهريًا للدرجات المالية الأولى والثانية والثالثة، و180 جنيهًا للدرجات المالية مدير عام فما فوقها.